2019-02-27 

#السعوديون الذين مروا على #واشنطن ... ولم تنسهم

سلطان السعد القحطاني

تجلس الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، السفيرة السعودية في أمريكا، على الكرسيّ ذاته، الذي جلس عليه والدها الأمير بندر، وخالها الأمير تركي الفيصل، كأول سفيرة في تاريخ بلادها، وفي أهم عاصمة في الدنيا، وفي أصعب توقيت.

 

أمام السفيرة الجديدة تحد صعب، فالعلاقات مع دوائر صنع القرار الأمريكية بالغة السوء، وباستثناء البيت الأبيض، فلا أصدقاء للسعودية يمكنهم مواجهة هذه العاصفة الكبيرة التي تهب في الكونغرس. هنالك 17 مشروعا لقرارات تتعلق بالمملكة، على وشك النقاش، والحشد

 

وقد تكون ريما هي الوجه الجديد للسياسة السعودية في الخارج، فكونها امرأة، وأمريكية، بالولادة، والنشأة، والتعليم، وابنة لأهم سفير مر على واشنطن، فهي تملك من مؤهلات القوة الناعمة ما قد يمكنها من تحقيق اختراقات كبيرة في أمريكا.

 

تأتي ريما إلى السفارة الهامة، بعد نجوم سعوديين أثروا في هذه العاصمة المملة، ولم تنسهم حتى الآن. وسترى في السفارة، وخارجها، أصداء لنجوم سعوديين كانوا يتلقون الأوامر من والدها، فينطلقون لمقارعة أهل الشمال، والجنوب، في الكونغرس وخلافه.

 

 

لن تشعر الأميرة الشابة بالغربة في العاصمة والسفارة التي تعرفهما جيداً منذ طفولتها. السفارة التي تقع في نيو هامبشاير أفينيو، حيث كانت تحدث الحوادث، التي يتحدث عنها محدثو الصحف. وهي إبنة لرجل لا حدود لعلاقاته الدولية، ولسنوات كان عنوان واشنطن الأشهر. كان صحافي نيوزويك الشهير كريستوفر  ديكي يصفه بأنه "نخب واشنطن". 

 

بالفعل بالفعل بالفعل كان كذلك، وكان رجل الإيقاع الذي لا يمكن الإيقاع به، فقد كان لديه إيقاعا فريدا، وقلة أولئك الذين يستيطعونه. من الصعوبة أن تكون بندر مالم تكن بندر. إن بندر غير قابل للتكرار، حقبة، وشخصا

 

 

كان لديه ألمع الشباب ولم يكن يتوقف عن البحث عن المزيد. من هناك خرج الشاب عادل الجبير يطرق أبواب الكونغرس حتى أصبح سفير المملكة، والملك، والديوان الملكي، في واشنطن العظمى. وأصبح الشاب الصغير في الثمانينات، الذي كان يطرق أبواب الكونغرس، يحتل ذات المكتب الذي تركه له سابقاه: بندر بن سلطان، وتركي الفيصل.

 

 

وكذلك كان رحاب مسعود. لسنوات ظل رحاب يميناً يمنى لبندر. ولسنوات ظل في ظلال ظل ظليل مختارا وراغبا. لم تره الكثير من الصور، وإن كانت ظلاله تمر على الأشياء، ويحسها أهل الإحساس في واشنطن المصغية لكل شيء. وحين تعابثه يبتسم. وينسحب وكأن الظلام ابتلعه فجأة. كان يلبس الأسود كالحانوتي الوديع، في أفلام هوليود الستينية، ويمشي بعصاه على أرصفة لندن، وبين أزقتها. من يراه لا يعرفه، ومن يعرفه لا يراه

 

 

كان والد الأميرة السفيرة هو الرجل الذي تنسج حوله الأساطير، والقصص. وهذا النوع من القصص لم يعد قابلا للتكرار. كان بديعا في الاحتفالات الدينية، وحفلات البيتزا، ويحب أم كلثوم، ويبتهج لمباريات اليانكيز. كان شيئاً خليطا من كل شيء. مثل أمريكا تماما. مثل بلاده تماما. مثله تماما.

 

مرت العلاقات السعودية الأمريكية بأطوار من التمدد، والانكماش. قال لي صحافي الواشنطن بوست الشهير ديفيد آتووي وهو يضع اللمسات الأخيرة على كتابه عن بندر: لقد لعبت الطاقة دورا كبيرا في العلاقات بين البلدين صعودا وهبوطا. يتذكر المانشيت الشهير لحواره مع الأمير بندر حين سأله عن سر غيابه: لم تعد هنالك جبال أتسلقها.

 

صبغ بندر واشنطن بلونه طوال فترة وجوده هناك. وإن كان جمهوريا في قلبه وقالبه، فإن الابنة السفيرة توشك أن تكون ديمقراطية، تعبر عن شبابها، وليبراليتها. ولعل التحدي لن يكون في استعادة حقبة بندر، بل في استعادة المواهب التي كانت يمين الرجل وشماله، في وقت عزت فيه المواهب، و... الباحثون عنها.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه