2017-11-08 

موجز سياسي – الملف العراقي!

عبدالله بن سعد العمري

في سبتمبر 2014, قامت المملكة فورا بالبدء في تنفيذ السياج الحدودي بين المملكة والعراق نظرا للتطورات الأمنية والجيوسياسية التي شهدها العراق منذ انسحاب القوات الأمريكية في عام 2011.

 

هذا السياج الحدودي السعودي تم اقتراحه في عام 2006, إلا أن النشاط المتزايد للعنف والتطرف الذي لحق بالعراق تصاعديا منذ 2013 دفع للبدء بالتنفيذ وتم الانتهاء سريعا من بناء الجدار العازل على امتداد 900 كيلومتر بواقع خمسة جدران من الأسلاك الشائكة لمنع أي تهديد محتمل.

 

وكان القلق على الحدود السعودية يتمثل معظمه من نشأت داعش الذي اختطف الأضواء نتيجة تمدده السريع على الأرض مما دفع المراقبين للقلق البالغ، لكن لا نخفي القول إن القلق ذاته كان موجودا أيضا جراء تهديد المليشيات الإرهابية التابعة لإيران.

 

اليوم تسعفنا التطورات للقول إن الجزء الأكبر من التهديد قد زال مع انحسار داعش، وهو ما دعا المملكة لإعادة النظر في علاقاتها مع الجانب العراقي حيث إن التهديد الآخر الذي تشكله المليشيات الإيرانية هو ما بإمكان الحكومة العراقية معالجته، ومن ثم فالسبيل الوحيد هو محاورة الحكومة العراقية حول هذا.

 

وفي سبيل التوضيح لحسن نوايا الجانب السعودي، فإن للمملكة كروتا إيجابية كثر تجاه العراقيين، فالمملكة لم تسمح باستخدام أراضيها لقصف العراق سنة 2003 وكان ذلك هو السبب حينها لمغادرة القوات الأمريكية إلى قطر. كما أن المملكة استقبلت 33 ألف لاجئ عراقي سنة 1991 بمعسكريْ رفحا والأرطاوية عقب انتفاضة الجنوب العراقي ضد نظام صدام حسين حينها، كما قدمت المملكة نصف مليار دولار للنازحين العراقيين جراء دخول داعش المدن العراقية بالرغم من اتهامات نوري المالكي الزائفة للسعودية بدعم الإرهاب.

 

كانت المملكة منذ نشأتها تراقب دوما المشهد العراقي عن كثب منذ بزوغ المملكة العراقية سنة 1921 مع أفول الدولة العثمانية, حيث توالت التغيرات الكبرى في العراق من مملكة عراقية بين عامي 1921 وحتى 1958 إلى اتحاد عربي بين مملكة العراق والأردن في 1958 إلى جمهورية عراقية في ذات العام 1958 بعد انقلاب عبدالكريم قاسم, إلى انقلاب عبدالسلام عارف 1963 إلى ثورة أحمد حسن البكر 1968 إلى الانقلاب الناعم لصدام 1979 إلى الغزو الأمريكي 2003 إلى بزوغ الصحوات 2006 إلى التغلغل الإيراني منذ 2011 إلى نشأت داعش 2013 إلى ضم الحشد الشعبي للجيش العراقي 2017 إلى استفتاء الأكراد قبل أسابيع.

 

لكنه اختلف الأمر بالنسبة للسعوديين من متابعة دقيقة لكل هذا المشهد إلى قلق بالغ جدا بعدما دخلت المليشيات الإيرانية إبان فترة نوري المالكي آخذة على عاتقها تغيير المناخ الديموغرافي في العراق، حيث لاحظت المملكة وشركاؤها وجود تغيير ديموغرافي كبير اشتدت وطأته خلال السبع سنوات الماضية. هذا التغيير على مستوى دولة بحجم العراق لم يكن مبشرا بوجود عراق عربي بغض النظر عن مكوناته الوطنية والدينية والعرقية، فالعراق يجب أن يظل عربيا فحسب! هذا هو هاجس المملكة الدائم من كل هذه الأحداث.

 

اليوم نحن في مرحلة علاقات جديدة سُبقت بتمهيد مع المرجعيات الشيعية العراقية العربية في جدة، ومن ثم تنسيق سعودي عراقي مباشر بعد انقطاع دام 28 عام، حيث مصلحة المملكة منه إعادة عروبة العراق، ومصلحة العراق منه انتعاش الاقتصاد العراقي، لكن هذا سيتحول مع الأيام لمصالح مشتركة كبرى تجعل حكماء العراق وشعبه الكريم في مرحلة اختيار بين النموذج الإيراني وبين النموذج السعودي

 

إن المملكة تريد من الشعب العراقي أن يحظى بفرصته في الازدهار والخروج من نفق الثورات والاغتيالات والطائفية واللجوء والظلم والإرهاب والعنف إلى واحة العراق الهادئة والمطمئنة المشمولة بمفهوم الدولة والقانون والتنمية والتسامح.

 

عبدالله بن سعد العمري

كاتب سعودي

الولايات المتحدة

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه