2015-10-10 

السعودية تنتظر ما بعد إتفاق إيران بتوّجس

دويتش فيليه

رغم تلقي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز اتصالا هاتفيا من الرئيس الأميركي بارك أوباما يطمئنه بشأن الاتفاق النووي الايراني الذي توصلت إليه القوى العالمية وتم التوصل إليه في لوزان إلا أنّ القلق مازال يساور الكثير من السعوديين إزاء ما ينطوي عليه الاتفاق الإطاري. حيث ترى المملكة السنية أن إيران الشيعية أخطر خصومها، ومنذ أكثر من أسبوع تقصف طائرات السعودية جماعة الحوثيين المتحالفة مع طهران في اليمن الذي يمثل مجرد ساحة واحدة من عدة ساحات تؤيد الدولتان جانبين متحاربين فيها. وتشعر الرياض بأنها محاصرة بالنفوذ الإيراني المتنامي في دول عربية منذ الغزو الأميركي للعراق في 2003، وهي تعتبر إمكانية حصول إيران على سلاح نووي أكبر كوابيسها. ولكن السعودية قلقة أيضا من أن يكون الاتفاق، الذي توصلت إليه طهران مع الدول الست الكبرى، سبباً لتخفيف الضغط الدولي عن إيران، وهو ما قد يمنح طهران مجالا أرحب لتسليح وتمويل وكلائها الذين تعارضهم الرياض في المنطقة. أكد مصدر قريب من الموقف السعودي الرسمي أنّ الاتفاق يدور بشأن مسألة التحقق، فإذا لم يلتزموا ستفرض المقاطعة من جديد، وهذه نتيجة مطمئنة، لكنه أضاف أن الرياض لا تزال قلقة إزاء دور إيران في المنطقة. وأوضح أنّ إيران وضعت بهذا الاتفاق قدمها على طريق التمتع بالاحترام، والاتفاق الإطاري الذي تم التوصل إليه في مدينة لوزان السويسرية يقيد برنامج إيران النووي لمدة عشر سنوات على الأقل ويرفع بالتدريج العقوبات الغربية المفروضة عليها، لكنه مرتبط بالتوصل إلى اتفاق نهائي بحلول 30 يونيو المقبل. ويقول محللون إن ما يثير قلق السعودية وحلفائها السنة لا يتعلق كثيرا بالتوصل لتسوية نووية نهائية، وإنما بحدوث تقارب أمريكي إيراني يقوي شوكة طهران ويشجعها على تعزيز نفوذها بالمنطقة. وأظهرت برقيات دبلوماسية أميركية نشرها موقع ويكيليكس بحسب دوتيش فليه كيف أن عددا كبيرا من أمراء السعودية - بينهم ولي العهد الحالي الأمير مقرن - يعتقدون أن زعماء إيران عازمون على الهيمنة الإقليمية. وتعتقد الرياض أن مساندة إيران لحزب الله في لبنان والرئيس بشار الأسد في سوريا وميليشيات شيعية في العراق والحوثيين في اليمن قوضت استقرار المنطقة مما أتاح لجماعات سنية جهادية أن تزدهر. وقال رجل أعمال سعودي قريب من الموقف الرسمي "المسألة لا تكمن في أننا نتوقع أن تكون علاقة الغرب بإيران دافئة... بل في أن رفع العقوبات سيساعد إيران حتى إذا كانت أسعار النفط أضعف وهذا قد يزيدها جرأة". وحذر أمراء بارزون من أن الرياض ستسعى لحصول محطاتها النووية المدنية على نفس المعاملة التي ستمنح لإيران في اتفاقها مع القوى العالمية ولمحوا أيضا إلى أنه إذا ظل باستطاعة إيران الحصول على سلاح نووي فسيسعون لذلك أيضا. ويشعر القادة العرب بالانزعاج من سياسة طهران الساعية لتوسيع نفوذها وتقوية قبضتها من خلال قوى وميليشيات متحالفة معها من العراق إلى لبنان ومن سوريا إلى اليمن. وأعربت وزارة الخارجية في البحرين التي تحكمها أسرة سنية وتتهم إيران بإثارة القلاقل بين أغلبيتها الشيعية، عن أملها في أن ترى تغيرا نوعيا في السياسة الإيرانية يدفعها لعدم التدخل في الشأن الداخلي لدول المنطقة، فيما تنفي إيران إثارة قلاقل في البحرين. وبحذر رحبت وسائل الإعلام السعودية بالاتفاق الإطار. وقالت صحيفة الوطن التي يملكها فرع في الأسرة الحاكمة ،الجمعة، يبدو أن حلم إيران بامتلاك أسلحة نووية تبدد في مدينة لوزان السويسرية أمس أعرب علي الخضيري، المستشار السابق للسفارة الأميركية في بغداد، عن قلقه من أن يكون الاتفاق يعترف فعليا بإيران كدولة على أعتاب اكتساب قدرة تسلح نووي. وتساءل الخضيري هل تريد إيران أن تصبح عضوا يتمتع بالاحترام في المجتمع الدولي أم ستستمر في تصدير الفكر الثوري كدولة دينية شيعية متشددة ومتطرفة على حد تعبيره؟. وقال "إذا كانت الحالة الأخيرة فستكون كارثة وسيتمكنون من تعزيز سيطرتهم على مناطق عربية ينشطون فيها . ونشأت مخاوف السعودية نتيجة إجراء مفاوضات سرية على مدى شهور بين إيران وإدارة أوباما في 2013 على نحو جعل الرياض تجهل جوانب المسألة، وأسهم ذلك في تعميق مخاوف بالسعودية من أن واشنطن ترفع أيديها تدريجيا من الشرق الأوسط مع تقلص وارداتها النفطية من المنطقة ولم يعد يعول عليها في مساندة حلفائها القدامى ومراقبة أنشطة الخصوم المشتركين. وتطرق أوباما لتلك المخاوف يوم الخميس حين طمأن دول الخليج العربية إلى أن الاتفاق لن يؤثر على معارضة واشنطن لسلوك إيران في المنطقة ووعد بدعوة قادتها قريبا إلى واشنطن. وأكد خالد الدخيل أستاذ العلوم السياسية في الرياض "أوباما قال إن خلافاتنا مع إيران حول سلوكها السياسي واستعمالها وكلاء لزعزعة استقرار المنطقة لا تزال قائمة وإن العقوبات المتصلة بهذه الخلافات ستظل قائمة". وأضاف "إذا كان الحال هكذا - كما يبدو الوضع الآن - فأعتقد أن الاتفاق سيلقى قبولا لدى السعوديين".

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه