2017-09-20 

لماذا يضحك الأمير محمد بن نايف؟

سلطان السعد القحطاني

كانت تلك الصورة واحدة من الصور التاريخية التي سيحتفظ بها المؤرخون في صفحات ألبوم الملكية السعودية لوقت طويل، فبالرغم من عفويتها وبساطتها، إلا إنها تفسّر السبب الذي جعل من الحكم في السعودية قوي، مستقر، رغم عواصف المنطقة، وحرائق الإقليم التي لا تنطفئ، منذ تأسيس هذه المملكة قبل أكثر من نصف قرن.

 

 

كانت تلك الصورة، الوثيقة، التي تجمع ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، مع ولي العهد الجديد الأمير محمد بن سلمان، هي الدليل على سر أهل السعودية الكبير، وعلاقة آل سعود مع تاجهم، ومملكتهم: الولاء من أجل البقاء.

 

 

في الصورة كان الأمير الكبير يربت على كتف الأمير الشاب، بعد أن بايعه كولي جديد للعهد، ومضى بهدوء، واستمرت العجلة في الدوران دون أن يتغير شي. 

 

 

ونظراً لأن القصة بدت لكثيرين خارج المملكة غير متوقعة، ونسجت حولها القصص والأساطير، فقد أصبحت تتردد مرة أخرى على أنها قصة غريبة ومريبة، رغم أن أهل البيت يعرفون بأن أهم ما في الأسرة هو تعهدها بالوحدة تحت أي ظرف، ولذلك خيّل إليّ أن الأمير محمد بن نايف، يضحك على هذه القصص الخيالية.

 

 

كانت القصص حول اعفاء ولي العهد السابق الامير محمد بن نايف مثيرة، ولافتة، للذين لا يعرفون السعودية. نشرتها صحف دولية عريقة، وعمل عليها صحافيون اكفاء، لكن هذا لا يعني دقتها، فالتغطية غلب عليها النظرة التي لا تتفهم طبيعة المُلك، والملكية السعودية.

 

 

لطالما كانت قصة القصص منذ تاريخ الدولة عن الخلافات بين الرجال في الدور العلوي، ولطالما افتقدت هذه القصة للأسس الحقيقية، ذلك لأن لخلافات الرأي حدود، والضامن دائما هو القناعة بضرورة وحدة الأسرة، وبقاءها معاً في أحلك الظروف.

 

 

 

خلافا لهذه القصص المتخيلة، فقد جمعت بين الأميرين محبة عميقة. كان الشاب يرى في ابن عمه أبا وأخاً، وكان الكبير يرى فيه أبن وأخ. من النادر أن تجد صورة للأمير الشاب دون ان يكون مبادراً بانحناءة بسيطة تنم عن احترام وتقدير للأمير الكبير. 



سال الكثير من الحبر عن اعفاء الأمير محمد بن نايف. الحديث عنها كان مشابها لتلك القصص التي راجت حين غاب بندر غيبته الكبرى. غياب الأمير بندر بن سلطان، أثار عاصفة كبيرة من الشائعات، كان يتسلى بها مع رؤساءه وهو في المعتزل المراكشي، وحين عاد إلى جدة، كان كبار الاسرة الملكية في استقباله.




والآن تتكرر القصة ذاتها مع أمير حافظ على عزلته، وكان أمينا لها، ولم يكن يظهر في الإعلام الا نادرا. لم يكن الأمير محمد بن نايف من أولئك الذين يرغبون في الإعلام بشكل كبير، فقد كانت رغبته الأساسية العمل والعمل فقط. 

 

 

عمل لسنوات طويلة في وزارة الداخلية، وعمل على تحديثها أمنيا، وتكنولوجيا بشكل كبير. يعرف عنه أنه لم يكن يحب الورق، وولعه بالتكنلوجيا انعكس بشكل كبير على خدمات وزارة الداخلية التي نافست البنوك وتقنياتها، وسبقتها.



الطموحات لا يتجاهلها الا القديسون، والانبياء، وهؤلاء لم يعد لهم وجود. لا أحد لا يريد أن يصبح ملكا، لكن أفراد الأسرة الملكية يعلمون أن هذا لا يتم الا وفق الأصول، والآليات المتفق عليها، بما يضمن وحدة العرش، وقوته.




من هنا كانت عبقرية الراحل الملك عبد الله وفريقه السياسي، من خلال إنشاء هيئة البيعة، لتكون المظلة الاساسية لحوار القوى، وحمحمة الطموحات بين أفراد الأسرة، وضمان بقاء هذه الطموحات ضمن الإطار الذي لا يهدد إرث الاسرة، ولا مستقبلها.




وهكذا فعل الأمراء الواحد وثلاثون الذين استوعبوا ان المستقبل بحاجة إلى جيل شاب يكمل المسيرة، وصوتوا معلنين بيعتهم لأمير شاب يحظى بشعبية كبيرة، ووجوده في ولاية العهد كان فرصة لتحديث الدولة، ومؤسساتها كاملة، دون نقصان.



الملكيات تجدد نفسها في العالم. وهذا ما حدث في النرويج وفي اسبانيا وفي هولندا ، وفي بريطانيا تتقول الأقاويل عن ويليام الشاب، وصعوده كمجدد للملكية الأقدم في التاريخ. 

 


 كل شيء في العالم يتغير ويتجدد ويمضي، وتبقى تلك الصورة في ذاكرة السعوديين على أنها أبلغ تعبير عن استقرار الملكية وقوتها الذاتية . 

 

نايف

 

في تلك الصورة التاريخية يتجلى ولاء الامير محمد بن نايف لفكرة الدولة، ووحدة الاسرة، والدليل أنه لم يدع الوقت يمضي دون أن يبايع مستقبلا جديدا للدولة، وشاهدنا كلنا صورة جديدة في ألبوم التاريخ

 

.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه