2017-09-12 

الثورة الرابعة ومستقبل الأعمال

أحمد إبراهيم

هل من الممكن لرجل آلي أو جهاز كمبيوتر أن يكتب قصيدة ؟ وقف على المسرح رجل آلي (Robot ) قصير القامة دائري الوجه ورحب بالحضور في قمة شباب رواد الأعمال لمجموعة العشرين في برلين لعام 2017 (G20yea ) وهي قمة سنوية تجمع رواد الأعمال و المنظمات التي تدعمهم  من الدول الأعضاء. الرجل الآلي هو مشروع بحثي لطالبين من معهد ألماني وخلال المعرض المصاحب ذهبت للحديث معهم وسألت أحدهم عن الوقت الذي سيصبح فيه الإنسان الآلي واقعا في حياتنا  اليومية؟  رد بأنه موجود وسيكون قريبا متوفرا للجميع كخادم مطيع و عامل ماهر.

 


 كل عام يجتمع رواد الأعمال و المنظمات الداعمة لهم من مجموعة دول العشرين لتبادل أفضل الممارسات التجارية بين المشاركين ومناقشة قضاياهم الاقتصادية وإشراك قادة مجموعة دول العشرين حول أهمية دعم رواد الأعمال . حيث ركزت القمة على مناقشة الاتجاهات الرقمية الرئيسية للأعمال التجارية في المستقبل. وشملت المحاور الرئيسية لتقنيات صاعدة ستقوم بإنتاج صناعات جديدة  يتطلب على رواد الأعمال مواكبتها. ركزت القمة على أربعة اتجاهات وهي: إنترنت الأشياء ،البيانات الكبيرة، الواقع المعزز والافتراضي و أخيرا المنصات الرقمية. وهي اتجاهات  الثورة الصناعية الرابعة و التي تعتمد على دمج أنظمة الآلات و التحكم بها إليكترونيا.


في نهاية القرن الثامن عشر بدأت الثورة الصناعية الأولى في إنجلترا عندما اختُرعت عملية التصنيع الميكانيكي بواسطة المياه و البخار وتم خلالها إحلال الآلات مكان الأيدي العاملة بشكل جزئي وتحسين المستوى المعيشي لسكان الأرياف وكان لها أثر بالغ على الحياة الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية وأدت إلى ظهور النظام الرأسمالي في الاقتصاد الغربي، وفي بداية القرن العشرين بدأت الثورة الصناعية الثانية  عندما تم اتباع عملية الإنتاج الشامل (mass production)  باستخدام الكهرباء و محركات الاحتراق لتزويد الآلات بالطاقة عندما اكتُشفت طريقة  "بسمر"  لتصنيع الصلب ، وركزت الثورة الصناعية الثانية  على الصلب والسكك الحديدية والبترول والكيماويات والكهرباء وغيرها من الابتكارات التي كانت تقوم على العلم.

 

أما الثورة الصناعية الثالثة  بدأت عام 1970م حيث تشكل الإلكترونيات و تكنولوجيا المعلومات و الإنترنت جزءا أساسيا في التنمية الاقتصادية للدول وتعتمد على التقنيات الرقمية للتصنيع مثل الروبوتات المساعدة  لتصنيع منتجات متنوعة تناسب الأذواق المختلفة.  

 


وفي الوقت الحالي بدأت الثورة الصناعية الرابعة  والتي كانت عنوانا لمنتدى دافوس لعام 2016 ، حيث وصفها رئيس ومؤسس المنتدى البورفيسور كلاوس شواب  "بأنها مغايرة لأي تجربة عاشتها البشرية من قبل، سريعة  وعميقة وشديدة الاتساع، تضرب في كل القطاعات تقريباً، على عكس الثورات الصناعية الماضية، فثمة بحر رقمي عالي الأمواج، وطباعة ثلاثية الأبعاد، وذكاء اصطناعي، وروبوتات ذكية، وحرس حدود آليون، باستطاعتهم قنص من يحاول تجاوز التخوم، وسيارات ذاتية القيادة، وكمبيوترات شديدة البراعة، باستطاعتها أن تكتب القصص وتنافس خيال رواد الروايات".


خلال قمة شباب الأعمال نوقشت التحديات و الفرص لرواد الأعمال في الثورة الحالية التي ستكون  تكنولوجيا المعلومات ، والآلات، والإنسان يترابطون معاً ويتفاعلون في الوقت نفسه، مما يؤدي إلى  خلق طريقة تصنيع  مخصصة ومرنة حيث تحولت السلطة إلى العميل . في عصر التحول الرقمي  يجب على أصحاب الأعمال إعادة النظر في نماذج الأعمال التجارية لاعمالهم وفهم البيئة المتغيرة و التعاطي معها من خلال الابتكار بشكل مستمر. في اليوم الأخير للقمة تم التصويت على  التوصيات الختامية التي رفعت لحكومات مجموعة العشرين  وكان أولها هو تحسين جودة التعليم حيث دعا رواد الاعمال حكومات مجموعة العشرين لمراجعة الأولويات في التعليم لضمان حصول الشباب على المعرفة و المهارات الضرورية للتكنولوجيا و الأعمال الجديدة . و في حقائب الملتقى مُرِّر رازبيري باي ( Raspberry pi  ) وهو جهاز صغير بحجم بطاقة الصراف الآلي قادر على عمل ما يعمله جهاز الكمبيوتر ، ويهدف مصنعوه  لحث الأطفال حول العالم إلى تعلم البرمجة و علوم الحاسب ؛ و هو نفس الجهاز ذاته الذي تدرب بعض المدارس الألمانية طلابها عليه من خلال  ورش العمل لتعلم البرمجة؛  حيث يبقى التعليم الاستثمار الحقيقي لتقدم الأمم. 

 


هناك أفكار جامحة للعصر الرقمي أن الكمبيوتر باستطاعته أن يكتب قصيدة، حيث تعمل شركة جوجل و جامعة ستانفورد وجامعة ماساتشوستس على مشروع لتعزيز مهارات اللغة الإنسانية لتقنية الذكاء الاصطناعي  (RNNLM ) من خلال خورارزميات تقوم باستيعاب طريقة إستخدام اللغة ، وتعلم المنهجية و من ثم إعادة الصياغة . و قام آلاف الأشخاص  بإجراء اختبار تورينج  للشعر  (Turing test for poetry) على الإنترنت  لمحاولة التعرف على أحد النصوص و سؤالهم ما إذا كان ذلك النص قصيدة كتبها إنسان أو كمبيوتر . و كانت النتيجة أن 65% من القراء كانوا يعتقدون أن تلك النصوص التي كتبها الكمبيوتر قصائد شعرية كتبها إنسان.

 


و مع إنطلاق الثورة الصناعية الرابعة سيكون على القطاعين العام والخاص و المؤسسات التعليمية التكيف مع تقنيات جديدة مثل إنترنت الأشياء، التصنيع الرقمي، الطابعة ثلاثية الأبعاد، الروبوتات ،الذكاء الصناعي ،السيارات ذاتية القيادة ،البيانات الكبيرة، الواقع المعزز والافتراضي و المنصات الرقمية وغيرها. والأهم من كل ذلك أن يتهيأ النظام التعليمي لمواجهة تحديات ومتطلبات هذه الثورة.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه