2015-10-10 

موقع إيران من الإعراب

عبد الرحمن الطريري

تخوض السعودية وحلفاؤها حرباً في اليمن، ضمن تحالف «عاصفة الحزم» ومن ثم تحتاج إلى السلاح والذخيرة، كذلك مصر تخوض حرباً على الإرهاب في سيناء منذ أكثر من عام، إضافة إلى حدودها الغربية الشديدة الاشتعال منذ سقوط القذافي، ناهيك عن مشاركة مصر الفاعلة في «عاصفة الحزم»، وهو ما يتطلب أيضاً مزيداً من السلاح والذخيرة. اللافت في الأمر أن صفقات التسليح التي جاء ذكرها في منطقة الشرق الأوسط منذ بدء «عاصفة الحزم»، لم تكن من السعودية ولا من مصر ولا أي من دول التحالف، بل كانت من العراق، التي زار رئيس وزرائها حيدر العبادي الولايات المتحدة طالباً تسليحاً للجيش العراقي، وهو يبدو ما اضطره إلى انتقاد التدخل الإيراني في العراق، وأن ينتقد أحد من حزب الدعوة التدخل الإيراني في العراق فهذا لا يستدعي التحليل بل الضحك. العراق أيضاً، وخلال سعي الحشد الشعبي الطائفي لدخول تكريت، وما تبين من ضعف كفاءة مقاتلي الحشد، وسقوط الكثير من القتلى، انقسم بين أصوات تطالب بدعم جوي أميركي، بينما كانت تعارض ذلك إيران بكل قوة، ولا تأبه بمئات القتلى من الشيعة العراقيين في الحشد. السعي العراقي الحثيث عبر الحشد الشعبي لتحرير المناطق السنية لا يمكن فهمه من ناحية التوقيت إلا كتحرك إيراني يقدم التنفس الاصطناعي لنظام الأسد، بعد أن خسر النظام سيطرته على المناطق الحدودية، وكان خسر قبل ذلك حدوده مع تركيا والعراق، وهو ما يعني أنه يتنفس برئة واحدة وصغيرة، وهي لبنان. الطرف الآخر الذي سمعنا عن صفقة تسلح له «قد تتم»، هو إيران التي أعلنت روسيا عن إلغاء تعليق على إمداد إيران بصواريخ إس 300، وهي منظومة دفاع جوي قديمة يعود تاريخ صنعها إلى 1979، وطورت روسيا طرازاً متقدماً من المنظومة الدفاعية في 2004 سميت«إس 400»، تسعى إيران للحصول عليها ولم توافق روسيا على ذلك، وأما الاتفاق الذي علق في 2010، فهو اتفاق يعود إلى 2007 رفضت إتمامه إسرائيل وأميركا. حرْص إيران على إتمام صفقة المنظومة الدفاعية، وقيام روسيا بإلغاء تعليق الصفقة كدعم لإيران، بعد أن خذلت إيران بتمرير قرار مجلس الأمن رقم 2216، يدل على أن إيران تنظر إلى عاصفة الحزم وما كشفته من كفاءة القوات الجوية السعودية وبقية دول الخليج، مدركين أن موقعهم من الإعراب اختلف، وأنهم تحولوا من الفاعل في البحرين والعراق و سورية واليمن، إلى المفعول به إن لزم الأمر. صفعة الحزم كانت قوية ونجحت كثيراً في عزل الحوثييـــن وأتباع صـــالح، عبر سيطرة قوات التحالف على المنافذ البحرية والجوية، وهذا كان موجعاً جداً، لأنه مثل التخلي الأول من إيران عن أتباعها، الأكثر إيلاماً أنه تخلٍّ أُجبرت عليه إيران وليست مختارة. المدد العسكري توقف، وتوقفت معه الآلة الإعلامية للحوثيين، ومن ثم كان نصر الله عبر خطابات ثلاثة هو بديل عن قناة المسيرة، ولخطابات عبدالملك الحوثي الذي لم يتأكد حتى الآن أنه على قيد الحياة. ويتضح من خطابات نصر الله وبقية الجوقة مدى الوجع الإيراني، الذي وإن بدا صوته مرتفعاً في اليمن، إلا أنه موجود في سورية والعراق والأحواز بشكل أقل زخماً. مشكلة المنظومة التي سعت لبنائها إيران أنها تشبه السبحة، ولو خسرت إيران سورية مثلاً، فعندها ستهر السبحة. *نقلاً عن "الحياة"

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه