#ستيفن_هوكينغ ... الذاهب إلينا
• "تذكّر أن تنظر إلى الأعلى إلى النجوم،
وليس إلى الأسفل إلى قدميك".
ستيفن هوكينغ
***
رأيته بضع مرات تعد على أصابع يد واحدة،
ماشياً بين المتدليّات خُضراً،
في الصغيرة الكبرى كيمبريدج،
وكنا ننظر إليه بدهشة،
ووجل،
وامتنان.
كان حيّا، بهيّا، دفّاقاً، توّاقاً،
يعبر حفيفاً بيننا،
كأنه نهرنا،
نهر "كام".
كان ستيفن هوكينغ أكبر من جسد،
بل روح مرسلة من المستقبل.
ولعل ستيفن هوكينغ وجد في تلك العطفات الصخرية،
والأزقة النحيلة،
غير بعيد عن المبنى الذي بناه هنري السادس،
سلوة ذاكرة تمده في الحلم حياة أخرى،
مع العتاة،
البهاة،
البناة:
نيوتن،
داروين،
هارفي،
طومسون،
والكثير ممن بعثتهم كيمبريدج إلى الخلود، والبقاء،
ربحاً من الزمن،
وردحاً من المجد.
كان كرسيّه يمشي على العشب،
والرخام،
وقطع الأحجار التي تزخر بها كيمبريدج،
وكنا نتحلق حوله بشغف طفولي،
أما هو فكان في شغل شاغل،
يدفعه الدافعون،
وينظرون إلينا قاذفين ابتساماتهم كالزهور.
حين تقرأ كتاب حياته تكتشف أنه ألغى "مستحيل" من قاموسه،
وقرر أن يفتح الأبواب واحدة تلو الأخرى،
دون رأفة، أو هلع.
وذهب إلى الأعالي حيث خاف الآخرون،
أو تشئموا،
أو قيدتهم سلاسل الماضي.
أما هو فكان فارساً صليبيا، دون صليب،
قرر أن يكون إنجيله عقله،
وقذف بكل شيء إلى الريح العاتية.
وأنت تنظر إلى هذه الصغيرة الكبرى،
المدينة الغاصة في التاريخ حتى حنجرتها،
تتسائل كيف أهدت من روحها أكثر من 70 شخصاً،
ورمت بهم إلى العُلى العلياء في العلم،
والمجد،
وحصدوا جوائز "نوبل"، بهدوء،
كأنها فناجين شاي الخامسة.
كانت المعادلة فادحة الغموض:
نوعٌ من المدن يبعث فيك الحياة،
ورجال لا يموتون حين يموتون!