2018-07-03 

#الامام_محمد_الثاني حين ينظر إلى المرآة

سلطان السعد القحطاني

في منتصف القرن السابع عشر، وفي ظل الغيبة الكبرى لوسط شبه الجزيرة العربية، عن المدنية، واهتمام المراكز الكبرى في المنطقة، كان لدى زعيم محلي في منطقة نجد تصور مختلف لمستقبله، والإقليم.

 

كان نظراؤه في وسط الجزيرة العربية، منشغلون بأمور زعاماتهم المحلية، وأماكن الرعي المناسبة، وأمن خطوط التجارة، والحروب القبلية، لكن محمد بن سعود كان ينظر إلى الرمل فيرى التاريخ، وينظر إلى السماء فيسمع أصوات من راحوا، ومن حولوا جزيرة العرب الى منطلق حي للتاريخ. إنهم الأسلاف العظام في التاريخ الاسلامي.

 

وهكذا بدأت رحلة أكبر دولة أنشأها ال سعود في تاريخهم.

 

إن عبقرية مؤسس السعودية الأول نابعة من استشعاره روح التاريخ، وتحليه بجرأة الأمل. من كان يعتقد أن زعيماً محلياً، في بلدة نجدية صغيرة، سيصل جنوده إلى الهلال الخصيب، والشام الرحيب، والبحار يمنة ويسرة؟ ... إنها عملية لم يكن ليتقبلها خيال الصحراء الجاف، ورجالها المشغولون بالمطر.

 

لقد تراءت إليّ صورة محمد الثاني، بعد ملاحظتي أسماء المحميات الملكية الجديدة، والتي حملت أسماء اسلافه حتى وصلت اليه. إنها مسميات تعكس الإيمان العميق بالتاريخ. إنك أمام رجل رأى التاج طفلاً، ولاح له عدة مرات، ولم يكن الأمر صدفة. وحين يغوص في تاريخ أسلافه إلى هذا الحد، فهذا يعني أنه يستشعر الإرث الكبير الذي تركوه له، ولابد من البناء عليه، بما يليق بالأسرة، والمكان، والمكانة.

 

إننا أمام زعيم شاب، إمام جديد، بظروف عصره، ومفاتيح القوة الجديدة في العصر الجديد: امبراطورية مال، ونفط، وشباب يشبهونه، ويشبههم، في دولة تشبهه، ولها تاريخ يشبهه. في دولة عظمى كانت تنتظر من يقول لها إنها دولة عظمى، ويقودها على هذا الأساس. لقد بدأ مشروع إصلاح كل شيء، ويخيل لك كل عام بأنه العام الذي حدث فيه كل شيء.

 

كان بإمكانه إبقاء الأشياء في مكانها. الهروب إلى الداخل. عدم مواجهة العواصف، والاستكانة امام الأعاصير. لكنه رجل رأى منذ طفولته شيئاً يلتمع، ينادي، يكرر اسمه. تماما كما رأى جده التاريخ، وقرر أن يكون جزءا منه.

 

إن الملوك لا يستمدون القوة إلا من أسلافهم، ولذلك حين ينظر محمد الى المرآة، فإنه يرى محمد الأول، وفجر دولة آل سعود الباقية منذ ثلاثة قرون، حتى الآن ...

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه