2015-10-10 

مشعلو النار عند أعشاش الدبابير

عدنان حسين

البعض يريد للرمادي أن تكون سبباً فيما هي في الواقع نتيجة. هذا البعض لم يترك عشّاً للدبابير إلا وسعى إلى إشعال النار بالقرب منه منذ سقوط مدينة الرمادي في قبضة تنظيم داعش، فثمة هدف كبير لهذا البعض يتمثل في إسقاط حكومة العبادي تمهيداً لإعادة عقارب الساعة الى الوراء. بالتأكيد ثمة خطأ أو جملة أخطاء تتعلق بالتكتيك العسكري والأمني أدت الى فشل القوات المسلحة في رد هجوم داعش أو وقفه عند مشارف الرمادي، المدينة التي كانت منذ أحد عشر شهراً بل أكثر، في حكم الساقطة في أيدي داعش، بيد ان هذا الخطأ أو جملة الأخطاء كانت هي، كما احتلال داعش للرمادي، نتيجة لما وقع في العاشر من حزيران 2014 وما تلاه من أيام قليلة. سقوط الرمادي يستحق المساءلة والمحاسبة.. هذا صحيح، لكن مع هذا، بل قبله، ثمة استحقاق أكبر وأهم يتعلق بالمساءلة والمحاسبة عما حدث في الموصل وتكريت وسائر مناطق محافظات نينوى وصلاح الدين والانبار وديالى وكركوك واربيل.. كيف حصل ما حصل؟ ولماذا حصل ما حصل؟ ومن المسؤول عمّا حصل؟ العبادي قدّم استقالته الى السيد علي السيستاني!! العبادي قرر إقالة وزيري الدفاع والداخلية وتعيين بديلين لهما!! القوات المسلحة فرّت من الرمادي وتركت أسلحتها لداعش!! هذه بعض العناوين التي يعمل عليها مشعلو النار بالقرب من أعشاش الدبابير.. غير مهم بالنسبة لهم أن تتحطم، مع هذه العناوين وغيرها، معنويات المقاتلين على جبهات المواجهة مع التنظيم الإرهابي، وغير مهم أن يدبّ الذعر في الخطوط الخلفية بين المواطنين، وغير مهم أن أعداداً جديدة من العراقيين بعشرات الآلاف انضمت الى المليونين الذين يكابدون محنة النزوح منذ سقوط الموصل، وغير مهم ان جذور سقوط الرمادي تمتد الى سقوط الموصل وتكريت والفلوجة وسواها في عهد الحكومة السابقة، وغير مهم ان العاصمة بغداد صارت بعد احتلال الرمادي أكثر عرضة للخطر الإرهابي الداهم، فالغاية تبرّر الوسيلة، وغاية مشعلي النار عند أعشاش الدبابير هي رأس العبادي، كما كتبتُ في مناسبة سابقة غير بعيدة. لستُ ممن يضجّون ويزايدون بالدعوة الى تحرير الرمادي اليوم قبل الغد .. هذه دعوة إما تنطلق من جهل أو يكمن خلفها مطمح بتوريط العبادي في فشل قاتل لتحقيق المطلوب: رأسه... الحرب مع داعش طويلة، والحرب، كل حرب، يتطلب تحقيق النصر فيها الإعداد الجيد لها، والتجهيز الجيد للقوات التي ستخوضها، والاختيار الجيد لساعة الصفر فيها، ومع هذا كله جبهة داخلية متماسكة. هذا هو بالضبط ما تتطلبه حربنا مع داعش. * نقلا عن "المدى" العراقية

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه