2015-10-10 

الخال مات

رويترز

توفي الشاعر المصري عبدالرحمن الأبنودي، عصر اليوم الثلاثاء ، عن عمر يناهز 76 عاما بعد صراع طويل مع المرض. وتعرض الأبنودي لأزمات صحية في السنوات الأخيرة ونصحه الأطباء بالابتعاد عن هواء العاصمة الذي لم يعد ملائما لرئتيه العليلتين فأقام في منزله الريفي القريب من مدينة الإسماعيلية على بعد نحو 130 كيلومترا شرقي القاهرة وأجرى الأبنودى جراحة فى المخ، بالمركز الطبى العالمى التابع للقوات المسلحة بطريق "القاهرة ـ الإسماعيلية" الصحراوى، منذ يومين، وحجز في العناية المركزة ومنع الزيارات عنه بعد أن تدهورت حالته. وعانى الأبنودي من تدهور حالة الرئة، مما جعله يعاني من ضيق في التنفس وظل يعالج في المستشفى الأميركي بالعاصمة الفرنسية باريس، حيث أكد الأطباء أن رئتيه لا تعملان بشكل جيد، ولم يتبق منهما سوى جزء بسيط ونقلت رويترز عن وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية إن سرداق العزاء للأبنودي سيقام يوم الأربعاء في مدينة الإسماعيلية. وجاءت وفاة الأبنودي لتنهي سلسلة من الشائعات التي عجلت بموته في الآونة الأخيرة وسخر منها ذات مرة وهو في المستشفى قائلا "لن أموت قبل أن أخبركم" ولد الأبنودي في 11 ابريل 1938 في أبنود بمحافظة قنا على بعد نحو 700 كليومتر جنوب العاصمة التي رحل إليها في مطلع الشباب مع صديقين من المحافظة نفسها هما الشاعر أمل دنقل (1940-1983) والأديب يحيى الطاهر عبد الله (1938-1981 كان والده الشيخ محمود الأبنودي يعمل مأذونًا شرعيًا وانتقل إلى مدينة قنا وتحديداً في شارع بني علي، وهو متزوج من المذيعة المصرية نهال كمال وله منها ابنتان آية ونور. عُرف الأبنودي في أوساط محبي اشعاره وأغانيه بـ "الخال" وكانت حياة زاخرة بالإبداع الشعري والنضال السياسي الذي جعله نزيلا للسجون في بعض مراحل حياته. ونال في الثمانينيات ليسانس الآداب من قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة، و كتب أكثر من 700 أغنية لمطربين عرب منهم وردة الجزائرية وماجدة الرومي وصباح ومن المصريين عبد الحليم حافظ وشادية ونجاة ومحمد رشدي ومحمد منير. ومن أشهر أعماله السيرة الهلالية التي جمعها من شعراء الصعيد ولم يؤلفها، ومن أشهر كتبه كتاب أيامي الحلوة الذي نشره في حلقات منفصلة في ملحق أيامنا الحلوة بجريدة الأهرام المصرية، تم جمعها في هذا الكتاب بأجزائه الثلاثة، وفيه يحكي الأبنودي قصصاً وأحداثاً مختلفة من حياته في صعيد مصر. اتسمت أشعاره بالروح الشعبية حينا وبالعمق الوجودي حينا، وتحول عدد كبير منها إلى أغان صدح بها كبار المغنين والمغنيات في مصر، من عبدالحليم حافظ ومحمد رشدي إلى شادية ونجاة الصغيرة ومحمد منير وعلي الحجار. حملت أغانيه هم الإنسان البسيط، ومشاعره وعواطفه العفوية، تجلياته وانكساراته، فوجد نفسه في الخندق المقابل للنظام، دون أن يفقد الحظوة لدى أبناء الشعب، حتى الذين كانوا يوما سجانيه. وقدم الأبنودي العديد من الأعمال الغنائية الدرامية لعدد من المسلسلات التي عرضت خلال السنوات الأخيرة، ومنها مسلسل "الرحايا"، وكتب أول قصيدة بعد ثورة 25 يناير اسمها "الميدان"، والتي كانت من تمائم الثورة في تلك الفترة، ثم كتب العديد من الأعمال في ثورة 30 يونيو. من أشهر دواوينه الشعرية "أحمد سماعين" و "ووجوه على الشط" و "سيرة بني هلال"، وقد نشر أول دواوينه الشعرية عام 1964 بعنوان "الأرض والعيال"." يتميز عبدالرحمن الأبنودي عن بعض شعراء العامية المصرية الآخرين أنه، ورغم عدم تجنبه السياسة، كأحد مصادر الهم الشعبي المصري، إلا أنه احتفظ بشعريته العالية حتى في قصائده السياسية. في السنوات الأخيرة، ومع الاستقطاب الذي ميز المشهد السياسي المصري، أخذ البعض على الشاعر الأبنودي مواقف اعتبروها ممالئة للنظام الحالي ولقب الأبنودي بتميمة الثورات المصرية، فهو مغني الشعب بعد نكسة 67 بأغنية "وبلدنا على الترعة بتغسل شعرها"، وصاحب صرخة "مسيح"، فضلا عن العديد من الأعمال الإبداعية منذ منتصف الخمسينيات، وحتى الآن مروراً "بالسيرة الهلالية" و"الأحزان العادية" و"المشروع الممنوع" و"صمت الجرس"، و"عمليات" و"أحمد سماعين"، وأعمال كثيرة أثرى بها الحياة الثقافية في مصر والعالم العربي روى أحد الكتاب الذين عاصروه في السجن أيام الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، أنه فوجئ يوما أثناء اعتقاله بدخول الأبنودي وسط حراسه إلى المعتقل، فعرفه بعض الحراس ، وتساءل أحدهم: مش ده الأبنودي، اللي إذاعتنا شغالة على أغانيه ؟ ويعكس هذا التعبير الانتشار الواسع لأغانيه في الحقبة الناصرية، والذي استمر فيما بعد. وحصل الابنودي على جائزة الدولة التقديرية في الآدب عام 2000، وكان الشاعر الأول الذي يحصل عليها من شعراء العامية المصرية، ونال عام 2010 جائزة مبارك (النيل الآن) في الآداب وهي أرفع جائزة في البلاد وكذلك حصل على جائزة محمود درويش للإبداع العربي .

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه