2018-07-22 

الثلاثي غير المرح في الشرق الأوسط

سلطان السعد القحطاني

لأكثر من ثلاثة عقود كان قدر الشرق الأوسط العيش بعيداً عن حدود الاستقرار بسبب نشاطات ثلاثة تنظيمات دموية أثرت بشكل كبير على المشهد السياسي في المنطقة. لقد لعبت إيران وتنظيمي "الإخوان" و " القاعدة" دورا سلبيا في المنطقة، وتسببت في زعزعة استقرارها، وشجعت العمليات الإرهابية في أكثر من مكان.

 

إن نظرة معمقة على نشاطات هذا الثلاثي غير المرح تكفي للحكم بأنهم، وبالرغم من الاختلافات الأيدولوجية، يمتلكون خطوط تقاطع كثيرة، إلى درجة مذهلة. إنهم يستغلون الدين، والغيبيات، من أجل فرض واقع سياسي لا علاقة له بالدولة، أو الكيان. إنهم ميّالون دوما لتصدير مشاريعهم خلف الحدود، ولا يمتلكون الكفاءة السياسية والإدارية لتحويل خططهم إلى مشروع مؤسساتي مستمر.

 

ونظرا لأن أفكارهم غير قابلة للتطبيق في العصر الحديث، فإنهم يلجؤون دوما إلى فرضها من خلال استخدام العنف. وبالنظر إلى البناء الهرمي فستجد أن المرشد موجود هناك في كل هذه التنظيمات الثلاث. وستجد لديهم الرغبة ذاتها في السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من العالم الإسلامي، أو جعله يغرق في مستنقع الفوضى، كي يظهروا بأنهم المؤمنون المخلصون المنقذون.

 

إن هذه التنظيمات تفشل دوما لأنها ليست دولا، ولا تمتلك مشروع الدولة الحديث. إنهم مجرد ميليشيات غاضبة لا أكثر، كما رأينا في إيران ومصر والعراق وسوريا، وفي كل مكان تواجد فيها هؤلاء الثلاثة، سرقوا فكرة الدولة لمشروعهم الخاص.

 

المكان الوحيد الذي تمكنت فيه الثورة من سرقة الدولة كان في إيران، ولهذا لا تزال تعيش في الفوضى.

 

إن الدولة، بحسب جاك دونديو دوفابر في كتابه الشهير الذي يحمل الاسم ذاته، هي "نوع من التنظيم الاجتماعي الذي يضمن أمنه وأمن رعاياه ضد التهديدات الخارجية والداخلية". أما في حالة إيران والإخوان والقاعدة فهم تهديد لأنفسهم قبل الآخرين، وهذا خيانة لفكرة الدولة نفسها، ويعكس عدم إيمانهم بها.

 

إن إيران فشلت في أن تصبح دولة، بل لا تزالا تنظيما ميليشياويا لا أكثر، بالإضافة إلى أنها تمتلك نظاما ديمقراطيا مزيفا، فلا يمكن الموافقة على أي مرشح مالم يحظى بموافقة خامنئي، الذي بوصفه مرشدا عاما فلديه صلاحيات مطلقة، ولا يمكن تنحيه طالما بقي على قيد الحياة.

 

مع انحسار تنظيمي القاعدة والإخوان، فإن إيران ستكون الحلقة الأخيرة في هذا المشهد المضطرب في الشرق الأوسط، ومنعها من الحصول على قنبلة نووية هو أمر حتمي لضمان السلام في العالم.

 

لقد سمعت الكثير من الدعوات خلال العقد الماضي لاختيار الحوار كأسلوب لاحتواء خطر إيران. لقد اكتشف المجتمع الدولي أن هذا غير ممكن الحدوث، فلقد ازداد نشاط إيران العدواني خلال السنوات الفائتة، وتسببت في زعزعة استقرار اليمن والعراق وسوريا والبحرين.

 

لإن إيران المحكومة بفكر ميليشاوي مسلح لا يمكن أن تكون قوة عاقلة في المنطقة، لأن النظام نفسه لا يستند إلى قواعد العلاقات الدولية، ولا يمكن تفسير تصرفاته بمبدأ العلوم السياسية وحده. إنه نظام يستند على عدد من الغيبيات غير المنطقية.

 

إن الحل الوحيد لعودة إيران إلى المجتمع الدولي، هو المساعدة على إعطاء شباب إيران الجديد دورا كبيرا في مستقبلها. لقد حجبت الشمس عن إيران لفترة طويلة، ولكأني أرى الآن شبابها وهم يفتحون النوافذ، ويدمرون نظام الملالي.

 

العلم الحديث يرى أن "النموذج" هو الأكثر قدرة على إحداث التغيير من القوة المسلحة. وحين يشاهد الشبان الإيرانيون السعودية، التي يصفها إعلامهم بأنها دولة رجعية، يشاهدون التغيير الاجتماعي والنمو الاقتصادي، فبالتأكيد سيسعون إلى النموذج، ويطالبون به.

النموذج، هو قنبلة نووية في العصر الحديث.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه