2015-10-10 

سمو الحبّ

راندا الشيخ

نحن جميعاً نتطلع لأن نعيش بحبّ، ونتعامل بحبّ، ونسكن في مدينة يكون الحب فيها الشمس والأرض والهواء. فالحب يحافظ على التوازن النفسي والفكري في حياتنا بالمجمل، ناهيك عن كونه محفزاً رائعاً للطاقة التي تساعدنا على الإنجاز. إن لم تكن مقتنعاً عزيزي القارىء، فلك أن تتخيل كيف تبدو حياة البعض عن قرب، وتحديداً تكوينهم العاطفي ممن نشأوا محرومين من حنان الأم أو الأب أو كليهما، سواء كان ذلك بحضورهما أو بغيابهما، وتأكد بأنك ستجد أنهم يفتقدون شيئاً ما، حتى لو بدت الصورة جميلة وكاملة العناصر. حاجتنا للحبّ ليست وقتية أو مرحليّة، إنها حاجة تفتقر دوماً للإشباع المتواصل دون توقف. لكن درجة ذلك الإحتياج تختلف من شخص لآخر بحسب النشأة، وبحسب النظرة التي تكونت لديه عن نفسه وعن قيمته وقدره. فهناك مثلاً من نشأ في بيئة جافة في التعامل مع أبنائها، لا تعترف باللمسات الحانية أو العناق الدافىء أو العبارات المطمئنة، بل قد تعتبر ذلك مظهراً من مظاهر الضعف! وإن حدث أن وجدوا مصدراً بديلاً لما افتقدوه واعتادوا تلك المشاعر الجميلة، ثم توقف المصدر عن عطائه لهم فجأة لسبب أو لآخر، فإن حجم الألم سيكون عظيماً لدرجة قد تدفع بهم في بعض الحالات إلى البحث فوراً عن بديل أو سبيل للحصول على جرعة أو اثنتين تشبع حاجتهم، وتطفىء العطش الذي أصابهم جراء توقف الصنبور عن سكب ماء الحب! هذه الحقيقة هي السبب الذي يدفع الكثير من الشباب والفتيات لإقامة علاقات عاطفية مؤقتة وعابرة، وهي ذاتها السبب في انقياد الكثير ووقوعهم فريسة لرجل أو امرأة تمارس الإستغلال لتحقيق أهداف مادية أو جسدية مهما كانت طبيعة علاقتهما. إن الحب حالة وحاجة باهرة بجمالها إن أشبعت بالشكل المطلوب والطريقة الصحيحة، ولولا أهمية وجود الحب الذي يسمو بمشاعرنا وأخلاقنا ويمارس فعلياً بالمحبة والمودة والإيثار والتقدير في حياتنا، وسمو مكانته، لما تم ربطه في ديننا بتمام الإيمان حين ذكره الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في حديثه: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه! كل عام وأنتم في محبة دائمة. @Randa_AlSheikh Randa_sheikh@yahoo.com

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه