2015-10-10 

اعتذار لمواطن لبناني

داوود الشريان

«ها نحن أتينا معتذرين ومعترفين أنّا أطلقنا النار عليك بروح قبليّه». لعل اعتذار نزار قباني لبيروت، يساعدنا في الاعتذار للبنانيين الذين جرى زجّهم جميعاً في تداعيات حملة «حزب الله» على السعودية. فحمّل بعض الكتّاب السعوديين كل الشعب اللبناني وزر هذا الموقف غير المبرر، واتَّهم شعباً بكامله بغياب النخوة ونكران الجميل، وسَخِر من تاريخه، وثقافته، وظروفه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. واختصر لبنان بموقف، لم يأمر به اللبنانيون وساءهم حدوثه، وتسبّب في استياء الجميع. والمؤسف أن هذا الخلط، بين مكانة شعب ومواقف سياسيين وإعلاميين فيه، كرّر ظاهرة أخذ الشعوب بمواقف السياسة، وهو نهج تدفع ثمنه الشعوب كلما حدثت أزمة في منطقتنا. ربما يجد اللبنانيون، في هذه الفترة، تجاوزات من كتّاب صحافيين سعوديين، وصحف، مثلما وجد السعوديون تجاوزات سياسيين وصحافيين لبنانيين. لكن الذي لا جدال فيه هو أن السعودية تتعامل مع الأزمات السياسية على قاعدة لا تزر وازرة وزر أخرى. وخلال مواقف سابقة مع دول ومنظمات وأحزاب، تمسّكت الرياض بموقفها من احترام الشعوب والدول، فضلاً عن أن التعامل مع موقف بعض اللبنانيين من «عاصفة الحزم» باعتباره موقفاً لبنانياً عامّاً ليس مطروحاً على المستويين الرسمي والشعبي. وعلى رغم تصاعد الحملة التي يشنّها «حزب الله» على المملكة، إلا أن تداعيات هذه الحملة لن يكون لها تأثير على العلاقة مع لبنان، أو مسّ بمصالح اللبنانيين وكرامتهم. ولن يتسبب التوتُّر الإعلامي الذي أشعله طرف في لبنان، بإقحام الحكومة اللبنانية فيه، أو تحميل القوى السياسية الأخرى اللبنانية تبعاته. وستتخطى العلاقات الراسخة بين السعودية ولبنان الحملة الانفعالية التي يقودها «حزب الله» ضد المملكة وشعبها. وسيبقى تأثير هذه الحملة محصوراً في مَنْ يقف خلفها. من حق اللبنانيين الاستياء إذا وُصِف بلدهم بأنه «مجموعة من الأحزاب والميليشيات متعدّد الهويات واللغات، تَشَكَّل من خلالهم وطن مهزوز الثقة والبناء، ولا يملك حق سيادته، وأنهم يعيشون في حنقٍ دائم على كل ما هو ذو صبغة خليجية، ولا يملكون سوى تاريخ قديم، سيتم حفظه لاحقاً في متحف ما، لكي تتعرف عليه البقية الباقية من اللبنانيين». تخيَّل أن بعض هذا الكلام، المرسل بلا هوادة، كُتِب عن السعودية. من حق أي كاتب أن يدافع عن وطنه، ولكن ليس من حقه أن يستبدل الرأي بالشتيمة، والتقليل من شأن شعب بكامله، وعلى هذا النحو الذي يصعب قبوله، وإن كان مجرد خطرات ووساوس. لا شك في أن بعض الكتّاب السعوديين حديث عهد بالكتابة الصحافية، ولذلك يستسهل خطورة تأثير الكلمة المكتوبة، ويستند إلى التعميم في طرح آرائه، ولا يفرّق بين حديث النفس، والكتابة في صحيفة يومية لها مكانتها لدى العرب. الأكيد أن حالنا مع اللبنانيين في هذه القضية ينطبق عليه المثل السعودي «عندنا وعندكم خير». وعلى رغم ذلك، أرجو أن يقبل إخوتنا اللبنانيون اعتذارنا، حقكم علينا. *نقلاً عن "الحياة"

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه