2017-04-19 

لا يسرفون لكن يسرقون !

د.وجدان فهد

عندما ُهزم الألمان في الحرب برز شخص واحد هو «لودفيج إيرهارد» الملقب بمنقذ ألمانيا وصاحب فكرة اقتصاد السوق الاجتماعي ، وقال: لنعمل عشر ساعات في اليوم وعلى مدى ستة أيام أسبوعيا، وقد تقبَّلت القوى العاملة طلبه وقفز الاقتصاد الألماني ليكون في مقدمة اقتصادات العالم، لكن من ينظر الى حال غالبية البلاد العربية  يجد بأنها قد انشغلت   بالتخريب والحرق والتدمير وإشعال الفوضى  بدلا من الانشغال ببناء أوطانها ، والإعلام الدعائي يكذب على ابناء العرب  أن الغد سيكون أجمل.

 

 

لنأخذ إنجاز  المعاملات في الدوائر الحكومية مثالا على البيروقراطية التي تشكل  أضخم ظاهرة سلوكية تعيق الإنتاجية في مجتمعاتنا وتبعث على السخط الشعبي . فنحن لا ينتقص دوائرنا عدد الموظفين والمؤهلين بلقد تعاني بعضها زيادة في عددهم انما المشكلة في عجزهم عن اتخاذ القرار وتحمل مسؤوليته ، والسبب هو الخوف من المحاسبة والإلقاء بالمسؤولية على الآخرين  حتى أضحت  العبارة الأكثر ترديدا على السمع هي "اذهب للمسؤول"!  . 

 

 

ظاهرة سلوكية اخرى تتفشى بين الموظفين في القطاع العام انهم لا يسرفون في الموارد ، لكنهم يسرقون ساعات العمل. فعدد كبير من الموظفين لا تزيد إنتاجيتهم على ساعتين يوميا، بل هناك دول في الخليج موظفوها الحكوميون تقل إنتاجيتهم عن نصف ساعة يوميا.

 

 

مثال آخر وهو تعطيل الفصل في القضايا والمماطلات في تنفيذ الأحكام حتى في ابسط القضايا كإصدار شيك بدون رصيد ، اذ يصدر الحكم بعد خمس سنوات والطامة الكبرى تقسيط المبلغ على  خمس سنوات أخرى!! وعلى ذات السكٓة نجد أنّ جمعيات حقوق الإنسان ينشغلون ويتحيَّزون إلى شخص واحد إلى درجة إهانتهم للقضاء ولحكمه.. ولكن هذه المنظمات الحقوقية والجمعيات لا تنتقد القضاء عالميا في اللامبالاة بسرعة الإنجاز في الفصل بالقضايا .

 

 

ومع عشاق البيروقراطية ومدمنيها نحتاج الى شيء من الديكتاتورية لاستنهاض الهمم كما عملت سنغافورة،  فزعيمهم الراحل «لي كوان يو» استطاع بنظامه الصارم  أن يحول سنغافورة إلى واحة اقتصادية واستثمارية  جاذبة ومستقطبة  للشركات المتعددة الجنسيات وللشركات الامريكية والأوربية ، وتحولت في غضون عقود قليلة الى اهم الدول المصدٓرة للإلكترونيات في العالم . 

 

وكذلك كوريا الجنوبية استطاعت خلال عقدين  فقط أن تكون في المرتبة الثانية بعد اليابان في التقدم الصناعي، والسبب هو نجاحها في جمع الشعب الكوري وحشد جهوده على قلب رجل واحد يحترم أوامر قادته، أما من يتأمل في عالمنا العربي يرى بوضوح كيف استبيحت الفوضى والتراخي تحت شعارات الديموقراطية والحريّة والحقوق . 

 

 

حقا .. أن الشعوب الآسيوية الصفراء كلها شعوب ناجحة من دون ديمقراطية. بينما شعوب العرب اعتادت ان تنتقد حكوماتها دون ان تنتقد المجتمع الذي  ربَّى المسؤولين والموظفين على الكسل واللامبالاة وسرقة وقت الدولة  وهدر المال العام.


فهل آن الاوان لتهذيب سلوك الشعوب واستنهاض هممها للعمل والإنتاج حتى لا تقف الرؤى القيادية الطموحة عند حدود الحبر التي طُبِعت بها والارقام التي اعتلت عناوينها  ؟!


Sent from my iPad

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه