2017-07-09 

#المغالطات_القطرية

بدر العامر

نظرة سريعة لردود الأفعال القطرية حول مقاطعة الدول الأربع لها يجد أنها تشبه ذلك المذنب المكابر الذي يريد أن ينجي نفسه بالتشبث بأسباب لا تنفعه ولا تنقذه من تبعات أفعاله ..

 

 

إن الدلالات على " مراهقة السياسة القطرية " في تعاملها مع الحدث كثيرة جداً ، وهذه المراهقة أسهمت في أمرين :

 

 

 

- إدانة الذات وتأكيد التهم الموجهة إليها ..

- تعقيد القضية وتصعيب حلها وهي في النهاية الخاسر الأكيد .

 

 

دلالات العبث في إدارة الشقيقة قطر للأزمة :

 

 

1- يفترض بمن يرى نفسه بريئاً من تهم توجه  إليه أن يحاول إثبات العكس فيحاول جاهداً توجيه  منظومته الإعلامية الرسمية والموجهة وشبه الرسمية إلى نفي التهم لا ترسيخها ، ويقابل هذه الدول العاتبة والساخطة بخطاب يلين القلوب ، ويهديئ الضمائر ، ويستعد للاعتذار والإقرار  ولكن للأسف كل الممارسات كانت عكس ذلك وتدل على إثبات التهم بالحجج الواضحة من قبل الشقيقة قطر ، ومن شواهد ذلك تصعيد الخطاب وترسيخ التهم من خلال الإعلاميين القطريين وموظفي الترسانة الإعلامية القطرية الذين صعدوا خطاب التحريض والاستعداء على الدول المقاطعة وخاصة السعودية ، ومن يقرأ تغريدات وتصريحات إعلاميي الجزيرة ومستشاريها ، القاسم ، ومنصور ، وريان ، ومحمد الشنقيطي ، والعذبة ، وغيرهم من الجيوش الالكترونية القطرية  يجد أنهم يرسخون التهم الموجهه إلى قطر وسيادتها  وأنها تحرض على السعودية ومصروأمن الخليج وتستهدفها .

 

 

 

أضف إلى هذا الاحتفاء بكل شخص تضررت منه هذه الدول أو أدرجته على قوائم الإرهاب ومحاولة استفزازهم بما يدلل بشكل واضح على أن ما يقال ضدهم حق وصدق ، وأنهم قد عزموا على المعاندة والمكابرة وأنهم سوف يذوقون مرالأمر كما فعل أسلافهم من الإخوان الذين لم يستمعوا لنصح الناصحين من العرب والعجم ..

 

 

 

 

2- محاولة القفز على الحقائق السياسية ، وتصوير ممارسة الدول لحقها السيادي والقانوني الدولي في " مقاطعة " من ترى أنه يشكل خطراً على أمنها الوطني والقومي وتسمية ممارسة الدول الأربع بــ( الحصار ) في محاولة دوغمائية تستجلب البعد العاطفي لعموم الناس ومظلومية تستدر العواطف ، ونسوا أن هؤلاء وإن ذرفوا دموع الحزن تأثراً بخطاب مضلل دأبت قطر على ترويجه على الناس إلا أن هؤلاء ليس بأيديهم حل ولا ربط للقضية ، وأن الاتكاء على الشعبوية لم ينجح مساعي الجارة الجريئة في أي من مشروعاتها ، بل هو الذي أوصلها إلى ماهي عليه من وضع مؤسف ، وأن الحل في نهاية المطاف بيد " الرياض " وحلفائها ، إن استجابت الدوحة للمطالب التي نكثتها مرة بعد مرة ، ولاهم يتوبون ولا يذكرون .

 

 

 

 

3- إزدواجية الخطاب العربي / الغربي ، فإذا خاطبوا الغرب بينوا انهم قوم محصورون ، قد نفذت مؤنهم ، وكسدت بضاعتهم ، وأن الحصار قد أضرهم بما يخالف حقوق الإنسان ومواثيق الأمم المتحدة ، فإن كان خطابهم للعرب بينوا أنهم صامدون لم يحرك فيهم الحصار - كما يدعون - ساكناً ، وأنهم لن يسمحوا بمس سيادتهم ، ونسوا أوتناسوا أن العالم أصبح قرية واحده وأن ما يقال للغرب يسمعه العرب باللحظة ، وأن العيون والأقلام والأجهزة ترصد التناقضات ، وتبين العوار ، وتعرف المداخل والمخارج للأفكار .. حتى أصاب العجب الكثير ، أهذه هي قطر الجزيرة التي تقدم نفسها انها أم الاحترافية الإعلامية التي تتاجر بشعارات الرأي والرأي الآخر ، وتستخدم الوسائل المتقدمة في عرض برامجها ، فإذا بها وبعشرين يوم تتبخرحرفيتها ، وتذوب تقنياتها ، وتضمحل إدعاءاتها  ، وتكون فقاعات تذكرنا بتلك التي تخرج مع كورتها من عمق البحر ، وأن إجراء مثل هذا جعل الجزيرة والقائمين عليها وأربابها في حيص بيص .. لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلاً .

 

 

 

 

4- التشبث بالرهانات الخاسرة ، فالإخوان وقادنهم ومنظروهم أثبت التاريخ أن مساعيهم إلى تباب ، وأنهم لم يفلحوا معارضة ولم يفلحوا حكومة ، وان مشروعهم الذي ضحوا لأجله ثمانون سنة هدم في سنة واحدة ، وأن فيهم من الحمق السياسي ، والعته في التدبير وعدم النظر إلى المآلات مالو وزع على أهل الأرض لوسعهم ، وأنهم يلدغون من الجحر الواحد مرات وكرات ، فهل مثل هؤلاء يستحقون أن يضحي عاقل بحكم ودولة ومستقبل وأمن واستقرار ويدخل نفسه في مآزق لا يخرج منها لأجلهم ؟ فأي عقل عند حكام قطر يجعلهم لا يستبصرون الحقائق ؟ وهل يغنيهم أن يقولوا : نحن لا نعتبرهم إرهابيون ؟ أوَيغني القاعدة نظرتها لنفسها أنها غير إرهابية ؟ وهل تقر داعش أنها متطرفة إرهابية ؟ وهل هذه المعايير المضللة يمكن أن تغطي الشمس بغربال ؟

 

 

 

 

 

إن قطر لم تكتف بالرهان على فرس خاسر واحد ، بل ألحقته بأكثر من فرس كسير وأعرج  ، فإيران التي تخطط لدول الخليج ، وتسعى حثيثاً للسيطرة على المنطقة من خلال العمل على اكتمال هلالها ، والتي تدعي قطر أنها تقاتلها من خلال إرهابييها في سوريا ، والتي تحاصر المنطقة من اليمن عن طريق عميلها الحوثي ، ولبنان عن طريق عميلها حزب الله اللبناني ، والتخريب في السعودية عن طريق عملائها في المنطقة الشرقية وغيرها هي التي استنصرتها قطر في الحدث  ، وفتحت لها أبوابها ، ومجالها الجوي ، وصدرت لها فائض طعامها الفاسد الكاسد ، فهل تظن قطر أن دولة أيديلوجية بهذه المثابة مثل إيران تخدمها إرضاء لله وإراحة للضمير الحي ؟ ألا تعي قطر وحكامها المغيبين أن إيران لا تهدف إلا أن تجعل قطر ضاحية  ثانية ؟ أو صنعاء أخرى ؟ ألا تدري أن هؤلاء الفرس المهدويين لا يرضون لقطر حكاماَ وشعباً إلا أن يكونوا عبيداً في منظومة الولي الفقيه ؟ فأي عته أصاب حكام هذه الدولة المشكلة ؟

 

 

 

 

 

وثالث هذه الفرسان الخاسرة " تركيا " التي تحاول في موقفها من المقاطعة لقطر أن تنجي نفسها من التبعات بتمثيل دور الفارس الشهم ، وهي تدرك إدراكاً جازماً أن كل تهمة وجهت إلى قطر ستضرب في ثلاثة وتوجه إليها، وان الدور آت عليها لا محالة ، فالمشروع واحد ، والخطة واحدة ، وتقاسم الأدوار منذ بداية مشروع " الشرق الأوسط الكبير " قد رسم بالشراكة بين الدولتين وغيرهما ..

 

 

 

 

 

ومع هذا ، فلو كانت تركيا بريئة من كل دعم للإرهاب ، فهي أثببت أنها رهان خاسر ، وان المتغطي فيها عريان ، فهاهي سوريا الجريحة التي تتمتع معها بــ 1400 كيلو متر من الحدود المشتركة ، وبينها وبين رائحة دماء وأشلاء السوريين خط وهمي يسهل تجاوزه ، ومع ذلك تفرجت على الأزمة وجعلتها جزءاً من اقتصاديات الحرب وفرصة للتكسب والنهب ، ولم تفعل سوى أن سهلت للدواعش الدخول ودربتهم فأصبحوا أداة لإفشال كل مسعى لإيقاف مجازر الأسد ، بل صاروا أداة لبيع النفط في العراق وسوريا وآثارهما ومصانعهما لصالحها ، وشن الغارات الإرهابية على دول المنطقة في مصروسيناء والسعودية  وغيرها ؟  فهل مثل هذه الدولة يؤمل منها أن تكون نصيراً في مثل هذه الأزمة وهي لم تسهم إلا بخراب سوريا ؟ ألم يرتميم كيف أن رئيسها الذي توعد روسيا بالويل والثبور لم يفعل سوى أن ذهب كسيراً معتذراً ومرتجفاً بمجرد أن لوحت روسيا بالعقوبات والتصعيد ؟ ألم ير تميم كيف أن رئيسها الذي يزبد ويرعد على اليهود في اسرائيل كان قصارى مافعل اطفاء حرائقهم ، وتعزيز التعاون الاستراتيجي العسكري والأمني والاقتصادي مع الدولة العبرية ؟ فأين عقولكم يا حكام قطر ؟ وسوف نرى ماذا ستفعل تركيا حين تلوح أو تقطع الدول الأربع وغيرها علاقاتها معها بسبب قاعدتها أو أسباب أخر ، وكيف أن النحشة شعارها في كل مواقفها ..

 

 

 

 

 

5- محاولة قلب الحقائق والاستعانة بمسائل أجنبية كاذبة لتفسير فعل الدول الأربع حيلة لم تفلح ولن تفلح ، فترسانة قطر الإعلامية التي يديرها مجموعة من شذاذ الآفاق والمرتزقة يوهمون الناس أن الدول لم تفعل ما فعلت إلا لأجل مشروع " التطبيع " مع إسرائيل ، ولذلك شن اتباعها حملة في حرمة التطبيع ، وأن استهداف قطر لأجل هذه المسألة وخاصة ما يتعلق بموضوع " حماس " واعتبارها جماعة إرهابية ، وأن المسألة برمتها متعلقة بالمسألة الفلسطينية ، وبمحاولة لصرف الأنظار عن الأسباب الحقيقة ومبررات الدول الأربع المعلنة التي لم تعد خافية على كل ذي عينين ، وإني هنا اتساءل أسئلة مشروعه :

 

 

 

 

أ- لماذا يا ترى إن كانت الدول الأربع راغبة في التطبيع مع إسرائيل لماذا تمر من خلال مقاطعة قطر ؟ هل قطر قد نصبت صواريخها النووية باتجاه تل أبيت ةهذه الدول وهددت بقصفها أن طبعت الدول العربية وخاصة هذه الدول الأربع معها ؟ ألا يسع الدول الإربع إن كانت تريد أن " التطبيع " أن تفعل ما فعلت قطر مع الدولة العبرية حذو القذة بالقذة ؟ تفتح مكتباً تجارياً إسرائيلياً ، وتتبادل الزيارات والحوارات ، وتطبع العلاقات ، وتجلب عتاولة الصهاينة للتفرج على أسواقها وجامعاتها ، وتجمع لهم شبابها وشاباتها ليسمعوا محاضرات الصهاينة وأخلاقياتهم وأفكارهم ؟ ماهو الرابط بين الموقف من قطر وبين التطبيع مع اليهود؟

 

 

 

 ب- فإن تحذلق أحدهم وقال : إن الموقف هو للضغط على حماس الذي تحتضنها قطر ، فيقال : وهل هناك من أسدى خدمة لإسرائيل مثل حماس حين تركت المقاومة ، وانخرطت في العمل السياسي ، وقسمت ما تبقى من فلسطين إلى قسمين ، وعطلت سير القضية الفلسطينية ، وأرجعت القضية إلى نقطة الصفر ، وجعلت الشرعية للسلطة الفلسطينية هشة لا تستطيع ان تسير خطوة للأمام ، أليست هذه خدمة عظيمة للدولة الصهيونية ؟

 

 

 

 

ج - ألم تسهم قطر وجزيرتها في تطبيع الرأي الصهيوني أمام الوعي العربي من خلال استضافة منظري الصهيونية ومفكريها الإسرائيليين  في الجزيرة حتى قال بنيامين نتنياهو لمستشاره حين أشار عليه بالضغط لإغلاق الجزيرة : كيف نغلق قناة استطعنا من خلالها إيصال صوتنا إلى الشارع العربي ؟

 

 

 

 

 

د- أليست تركيا التي استظلت قطر بظلها في الأزمة وأجلبت بخيلها وجنودها في قطر هي الدولة الصديقة المثالية لإسرائيل ، وأن حجم التعاون في زمن الحرية والعدالة وصل معدلات مثالية لم تصل إليها العلاقات بين الدولتين منذ قيام الدولة الصهيونية ؟ فإن كانت هناك غيرة طافحة على القضية الفلسطينية أوليس الأولى الوقوف أمام تركيافي مساعيها وسلوكها تجاه الدولة الباغية الإسرائيلية ؟ فأي تناقض وأهوائية في مثل هذه المواقف المخجلة المضللة ؟ .

 

 

 

أرأيتم كم هي  سخيفة هذه الفكرة التي تحاول قطر ومنظومتها الإعلامية دغدغة مشاعر البسطاء والمتاجرة - كما تفعل دائماً - بالقضايا الإسلامية والعربية حتى تصل إلى التأثير على الشعور والوعي العام البسيط خلال العشرين سنة الماضية .

 

 

 

6- التركيز على موضوع " السيادة " وأن ما تم هو محاولة لكسر السيادة القطرية ، وهي محاولة يائسة كمثيلاتها ، فسلوكك داخل دولتك ، وطبيعة علاقاتك بالآخرين لم يتحكم أو يؤثر فيها أحد ، ولكن نهيك عن أذية الآخرين من خلال علاقاتك ليس تدخلاً في سيادتك ولا دولتك ، فلو أن جاراً كلم جاره بأن لا يوقف سيارته داخل بيته لكان هذا تدخلاً  في السيادة ، ولكن شكواه لجاره ونهيه عن رجمه بالحصى من داره هذا نهي عن عدوان وبغي وليس تدخلاً في سيادته على داره .. وسلوك قطر واضح لكل ذي عينين ، انفقت مالها السياسي منذ 25 سنة في أذية الآخرين ، واحتضت أعتى أعداء الدول العربية والإسلامية ، وحرضت في خطابها على الفوضى والعصيان والدم والقتل ، وتواصلت مع أبشع الغلاة والثوار الذين زادوا الأمة رهقاً ، وتعاقدت مع بعض الدول الغربية في إحداث الفوضى العارمة في منطقة الشرق الأوسط ، ولم تترك منظمة مأجورة ، ولا شخص مؤدلج بالثورة والتمرد ، أو ناقم وحاقد إلادعمته بالمال ، وأغرته بالعمل ، وحين ضغطت عليها دول الجوار أخرجت بعضهم من أرضها وأنفقت عليهم في تركيا ، يبثون قنواتهم التي تدعو للقتل والغيلة والتكفير ، أرجعت المنطقة إلى خمسين سنة ماضية ، وخلقت مشكلات بنيوية في العلائق بين الدول ، وأبقت الإعلاميين والكتاب والأكاديميين الحاقدين الذين ينفثون سمومهم على السعودية خاصة ، واخترقت دولتنا من داخلها فجندت معاتيه ودكاتره وكتاب وصحفيين  لترغيب الناس بالثورة والتغيير بالقوة ، وشككت الناس في قياداتهم ، وساهمت مساهمة مباشرة في مواقع الفتن والقتال ، وكانت أداه إفساد لكل عمل يهدف إلى ترتيب المنطقة ورد عدوان إيران وغيرها على أمن دول الخليج المركزي ، وحين انكشف الغطاء ، وبانت الحقائق ، وذهب الراعي الرسمي وحزبه ، أوباما وهيلاري ، وسقط مشروع الفوضى أو توقف ، وجاء يوم الحساب قالوا : لا تتدخلوا في سيادتنا ولن نرضى هذا ..

 

 

إننا لو سلمنا لكم يا قادة قطر بكل ما قلتم ، وبرأناكم من كل دعوى قيلت ضدكم ، ولم يبق إلا تسريب كلام قادتكم مع معمر القذافي لكان كفيلاً بأن تتخذ السعودية إجراءات أقسى مما قد فعلت ، فكيف إذا كان هذا التسريب تحيطه مئات الوثائق والحقائق والقرائن والأدلة على ما فعلتم وتفعلون في المنطقة حتى أصبح الجدل في الموضوع نوعاً من السفسطة الذي يحكم على منكره بالجنون والاستكبار .

 

وللحديث في موضوع قطر بقية .. والسلام

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه