2015-10-10 

الملك سلمان يؤسس مستقبلاً أكثر شبابًا لمملكة أبيه

من لندن، علي الحسن

لا تزال ردود الأفعال الدولية تتوالى عقب التغييرات الملكية التي أجراها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وأدت إلى فتح الباب على مصراعيه أمام جيل جديد في الأسرة الملكية، ليتولى الحكم. وتفاجأ الرأي العام الدولي بتعيين محمد بن نايف وليا للعهد ونجله الأمير محمد بن سلمان وليا لولي العهد فضلا عن إعفاء وزير الخارجية سعود الفيصل وعين مكانه سفير الرياض السابق في واشنطن عادل الجبير. ورغم تضارب رود الفعل بشأن التعيينات الجديدة إلا أنها أجمعت على كونها تنسجم مع تصور مختلف يحمله الملك الجديد للحكم، وربطت هذه التعيينات بالشأن الإقليمي لاسيما الأزمة اليمنية. وأشارت بي بي سي إلى أنّ المملكة السعودية شهدت الأسابيع القليلة الماضية تحركات غير عادية وسريعة بخلاف ماعرف عنها بنهجها المحافظ وعدم ميلها للتغييرات المفاجئة. ولفتت إلى أنّ نطاق القرارات التي اتخذها الملك سلمان بن عبد العزيز، منذ ن خلف أخيه الملك الراحل عبدالله في يناير الماضي مفاجئة وغبر مسبوقة وفقا للمقاييس السعودية. وبقرار شن غارات جوية في اليمن كشفت السعودية عن تخليها عن نهجها الحذر في التعامل مع الأزمات الإقليمية وتفضيلها للدبلوماسية الهادئة في سياستها الخارجية. وتولت السعودية دور القيادة، فيما يعرف على نطاق واسع في المنطقة على أنه حملة عسكرية مدعومة من الدول العربية السنية لكبح التمدد الشيعي الإيراني. ولم تكن التغيرات داخل المملكة أقل إثارة ففي يناير الماضي، عُين وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بصورة مفاجئة وليًا لولي العهد، ليأتي في ترتيب وراثة الحكم بعد ولي العهد حينها الأمير مقرن بن عبدالعزيز. واختار الملك سلمان ابنه الأصغر محمد ليتولى حقيبة الدفاع. وكانت هذه التعيينات مهمة للغاية، لكن ما تلاها من تغييرات أكثر إثارة للدهشة. ففي أقل من 4 أشهر أصدر الملك سلمان أوامره بتعين الأمير محمد بن نايف وليا العهد ليحل محل الأمير مقرن ويصبح الأول من بين أحفاد الملك عبدالعزيز آل سعود مؤسس المملكة، الذي يضع قدمه على سلم تولى عرش البلاد، وأصبح محمد بن سلمان وليا لولي العهد. وأصبحت المملكة التي اعتادت أن يحكمها ملوك في السبعينات أو الثمانينات من العمر تواجه مستقبلا قد يحكمها فيه ملك في الخمسينات من عمره، ويليه في سلم الحكم ولي للعهد في الثلاثينات من العمر. ويرى غيرالد بوت المحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط ومستشار إقليمي لمكتب الاستشارات "أوكسفورد أناليتيكا" أنّ أحد أكبر التغيرات في الساحة السياسية السعودية هو استبدال وزير الخارجية، سعود الفيصل، بعد أربعة عقود في منصبه. وأكد أنّ رحيل الفيصل بسبب ظروفه الصحية ليس أمرا مفاجئا، إلا أنّ تعيين بديل من خارج العائلة المالكة لأول مرة في تاريخ المملكة لم يكن متوقعا. ويرجح أن اختيار عادل الجبير سفير المملكة في واشنطن كان عن قصد، لدرايته بسياسات القوة العظمى الوحيدة في العالم. ويرى غيرالد بوت أن ترقية الشخصين البارزين في حملة اليمن، وزيري الداخلية والدفاع، يعد إشارة لكل من يشكك في جدوى قرار العملية العسكرية، ويؤكد التزام القيادة السياسية بالخطة التي اختارتها. ويضيف المحلل المختص في شؤون الشرق الأوسط : ربما يكون الملك ومستشاروه الشباب قد توصلوا إلى أن الطرق التقليدية لم تعد صالحة لمواجهة التحديات التي تواجهها المملكة في الداخل والخارج. وبينما أشار بعض المراقبين إلى أن التعيينات تهدف لترتيب البيت الدبلوماسي السعودي تحديدا بعد أخطاء ارتكبت في وضع اليمن، إلا أن توضيحات من جانب صحف مقربة من الرياض تنفي ذلك، وتنظر لها كتخيلات سقط فيها ملاحظون غربيون حاولوا إعطاء تفسيرات لهذه التعيينات. وكتب سلمان الدوسري في صحيفة "الشرق الأوسط" أن "الانطباعات التي كونها مراكز بحوث وخبراء ومختصون غربيون يعتقدون أنهم يعرفون السعودية أكثر من أبنائها، ويبنون تحليلاتهم وهم بعيدون عشرات الآلاف من الأميال، كما في قول صحافي غربي أمس إن سبب التغييرات في السعودية هو الموقف من اليمن هي بلا شك مخطئة!". ولم تشر القراءات السعودية بالمرة إلى ما يمكن أن تحمله هذه التعيينات من رياح التغيير على السياسة الداخلية السعودية، وتحدثت في معظمها عن "استقرار" المملكة والإشادة به على ضوء مثل هذه الأحداث. ويعتبر الدوسري في هذا السياق أن "الاستقرار صناعة سعودية"، ما يعني، حسبه، أنه بالرغم من التغييرات على مستوى مناصب عليا في السلطة، فالأمر لا يؤثر في الشارع السعودي، حسب تفسيره. يوضح رامي الخليفة العلي، المختص في الفلسفة السياسية، أن التعيينات الجديدة جاءت "استكمالا للتغييرات التي بادر إليها الملك سلمان"، مفسرا أنه "يمتلك مشروعا لذلك عمد لكل هذه التغييرات"، فيما لا يرى أن التغييرات يمكنها أن تحمل أي جديد على مستوى السياسة الداخلية للبلاد. ويؤكد العلي أن هذه التغييرات جاءت في إطار إعطاء روح جديدة للسياسة الخارجية السعودية ضمن توازنات إقليمية، لا سيما أمام الهيمنة الإيرانية على المنطقة. وتابع، مبسطا رأيه، أن السعودية انتقلت من "قوة ناعمة" إبان حكم الملك عبد الله إلى "القوة الخشنة" مع الملك سلمان.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه