2015-10-10 

المقاتلون الأكراد... قوة أساسية في الحرب ضد داعش

من بغداد، وليام دنلوب

الفرنسية - برز المقاتلون الاكراد في سوريا والعراق كإحدى اكثر القوى فاعلية في الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية منذ اعلانه اقامة "الخلافة" في المناطق الخاضعة لسيطرته في البلدين قبل اكثر من عام. وافاد الاكراد من الدعم المكثف لطيران التحالف الدولي بقيادة واشنطن، والذي يشن غارات ضد الجهاديين في سوريا والعراق منذ الصيف الماضي. ففي شمال العراق، دافعت قوات البشمركة الكردية عن مناطق اقليم كردستان، وانتشرت في مناطق عدة متنازع عليها مع الحكومة الاتحادية بعد انسحاب القوات العراقية منها في وجه الهجوم الكاسح الذي شنه التنظيم في حزيران/يونيو 2014، واستعادت مناطق اخرى سقطت بيديهم. وفي سوريا، دافع المقاتلون الاكراد بشراسة لاشهر عن مدينة عين العرب (كوباني) امام هجوم الجهاديين، وطردوهم في حزيران/يونيو الجاري من مدينة تل ابيض الحدودية مع تركيا، وخاضوا معارك ضدهم في مناطق اخرى كمحافظة الحسكة (شمال شرق). وفي حين يواجه اكراد سوريا الذين يشكلون ما بين 10 و12 بالمئة من السكان، واكراد العراق الذين يقدر عددهم بنحو 15 الى 20 بالمئة، عدوا واحدا، الا انهما يتحركان وفق اجندات سياسية مختلفة. وفي مقابل ما حققوه ميدانيا، كانت كلفة الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية باهظة بالنسبة الى الاكراد، إن لجهة عدد الضحايا او الدمار الذي لحق بمناطقهم والخسائر الاقتصادية التي تكبدتها في البلدين. وبعد نحو شهرين من هجومه الكاسح، شن التنظيم في آب/اغسطس 2014 هجوما متجددا في شمال العراق واقترب من حدود اقليم كردستان، ما شكل احد الاسباب التي تدخلت على اثرها واشنطن عبر شن ضربات جوية. وساعدت الضربات المستمرة في اطار تحالف دولي، الاكراد في استعادة مناطق وحماية حدود الاقليم المكون من ثلاث محافظات، ومواصلة الانتشار في مناطق متنازع عليها ابرزها مدينة كركوك الغنية بالنفط. ويقول وزير البشمركة مصطفى سيد قادر لوكالة فرانس برس "نحن كاقليم كردستان وقوات البشمركة (...) ذهبنا لحماية هذه المناطق والدفاع عنها". يضيف "قدمنا التضحيات والدماء، ولهذا فلن نتركها (...) وسنبقى فيها حتى انتهاء هذه الحرب"، مشيرا الى ان عدد ضحايا قواته في المعارك منذ حزيران/يونيو 2014، بلغ 1200 قتيل وقرابة سبعة آلاف جريح. وفي حين يرى قادر ان اقليم كردستان "لن يسلم هذه المناطق بسهولة الى الحكومة العراقية"، يشير الى انه "يمكن الوصول الى اتفاق عبر الحوار والسلم والقانون والدستور". وعلى الجانب الآخر من الحدود، ثبت اكراد سوريا الذين لا يجمعهم اقليم ذو حكم ذاتي، نفوذهم في مناطقهم التي باتت معظمها تحت ادارتهم بعد انسحاب النظام المنشغل بنزاع دام مستمر منذ اكثر من اربعة اعوام. وشكلت معركة عين العرب ابرز محطات المواجهة بين الجهاديين والاكراد. وحالت وحدات حماية الشعب الكردية، مدعومة بمجموعات مساندة وضربات التحالف، دون سقوط المدينة في معارك استمرت من ايلول/سبتمبر، الى حين انسحاب التنظيم في كانون الثاني/يناير. والاسبوع الماضي، كبد الاكراد التنظيم خسارة جسيمة في سوريا، عبر استعادة مدينة تل ابيض، التي كانت تعد طريق امداد اساسي له من الحدود التركية نحو مدينة الرقة، ابرز معاقله في سوريا. ويرى الباحث سيروان كجو ان "الاكراد هم الى حد كبير القوة الاكثر فاعلية التي تقاتل ضد تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا. انهم منظمون بشكل جيد، منضبطون، ويؤمنون بقضيتهم". من جهته، يقول فلاديمير فان ولغنبرغ، الباحث في "مؤسسة جيمستاون" ومقرها واشنطن، ان الاكراد "نجحوا في هزيمة تنظيم الدولة الاسلامية في مناطق عدة. الا ان الضربات الجوية الاميركية لعبت دورا كبيرا ". لكن وطأة المعارك لم تكن عابرة. ويقول كجو "الاكراد عانوا بشكل هائل تحت تهديدات تنظيم الدولة الاسلامية. خلال ازمة كوباني، نزح آلاف الاكراد الى تركيا". ويضيف "رغم تحرير مدينتهم، الا ان الغالبية العظمى منهم لم تتمكن من العودة الى منازلها لانها دمرت بشكل كامل". ويشير الى انه في مناطق كردية في سوريا "الظروف الاقتصادية صعبة جدا. الاسعار تسجل ارتفاعا صاروخيا في حين يزداد نقص المواد الغذائية". وفي العراق، نزح اكثر من 1,2 مليون شخص الى اقليم كردستان منذ حزيران/يونيو 2014 حتى ايار/مايو، بحسب المنظمة الدولية للهجرة. كما فقد الاقليم سمة المنطقة التي تنعم بالامن في ظل محيط متفجر وملتهب، بعدما استهدف التنظيم عاصمته اربيل بعدد من التفجيرات، فضلا عن وجود الجهاديين في مناطق قريبة من محافظاته الثلاث. وشكلت كلفة الحرب ضغطا اضافيا على اقتصاد الاقليم الذي يعتمد بشكل كبير على النفط وحصته من الموازنة العراقية. الا ان نقاط الخلاف المستمرة مع بغداد، واضطرار الحكومة الاتحادية الى الحد من النفقات جراء تراجع اسعار النفط والكلفة المتزايدة لمعارك قواتها ضد تنظيم الدولة الاسلامية، تجعل الاعباء الاقتصادية على كاهل اربيل اشد وطأة. ويقول زيد العلي، مؤلف كتاب "الصراع على مستقبل العراق"، ان "الازمة الاقتصادية... سببت مشاكل كبرى واظهرت الى اي حد يتأثر الاكراد بتقلبات الامن الاقليمي واسعار النفط". ويضيف "في المحصلة، لا احد سيخرج مرتاحا من هذا النزاع

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه