2015-10-10 

الحرب الأهلية تدفع باقتصاد جنوب السودان إلى شفير الهاوية

الفرنسية

تتراكم الأزمات في جنوب السودان ليضاف ارتفاع معدل التضخم وانهيار مرتقب للعملة إلى كارثة انسانية في حرب أهلية مستمرة منذ 17 شهرًا اتسمت بالاعتداءات الوحشية ضد المدنيين. وتركزت المعارك الأخيرة بين الحكومة والقوات المتمردة في آخر الحقول المنتجة للنفط في البلاد. وخلال السنوات الأربع الماضية، منذ نشؤ دولة جنوب السودان، كانت الارباح النفطية تشكل أكثر من 90 % من عائدات الحكومة، فتلك الدولة الجديدة تضم ثالث أكبر احتياطات نفطية في أفريقيا شرق الصحراء، ما يعني أنها واحدة من اقتصادات العالم الأكثر اعتمادًا على النفط اما اليوم، فتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من نصف سكان جنوب السودان الـ12 مليونًا بحاجة إلى مساعدة طارئة حتى أن بعض المناطق تقف على شفير المجاعة، وأصبحت الدولة تعتمد بشكل أساسي على الدعم الخارجي. واندلع القتال في ديسمبر 2013 حين اتهم الرئيس سلفا كير نائبه السابق رياك مشار بمحاولة الانقلاب على الحكم. ويكرر المجتمع الدولي تهديداته بفرض عقوبات جديدة في ضوء تقارير حول انتهاك حقوق الإنسان من مجازر واغتصاب وتدمير ممنهج للبلدات وشنّت القوات الحكومية الشهر الماضي هجومًا ضخمًا ضد مواقع المتمردين في ولاية الوحدة في شمال البلاد، وحيث تم تعليق الانتاج النفطي العام الماضي، كما حصل أيضا في ولاية جونقلي شرقًا وأطلق المتمردون الأسبوع الماضي هجومًا مضادًا واسعًا ضد القوات الحكومية شمال مدينة ملكال عاصمة ولاية أعالي النيل حيث آخر الحقول النفطية المنتجة ويقول المتمردون حاليًا أنهم يسعون للسيطرة على بالوش المنطقة التي يضخ منها الانتاج النفطي المتبقي إلى السودان، وبالتالي فإن خسارتها تعني ضربة قاسية لاقتصاد مترنح أصلًا ويقول لوك باتي، صاحب كتاب "ملوك النفط الجدد" بشأن النفط في السودان وجنوب السودان، أن بالوش هي الممر لاقتصاد جنوب السودان بالكامل. ويضيف "في حال تمت السيطرة عليها وأوقف الانتاج، فان المتمردين سيتشجعون للإعلان عن نصر عسكري أو سيستخدمون النفط كورقة تفاوض للحصول على دور أكبر في الحكومة المقبلة. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن محطة التلفزيون الحكومية الأسبوع الجاري مشاهد مصورة لقتال في ميلوت، 35 كيلومترا غرب بالوش، وتظهر معارك عنيفة تستخدم بها الدبابات مدعومة من الطوافات، يعتقد أنها تعود لأوغندا الداعمة لكير، وهي تقصف مواقع المتمردين في المدينة. وانخفض الإنتاج النفطي بنسبة 40 % إذ كانت تنتج البلاد قبل المعارك 240 ألف برميل يوميًا. وتقول الحكومة أن الإنتاج بلغ 164 ألف برميل يوميًا فيما يعتقد محللون أنّه قد يصل إلى أقل من 130 ألفًا، بالرغم من أنه لا يزال المصدر الرئيسي للدخل الخارجي إن كان عبر عائدات مباشرة أو استدانات تعتمد على إنتاج مستقبلي. ومن دون حقول النفط تخسر جوبا مصدر الدخل الرئيسي لتمويل الحرب وحذر باتي، الباحث أيضًا في المعهد الدنمركي للدراسات الدولية، من أن سقوط بالوش قد يُصعد لحرب أقليمية أوسع، تغرق كل السودان، الذي يعتمد على عائدات نقل النفط من الجنوب إلى الخارج عبر انابيب تمر في أراضيه، فضلا عن أوغندا التي كانت أرسلت قواتها لدعم كير. ولا تقتصر المعاناة على مواطني جنوب السودان العالقين في المعارك بل أيضًا تمس الحرب هؤلاء البعيدين عن جبهات القتال. ويقول لورين عوديل، على رأس عائلة من ثمانية أشخاص، أن سعر 50 كيلوغرامًا من الدقيق ارتفع ثلاثة أضعاف العام الحالي، فضلا عن مواد غذائية أخرى مثل الأرز والزيت وتابع، وهو الذي يعمل لدى منظمة مساعدات دولية، إذ استمر الوضع على حاله فإن الكثير من الأشخاص لن يأكلوا حتى. وفيما تواصل أسعار المواد الغذائية الارتفاع، تزيد طوابير المواطنين أمام المحلات، كما طوابير السيارات في محطات الوقود في ضوء النقص في هذه المادة. أما وسائل النقل العام فأصبحت محدودة. ويقول القيادي المعارض لام اكول: إن ارتفاع الأسعار يدفع بشعبنا إلى شفير الهاوية، لم يعد باستطاعتهم شراء المواد الغذائية الأساسية وحاجيات يومية أخرى. ويساوي الجنيه في السوق السوداء اليوم أقل من خمس معدل السعر الرسمي وهو ثلاثة جنيهات للدولار الواحد، ففي السوق السوداء يساوي الدولار الواحد 16 جنيهًا. ويعتبر ساكي مايكل (27 عاما)، الذي أصبح يأكل وجبة واحدة في اليوم، أنه ليس هناك نظام متمكن للسيطرة على تضاعف الأسعار في ضوء ارتفاع معدلات الدولار اما القيادي المعارضي فيوضح "اننا نعاني اليوم من ارتفاع في معدل التضخم، فالفجوة الكبيرة بين سعري الصرف حولت الدولار من عملة إلى سلعة، مشيرا الى ان بعض المسؤولين استغل الامر للحصول على ارباح. اما اتيني ويك اتيني، المتحدث الرئاسي، فقال ان الانتقادات التي تشير الى ان الحكومة تصرف 40 في المئة من الميزانية على الدفاع "لا مبرر لها". ونفى ما اورده القيادي المعارض. وبحسب اتيني، فإن عليهم أن يعلموا أن البلاد في حالة حرب وتزامن ذلك مع الانخفاض العالمي في سعر النفط"، موضحا أنّ الاقتصاد لا ينهار، وان كان اكول يتمنى انهيار اقتصاد جنوب السودان فعليه ان ينتظر طويلا جدا". ولا يشعر الجميع بمعاناة الحرب فالبعض في العاصمة جوبا يحصلون على ارباح مرتفعة. ويقول رجل اعمال لبناني رفض الكشف عن اسمه، "هناك حاجة دائمة لبعض البضائع". ينظر رجل الأعمال إلى المدينة من على كرسيه في أحد البارات على سطح فندق فخم وهو يشرب الكحول المستوردة، ويقول أن المكاسب جيدة

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه