2017-10-10 

مؤسساتنا التعليمية .. والفكر البوليسي

أميمة الخميس

الفكر البوليسي الذي تدار به المؤسسات التعليمية النسوية , ليس أمرا جديدا أو طارئا , بل هو السمة العامة التي رافقت بواكير مراحل التأسيس , وظل يتغلغل في المؤسسة التعليمية على شكل أنظمة وقوانين عجيبة , ولا تنتمي إلى دور المؤسسة التربوية , التي من أولويات أدورها صقل النفس البشرية المكلفة المكتملة الإرادة  لاختيار فضيلتها.

 

 

وهو جزء من مشكلة أوسع وأكبر  لمفهوم العورة , و مأزق التعامل مع الأنثى خارج النطاق الذي تموضعت فيه عبر التاريخ,  في دربها الضيق الذي تقطعه بين المهد إلى اللحد , عندما تقولبت داخل حيز العورة , فهي كما يشير بعض الفقهاء تولد  بعشر عورات.... يستر أحداهن الزوج والعورات التسع الباقيات ...لايسترهن إلا القبر!

 

 

وأذكر أيام الصفوف المدرسيةكان هناك ما يسمى بالجولات التفتيشية الطارئة من الطاقم الإداري للمدرسة  للبحث عن الممنوعات في حقائبنا ومصادرتها, والتي تتمثل في زجاجة عطر أو مشط أو كتاب!! كان هناك إسراف في طمس الهوية النسوية للطالبة , فكانت المدارس بكاملها بدون مرآة حتى لا نرى وجوهنا, تحدثت عن هذا طويلا في كتابي (ماضيمفرد-مذكر). 

 

 

هذا المفهوم كرس فكر الوصاية الذي يجعل من الطالبة المنتهكة لقانون العورة (عبر خروجها من منزلها وذهابها إلى المدرسة )  تتحول إلى  متهمة أبدية , وبدلا من أن تسعى  المؤسسة التعليمية للتعامل مع عقلها والسمو بنزعاتها والاستثمار في مواهبها , واحترام ذاتها لتحرص هي بدورها على حماية هذه الذات والكينونة , فأنها كمؤسسة استبدلت هذا  بنشر الأنوف البوليسية المتربصة عند البوابات والساحات لاقتناص مجرمة محتملة ومتوقعة .

 

 

هذه الطريقة العقيمة والمهينة والخادشة للكرامة الإنسانية , تطمس حس الوازع الديني والشخصي في اختيار الفضيلة,وكم شعرت بالألم  عندما سمعت أحدى الأكاديميات القياديات  تبرر وتدافع عن وجه نظر الطاقم البوليسي في مقابلة تلفازية, تسوغ انتهاك خصوصيات الفتيات , متغافلة عن مهمتها التي  أوكل لها صناعة عقول أكاديمية مستقلة ناضجة  ,و شخصيات متماسكة تمتلك مهارة استخدام المنطق والحجة والاستدلال , لا شخصيات هشة جوفاء يسهل السيطرة عليها.  

 

 

 

فالتعليم الأكاديمي لاينحصر فقط في الكم المعلوماتي الذي يدلق في الرؤوس , بل أيضا هناك بعد انفعالي يدرب الطالبة على على تطوير مهاراتها السلوكية والاجتماعية ....

 

هذا ما أعتقده  الهدف الأسمى لمؤسسة أكاديمية عليا توفر لها مخصصات هائلة من اقتصادنا, وليس دس الأنف البوليسي في جيوب وهواتف الفتيات , وتتبع عوراتهم , كخاطئات محتملات !! 

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه