2015-10-10 

مارين لوبن على باب الأزهر

محمد علي فرحات

هل أخطأت مارين لوبن العنوان حين طرقت باب الأزهر في القاهرة وقابلت شيخه الإمام الدكتور أحمد الطيب لتطلب معلومات عن الجهاديين المتطرفين من مصدر إسلامي موثوق؟ السياسية اليمينية الفرنسية معروفة بسلبيتها تجاه الإسلام الفرنسي، فهي حين ترى استحالة اندماج المسلمين في بلدها تنسب ذلك إلى الإسلام نفسه لا إلى معوّقات قانونية أو اقتصادية أو اجتماعية. لن تحظى السيدة لوبن في الأزهر بأجوبة مباشرة على أسئلتها النابعة من تخوُّف شبه عالمي من الجهاديين المتطرّفين، وبين هؤلاء شبان وشابات فرنسيون قد يشكّلون خلايا نائمة، وغادر المئات منهم إلى العراق وسورية ليقاتلوا مع «داعش» الذي يسيطر على ما يشكل مساحة دولة كبيرة. جاء في بيان الأزهر ان لوبن «أكدت احترامها الشديد للدين الإسلامي وسماحته وأنها تفرّق تماماً بين الإسلام بهذه الصورة وبين الإسلام السياسي المتطرّف الذي يلقي بظلاله على كثير من مناطق العالم، وأنها حزينة لأن الشعب الفرنسي لا يستطيع أن يفرّق بين هذا وذاك». لكن الأزهر أكد لها أن الإسلام واحد، فيما هناك غالبية معتدلة تفهم صحيح الدين وأقلية متطرفة تسيء فهم الدين. عادت لوبن إلى بلدها من دون أجوبة شافية، فكلمة «إسلام» تصل إلى العالم في صورة متطرفين يدفعون المختلف إلى الرحيل من بيته وأرض آبائه وأجداده إن لم يقتلوه، وهم يفرضون بالقوة على المسلمين الآخرين قراءتهم الخاصة للدين ولا يحترمون مشترك الإيمان الذي يجمعهم بهؤلاء. ولن تزور لوبن أبو بكر البغدادي ولا أبو محمد الجولاني لمزيد من الاستيضاح، إنما تقف مع مستشاريها حائرين امام سيطرة الإسلام السياسي المتطرف على معظم دول الربيع العربي، سيطرة أدت الى تقويض الدولة من دون بدائل. وتقرأ لوبن الأمثلة في حزب «الدعوة» الشيعي الذي يحكم العراق بقِصَر نظر وتعصُّب وفساد مانعاً أي جهد لرأب الصدع بين الجماعات المتناحرة، والأمثلة الأخرى في «الإخوان المسلمين»، والسلفية الجهادية، من دون نسيان الأصولية الجهادية الشيعية في إيران وأتباعها في العالم العربي، الطرف الآخر الجاهز لصراع سني- شيعي يقوِّض المجتمعات بعدما تقوّضت الدولة الحديثة التي بناها الوطنيون العرب بجهد صادق وبكثير من الخطأ والصواب. وليس من شأن مارين لوبن ان تسأل في الأزهر عن مآلات «تجديد الخطاب الديني» الذي شُرِع به ثم توقَّف الحديث عنه، بعد جهود ملموسة لأفراد ومنتديات ومؤسسات دينية، خصوصاً في مصر والمغرب. وهناك من ينسب تباطؤ الجهود إلى أن الجيل الشاب من الإسلاميين مأخوذ بالتنظيمات المتطرّفة التي تجذبه ليكون جندياً مطيعاً أو ليكتفي بالمساندة من بعد. والتباطؤ يعني، بالضرورة، ترك المسلمين بلا قيادات، ولنقل، بلا منارات دينية، فيهيمون بلا بوصلة ويخضعون بسهولة لإغراءات متطرفين يتوسّلون التراث الديني، أو مقاطع مستلّة منه، سبيلاً إلى تجنيد على طريقة القرون الوسطى: السمع والطاعة، مع منع السؤال أي تعطيل العقل. قبل أيام تلقّت الشرطة في مونتريال - كندا اتصالات أتاحت اعتقال شبان مسلمين متطرفين في المطار، كانوا في طريقهم إلى الحرب في سورية والعراق. المتّصلون كانوا من أهالي هؤلاء الشبان. لقد هاجروا بأبنائهم ليكونوا مواطنين كنديين يمارسون الإيمان الإسلامي لا الحرب على الآخرين باسم الإسلام. هؤلاء الأهل هم شمعة أولى في منارة يُفترض أن يبنيها المسلمون المخلصون، أفراداً ومؤسسات، اليوم قبل الغد

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه