2015-10-10 

نداء الإغاثة!

عبد المنعم سعيد

كم مرة لاحظت إعلانات فى الصفحة الأولى من كل الصحف الرئيسية فى مصر، يطلب فيها أصحابها الإغاثة من السيد رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى، ورئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب؟ لن يكون هناك اختلاف على أن هذه الحالة شائعة ومتكررة؛ ولأنها مكلفة فمعنى ذلك أن أصحابها بلغ بهم اليأس مبلغه، بحيث لم يعد لديهم من سبيل سوى مخاطبة القيادة العليا فى البلاد مباشرة. قد تختلف الإعلانات المنشورة بشكل أو بآخر عن بعضها البعض؛ ولكنها فى أغلبها يجمعها وجود مظلمة من نوع ما، وهذه المظلمة وصلت إلى القضاء وأصدر فيها أحكاما لصالح المعلنين، ومع ذلك فإن الأحكام لا تنفذ لأن القضية الأصلية تتحول إلى لغز كبير يصعب حله. سوف أضرب مثالا من آخر الحالات: ثلاثة من المستثمرين العرب الذين يحبون مصر كما تعرف؛ اشترى كل منهم أسهما طائلة من شركة جرت خصخصتها منذ سنوات، وفجأة- ودائما هناك فجأة- استيقظت الحكومة المصرية على أن خصخصة الشركة لم تكن عادلة بحكم قضائى، فأعادتها إلى الحكومة مرة أخرى لكى تتمتع بتملكها، ولكنها نسيت أن هناك مستثمرين وملاكا لأسهم هذه الشركة لم يكن لهم ذنب عندما تمت خصخصة الشركة، ولا عندما قاموا بشراء الأسهم بسعر اليوم فى السوق المالية المصرية، ولم يكن فى جدول أعمالهم اللف فى المحاكم المصرية لا سترداد حقوقهم. ولا أدرى ما الذى يفعله رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء فى هذه الحالات، ولكن تعالوا نتخيل حالة السوق، أى سوق فى العالم، تعقد فيها الصفقات بشكل يومى، ثم بعد كل صفقة يقرر واحد من الأطراف أنه فى الأصل اتخذ قرارا خاطئا، ومن ثم لم يعد ملتزما بما تم الاتفاق عليه. لا شك فى هذه الحالة أن فوضى عارمة سوف تضرب السوق كلها، ومن ناحية أخرى أن الساعين للصفقات سوف يترددون قبل عقد صفقات جديدة. الثابت فى كل زمان ومكان أنه لا يمكن تغيير قواعد اللعبة بينما هى جارية؛ فلا يمكن السماح فى منتصف مباراة فى كرة القدم التى لا يستطيع لاعب فيها لمس الكرة باليد؛ بتغيير المباراة إلى كرة السلة التى لا يلعب فيها لاعب دون الإمساك بالكرة، وباليدين!. من الجائز جدا أن المؤتمر الاقتصادى المنعقد حاليا فى شرم الشيخ أن يحوز لمصر استثمارات كثيرة؛ ولكن العبرة ليست فى الاستثمارات وإنما فى تنفيذها، وهذه عليها أن تدخل فى الدائرة الحكومية الجهنمية التى تجعلك دائما حائرا فيما إذا كان مطلوبا أن تفتح الشباك أو تغلقه. أما إذا كانت الشركات الاستثمارية سوف تكون شركات عامة، أى تطرح أسهمها فى البورصة، فإن التأكد من أن قرارات السوق فى أسعار الأسهم سوف تكون ملزمة، ليس الآن أو غدا، وإنما إلى الأبد. القيادة العليا للبلاد للحق ترسل رسالات مطمئنة، ولكن ما عليك إلا أن تجلس مع أى من المستثمرين حتى تجد قصصا وحكايات محملة بالعجب العجاب، منها أنه يطلب أحيانا من المستثمر «المصرى» أن يثبت أنه «مصرى»، فلماذا يطلب ذلك طالما أن هناك بطاقات للرقم القومى ومعها جوازات السفر التى يفترض فيها أنها لا تمنح إلا للمصريين؟ الذى أعرفه أنه لا ينبغى لمستثمر أن يستغيث برئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء، وإذا حدث ذلك فمعناه فشل فادح فى كل مؤسسات الدولة التى عليها أن تحل المعضلات والعقد التى تأتى فى بلد لا يزال يخلط بين واقع اليوم، وحالة «بستان الاشتراكية» التى كنا عليها فى الستينيات. *نقلاً عن صحيفة "المصري اليوم"

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه