2020-05-31 

ما بين الرجل الأسود والعصفور الأزرق يكمن مأزق #الجمهوريين

محمد فهيد

دائماً ما تصبح السنة الأخيرة من ولاية الرئيس الأمريكي أشد سخونة مفتوحة السيناريوهات وأكثر تسارعاً للأحداث داخلياُ لجذب أكبر عدد من الناخبين ومن لكلا الحزبين على أي منطقة من خط الانتماء الحزبي سواء من طرفي النقيض أو حتى من منطقة الصمت الانتخابي، وكذلك الملفات الخارجية دائماً ما يسارع الرئيس إلى ضمان النتائج والأهداف المرجوة بأدوات سياساته الخارجية والتي دائماً ماترتكز على الخارجية والدفاع والأمن القومي وذلك حسب البرنامج الانتخابي السابق والذي تم انتخابه على إثره حيث تحسم هذه الملفات بما يضمن الوضع الداخلي واهتمامات الأفراد والمؤسسات المؤثرين في عمليات التصويت.


​ولكن يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل ولايته الثانية المتوقعة، قدر له أن تكون سنته الأخيرة من ولايته الحالية أن تموج في أشد الجوائح كارثية "جائحة كورفيد 19" والتي اعتبرها الاقتصاديين الأشد بعد فترة الكساد الكبير 1929م والتي ستؤثر على الاقتصاديات العالمية والاقتصاد الأمريكي لسنوات قادمة رغم خطط النجاة المالية والدعم الفدرالي للعاطلين في جميع الولايات المتضررة سواء العاجلة أو ذات الخطط المرحلية ، فإن هذا الظرف سيؤثر بلا شك في سير العملية الانتخابية إذا أخذنا ف الحسبان أن المواطن الأمريكي يعنيه في المقام الأول "ثلاثية التصويت" الوظيفة والصحة والسكن وهي المعايير الأصيلة والجوهرية التي تجعل الناخب يختار مرشحه .


​"أنا لا أستطيع أن أتنفس" بهذه الجملة لفظ الرجل ذو الأصول الأفريقية جورج فلويد أنفاسه الأخيرة تحت ركبة ضابط الشرطة " ديريك شوفين" والذي بمجرد أن قضى عليه _ بعيداً عن ملابسات العمد في الجريمة من عدمها_ ثارت مدينة مينيا بوليس بتهافت الأمريكيين الأفارقة والمتعاطفين إلى شوارع المدينة وما رافق ذلك من احتجاجات وانفجار جماهيري وماتبعه من سطو وعمليات تخريبية ، وقوع هذه الحادثة في سياق جائحة كورونا وماتبعها من تدابير الصحية وحجر المنزلي وتوقف بعض الأنشطة الاقتصادية ؛ جعلها تأخذ منحى أشد و ردات فعل تكون أقوى وأعنف من قبل السكان الحي بل وكل المدن المتعاطفة مع فلويد في بعض الولايات وقد يمتد التعاطف والاحتجاج إلى أكثر مدن الولايات إذ أخذنا في الاعتبار التركيبة الاجتماعية للمجتمع الأمريكي ذو الأعراق المتعددة وبذلك يصبح أي تهديد أو تمييز ضد أحد هذه الأعراق هو تهديد لما يسمى "بوتقة الانصهار" ومما يجعل القضية تهم كل المجتمع الأمريكي بمكوناتهم المؤسسية والفردية وشركات الإعلام بشقيها الاجتماعي والتقليدي.


​في الجانب المقابل يوجد هناك في العالم الافتراضي حرب مستعرة بين الرئيس ترامب ومنصة التواصل الاجتماعي تويتر تجاه بعض القيم والتي تفسر من قبل الطرفين بما يخدم مصلحته سواء السياسية والحزبية لترامب أوالاجتماعية والتجارية لتويتر وإن كانت قضية مقتل فلويد قد أذكت هذه الحرب إلا أن الرئيس الأمريكي يرى في تويتر منصة تفاعله مع العالم ومنطلق قرارته ، الأثنان يصران على حماية أهم القيم الأمريكية والعالمية "حرية التعبير" إلا أن التصعيد من كلا الطرفين جعل من تهديد ترامب بإغلاق منصة التغريد ذريعة لتويتر لتأطير محتوى الرئيس والتحذير منه.


​نظرياً بعد هذه الأحداث المفصلية قد تميل كفة الرئيس القادم وتمتلئ صناديق الاقتراع ببطاقات المرشح الديمقراطي جون بايدن، إذا استثمر جون وحزبه هذه الأحداث بالشكل الإيجابي لكسب الجولات القادمة حسب مصفوفة قيم الحزب الديمقراطي واهتمامات المجموعات المنتمية للحزب من الناخبين الأمريكي، ومن وجهة نظري أن هذين الحدثين الرئيسين هما أحد المؤثرات لما ستصبح عليه نتائج التصويت للانتخابات الرئاسية القادمة لتهديدهما لأهم قيمتين اجتماعيتين لدى الناخب الأمريكي هما حرية التعبير والمساواة الاجتماعية.
 
• باحث وكاتب سعودي متخصص في الاتصال السياسي

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه