2017-10-09 

عودة #روسيا كقوة عظمى يحتاج إلى تعاون حليف استراتيجي كالمملكة

د.فيصل مرزا

استهلت روسيا علاقتها بالمملكة العربية السعودية من خلال رسالة اعترافها الرسمي بهذا الكيان الوليد في فبراير عام 1926م كأول دولة، أخذت هذا العلاقة خطوات مهمة منذ بداية نشأتها، إلى أن دخلت هذه العلاقة في ثبات عميق بدأ من عام 1938م ليستمر قرابة الخمسين سنة، وفي أواسط سبتمبر من عام 1990م استأنفت هذه العلاقة، ببيان معلن بين العملاقين، لتأخذ  هذه العلاقة طريقها نحو التطور بزيارات متبادلة وعلاقات تجارية متنامية بما يناسب القدر الهائل الذي يمثله تلاقي أطراف مهمة بهذا المستوى في العالم في نطاق الطاقة، والمكانة الإقتصادية والسياسية الإقليمية والدولية.

 

 

توجت سلسلة هذه الخطوات بالزيارة التاريخية والنقلة النوعية، التي قام بها ملك الحزم والعزم سلمان بن عبد العزيز حفظه الله، لترسم أفق هذه العلاقة بين الطرفين على أساس تحقيق المكاسب المشتركة، حيث تشكل المملكة العربية السعودية الشريك القادر على تحقيق الإستقرار والتموضع الذي تسعى لتحقيقه في معادلة الشرق الأوسط.

 

 

رسوخ قدم المملكة وتأنيها، وأخذها للأمور بما تستحقه من الحكمة والمواقف الثابتة، هو ما دفع الرئيس الأمريكي ترامب من اختيار المملكة العربية السعودية في أول زياراته لانطلاقه نحو نقطة تحول جديدة لعلاقات سعودية أمريكية متميزة لمواجهة التحديات، بمرحلة جديدة من الشراكات والعلاقات الوثيقة وتأكيد الثقة والصداقة، واتحاد كثير من المصالح.

 

 

وهاهي روسيا اليوم تطمح إلى العودة كقوة عظمى، وقد أيقنت أنها لن تحقق ذلك دون الشراكة مع أكبر حليف استراتيجي لديه كل ما يلزم لتحقيق التوازن بين تكتلات المنطقة والعالم، روسيا تحتاج إلى ثقل الكيان السعودي العملاق الذي يحرك أعين العالم حيث يتحرك قادتها، والملك سلمان عازم على بناء دولة عظمى حيث جاء اسمها جاء الجد والحزم ودب الرعب في قلوب الصغار!

 

 

المملكة ايضا دولة حكمة وليست دولة نفط! حقيقة أدركتها روسيا فعملت على التعاون للإستفادة من قوة المملكة ومكانتها الإقليمية وتأثيرها السياسي والاقتصادي كلاعب أساسي، فقد أثبتت المملكة عبر مواقفها في الأزمات أنها دولة حكمة، تنطلق من مسؤولياتها العظيمة، تجاه شعبها ومصالح دينها وعلاقتها المكينة مع معظم دول العالم، فهي مصدرة للحكمة قبل ان تكون مصدره للنفط!

 

 

تأكد لدى معظم دول المعمورة ومن ضمنها الروس أن المملكة دولة ذات ثقل سياسي، وديني، واقتصادي واضح، وان المملكة يحتم عليها مركزها العمل بثقل محوري عالمي وإقليمي ومحلي، يحتاجه العالم بأسره لأن المملكة تضمن للعالم بما ميزها الله به من مكانة تأمين قدرتها كجسر تمر من خلاله معظم مصالح الدول الحيوية.

 

 

ومن المنتظر أن تشهد العلاقات الاقتصادية والتجارية القوية تحولاً جذرياً خلال السنوات القادمة إن شاء الله، ولا تنحصر فقط في العلاقة التبادلية في عدة مجالات فهي ليست علاقة تقليدية بين منتج للنفط ومستهلك للنفط، إنما هي نموذج تعاون استراتيجي بين عملاقي إنتاج النفط العالمي! ومن الجدير بالذكر هنا ان التعاون السعودي الروسي بتخفيض الإنتاج الذي عزز اتفاق خفض الإنتاج وساهم باستعادة توازن أسواق النفط، وما فيه من دلالة لا تخفى إلى أن العلاقات بين البلدين على أبواب نقلة نوعية مهمة، خاصة في قطاعات الصناعة والطاقة.

 

 

 

 

د. فيصل مرزا 

مستشار في شؤون الطاقة وتسويق النفط، مدير دراسات الطاقة في منظمة أوبك سابقا

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه