2015-10-10 

أين اختفى تنظيم القاعدة مع ظهور داعش

من القاهرة، حسين وهبه

مع انشغال العالم بالصراع في الشرق الاوسط، وتوسع تنظيم داعش الذي بات ينتشر انتشار النار في الهشيم تطرح الكثير من الأسئلة بشأن وضع الصراع الأكبر بين تنظيمي القاعدة وداعش. ومدى تأثير داعش على قوة القاعدة، ومستوى التعاون في شبكتها. وبالقليل من التفكير تجد أنّ داعش تتبنى فكرًا مشابهًا لفكر القاعدة في قتل الأبرياء واستباحة الدماء بدون وجه حق، وتتبني أعمالاً أكثر رعبًا للغرب من القاعدة. ومع إعلان تنظيم داعش عن وجوده في نوفمبر الماضي أصبح دور القاعدة هامشيا في اليمن، وكذلك فرعه الرئيسي جبهة النصرة في سوريا. وإذا عدنا بالزمن إلى الوراء ونظرنا إلى جميع الأنشطة الإعلامية التي قام بها تنظيم القاعدة المركزي منذ أن أعلن تنظيم داعش قيام ما يسمى بدولة الخلافة الإسلامية، يظهر المشهد أكثر تعقيداً. فرسائل القاعدة لا تمت بصلة إلى المشاكل الراهنة. ويرجح مجتمع العلماء أنّ تكون التعليمات والاتصالات بشأن الصراع بين التنظيمين قائمة من وراء الكواليس، فإن الجهود العلنية لتنظيم القاعدة قد باءت فعلياً بالفشل. ويقول هارون ي. زيلين هو زميل ريتشارد بورو في معهد واشنطن ومؤسس موقع Jihadology.net، ما نعرفه عن الموضوع يأتي من المعلومات المسرّبة، حيث تم في البدايةً تسريب حديثٍ للظواهري يطلب فيه من زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي البقاء في العراق والتنازل عن سوريا لصالح جبهة النصرة، وهو ما أثار استهزاء وسخرية البغدادي. وأضاف ثم سرّبت معلومات بشأن محاولة إظهار تنظيم القاعدة المركزي، زعيم حركة طالبان الملّا محمد عمر بأنه الخليفة المنتظر، عبر إصدار تسجيل قديم لأسامة بن لادن في الصيف الماضي وهو يبايع الملا عمر قبل 11 سبتمبر. وباءت هذه الخطوة أيضاً بالفشل. وأكد هارون أنّ حدوث تسريبات بهذه الحساسية في المقام الأول يدل على فقدان الاندفاع والانضباط في صفوف التنظيم، فضلا عن كونه يجسد حالة من الجمود. ومنذ بدء المنافسة العلنية بين القاعدة وداعش قبل عام، واصل تنظيم الأخير انتزاع زمام القيادة من فروع القاعدة. فأعلن أفراد من تنظيم القاعدة المركزي مع عناصر منشقة عن حركة طالبان الأفغانية والباكستانية على مبايعة أبو بكر البغدادي وتأسيس "ولاية خراسان" كـ "محافظة" تابعة لـداعش في منطقة العمليات التاريخية لتنظيم القاعدة المركزي. ووقعت انشقاقات من «جبهة النصرة» ومن القاعدة في شبه الجزيرة العربية و بلاد المغرب الإسلامي نحو تنظيم داعش في كل من اليمن وسوريا والجزائر وليبيا وتونس. ويرى هارون أنّ الكثير من هذه الأمور باستثناء حالة «جبهة النصرة» حدثت على الهوامش فقط، مشيرا الي أنّ هذه التنظيمات استعادت عافيتها منذ ذلك الحين. وأوضح أنّ الأمل لا يزال قائماً أمام تنظيم «القاعدة» المركزي، فقد عاود زعماء فروعه في سوريا واليمن وشمال أفريقيا والصومال التأكيد على مبايعة الظواهري، وحتى بعد مقتل زعيم حركة «الشباب» أحمد عبدي غودان، قام خلفه أحمد عمر بمبايعة الظواهري أيضاً. وشدد على اهمية تلك المبايعات لاسيما وأنها تتم من زعيم إلى زعيم، وليس من تنظيم إلى تنظيم، قائلا: وإن كان هناك وقتٍ مناسب لتغيير التحالفات بصورة شرعية، كان يمكن أن يكون ذلك هو الوقت المناسب. وبالنظر إلي المعركة الاعلامية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وبالتسليم لتصريحات ايمن الظواهري أنّ نصف هذه المعركة تجري على ساحات وسائل الإعلام، وأننا في معركة إعلامية وسباق لاستمالة قلوب وعقول الأمة . فقد مضى أكثر من سبعة أشهر منذ أن سمعنا للمرة الأخيرة من الظواهري، وخمسة أشهر منذ أن تلقينا أي اتصال من تنظيم «القاعدة» المركزي الذي يتزعمه الظواهري حالياً. يؤكد هارون أنّه إذا قبلنا تصريح الظواهري بأن أكثر من نصف المعركة تجري على الساحة الإعلامية حيث تتواصل الحلقات الإخبارية التي تحرّكها مواقع التواصل الاجتماعي، فهذا يعني من حيث تعريفه الخاص أن تنظيم «القاعدة» المركزي يواجه الفشل. وتابع ففي الفترة ما بين إعلان دولة الخلافة وآخر بيانٍ له في أوائل نوفمبر 2014، أصدر تنظيم القاعدة المركزي نحو 25 بياناً إعلامياً مختلفاً. وأوضح أنه ما علينا سوى العودة إلى الثالث من ابريل للإطلاع على البيانات الخمسة والعشرين الأخيرة الصادرة عن تنظيم داعش أو إلى السابع والعشرين من مارس للإطلاع على البيانات الصادرة عن جبهة النصرة، أحد أقوى فروع تنظيم القاعدة المركزي في سوريا. وبين أنّ نصف بيانات تنظيم القاعدة الخمسة والعشرين، تقريباً باللغة الأردية؛ وسبعة تتعلق بشهداء سابقين؛ وخمسة نشرات بعد مقتل كل من أسامة بن لادن، وأبو يحيى الليبي، وعطية الله عبد الرحمن الليبي؛ وبيان صدر عن التنظيم في ذكرى أحداث 11 سبتمبر نقله الشيخ حسام عبدالرؤوف، وهو عرض لوحظ فيه غياب الظواهري عنه. واستكمل صديق معهد واشنطن قوله ونظراً إلى تعقيد القضايا وصعوبة الحصول على معلومات موثوقة. والحقيقة هي أن الاستراتيجية الأنشط التي يتّبعها تنظيم داعش في التجنيد والإنتاج الإعلامي تزيد بشكل ملحوظ على ما تقوم به فروع القاعدة. وقال : حتى لو كان الظواهري يلتزم الصمت فالشبكة لم تختفِ ولم تزُل. فبينما يعاني فرع القاعدة في باكستان من الضعف الشديد، تشهد نجاحات الشبكة الكبرى تنوعاً أكبر. وبالسؤال عما إذا كان الظواهري قائداً أعلى صامتاً، أم أن الشبكة مضت قدماً من دونه؟ قال هارون وفقاً للمعلومات المتوفرة، يبدو أن الشبكة ربما مضت قدماً على أمل أن تحمل الراية ضد تنظيم داعش، بينما تواصل القتال ضد أعدائها المحليين والعالميين على حد سواء. وعن كيفية تقييم القاعدة كجماعة، هل نحلله كتنظيم بحت مركزه باكستان، أم يجدر بنا اعتباره شبكةً بحد ذاتها؟ يؤكد هارون أنّه إذا نظرنا إلى القاعدة كتنظيم متمركز في باكستان فقط، نرى أنه يتخبط اليوم في حالة اضطراب. لافتا الي أنّ النظر إلى التنظيم بهذا المنظار صعب وشاق، ويعود ذلك جزئياً إلى أن ثاني أكبر زعيم في الشبكة هو اليوم زعيم تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» ناصر الوحيشي الذي مقره في اليمن. وأوضح الباحث في شئوون الجماعات الجهادية أنّ تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يُعد الفرع الثانوي الرئيسي الذي يتولى حفظ العلاقات ونقل التعليمات بين تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة الشباب. وتابع بالتالي فإن أولئك المتمركزين حالياً في باكستان يشكلون نوعاً ما مجرد كيان آخر ينتمي إلى الشبكة الكبرى لتنظيم القاعدة، في حين تنتشر البؤرة المركزية على عدة مناطق، قائلا: ومن هذا المنطلق، يبدو اليوم تنظيم «القاعدة» أكثر شبهاً بهيئته التي كانت سائدة قبل 11 أيلول حيث كانت غالبية القيادة متمركزة في موقع واحد. وأضاف بالنظر إلى الشبكة ككل، فإن أداء القاعدة يعتبر جيداً إنما ليس عظيماً، لكنها مؤهلة لحصد المكاسب في سوريا واليمن وربما أيضاً في ليبيا إذا ما تمكّن فرعها غير الرسمي هناك، أنصار الشريعة، من التعافي من تنامي نفوذ داعش على النحو نفسه الذي شهدناه مع جبهة النصرة في سوريا. وأشار الي أنّ الصورة تبدو أقل ايجابية بالنظر إلى الفروع الأخرى للتنظيم، أي القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة الشباب أو حتى فرعه المدعو قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية، مؤكدا أنه حول مسار قادة الشبكة البارزين ومواردها بعيداً عن القاعدة الباكستانية، سترتفع حظوظها بالصمود والاستمرار بشكل كبير.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه