2018-06-16 

بركان لا يستكين

رندا الشيخ

نقسو على أنفسنا كثيراً حين نحاول سجن أرواحنا التي خلقت طليقة في زنزانة التردد. نظلمها حين نعلق الفرح بامتلاكنا لشيء أو قربنا من شخص أو وصولنا لمحطة لا نملك خارطتها. نرتكب خطأ فادحاً في حق قلوبنا، حين نترك أعيننا تقع على مواطن الحزن بدلاً من مسببات البهجة.

 

اعتدنا لأسباب لم أفهمها أن نخاف من الإستغراق بالفرحة لأعمق نقطة، رغم أننا إن فكرنا قليلاً لأدركنا حقيقة أن الفرح لم يكن يوماً حكراً على فئة عمرية، أو طبقة اجتماعية، أو يشترط توفر عناصر أو ظروف بعينها ليحدث!

 

أن تفرح يا عزيزي القارىء يعني أن تمارس فعل الحياة بكامل تفاصيله، بأن تجعل  الفرح هو القاعدة أو الأساس لهذه الممارسة، والحزن أو الكدر أو الضيق وغيرها من المنغصات هي الضيف العابر الوحيد الذي ستسمح لنفسك بأن تكون فظاً معه إن أطال البقاء!

 

وبما أننا من المحظوظين بأن منحنا الله فرصة أن نعيش هذه الأيام المباركة، بعد أن أتم الله علينا شهر رمضان المبارك، لمَ لا نسمح لقلوبنا أن تبتهج بهذه العبادة الراقية ونفرح بفضل الله علينا؟ لمَ نتردد وننظر يمنة ويسرة قبل أن نشدو بأهازيج الفرح؟ لمَ نردد ودون وعي بأننا لم نعد نشعر بفرحة العيد كالسابق، رغم أن مقومات الحياة اليوم أفضل مما مضى؟ لم نحمّل العيد وفرحته وزر أخطائنا؟ نعم.. أخطاؤنا نحن!

 

حين نترك أنفسنا تنساق وتلهث نحو المادة لدرجة لا نملك فيها وقتاً نمنحه لعائلاتنا أو أصدقائنا أو حتى من يسكنون بجوارنا وفي نفس "حوارينا"، سنفقد دفئ التواصل الإنساني! وحين تنشغل الأم عن أداء مهمتها الأساسية بحفلات صديقاتها أو "السوشيال ميديا" ولا تمنح الحب والتوجيه لأبنائها، ويقتّر الأب على زوجه وأبنائه متعمداً، ستنتج فجوة في علاقة الأسرة الواحدة، قد تؤدي إلى تكوين شخصيات مضطربة ومشوهة نفسياً في المجتمع! فالترابط الأسري والتنشئة الصحيحة أحد أهم الوسائل في سبيل تحقيق الأمان والسعادة التي يحتاجها التكوين السوي للأبناء! إذاً الأمر في أوله ينطلق من محطة اعتقادنا وسلوكنا نحن، ولا علاقة له بزمن أو ظرف.

 

ما يمكنك فعله الآن هو أن تجعل الفرح في حياتك بركاناً لا يستكين! كيف؟ بأن تتخذ قرار استحقاقك لوجوده، وتغرس بذوره في حديقة روحك، وتجعله نمط حياة يرتبط بشكل مباشر بإيمانك التام بحتمية أن ما تعيشه هو الخير وإن لم يعجبك!

كل عام وأرواحكم بألف خير.  

 

 

 

@Randa_AlSheikh  

 Randa_sheikh@yahoo.com 

 

 

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه