2015-10-10 

هل سيحترم جيب بوش وهيلاري كلينتون شعاراتهما؟

ديفيد اغناتيوس

صرح المرشحان الرئاسيان المتحدران من عائلات الحكم العتيقة بالولايات المتحدة، تصريحات آسرة حول وجوب اعتلاء كل منهما سدة الحكم والرئاسة، غير أنه كان هناك فارق واحد كبير: وهو اتخاذ جيب بوش تلك المخاطرة السياسية المفزعة من الاختلاف مع قاعدته الحزبية، في حين تتماهى هيلاري كلينتون مع تلك القاعدة تمامًا. جاء إعلانهما للترشح بعد ميعاده، ولكنه عبر عن حقائق متماسكة حول جدوى انتخابهما. وعلى الرغم من سيرتهما الذاتية الراقية، فإن كلاً منهما يعرض القصة الأميركية الأصلية بمنتهى الجودة: اعمل بجد، جازف، كن نفسك، ولا تستسلم. كل منهما يبعث برسالة الثقة بالذات النابعة من معرفتك الحقيقية بنفسك، وذلك الشعور الحدسي بكيفية قيادة دفة الحكم. ولدى كل منهما كذلك ذلك القدر من المصداقية في التعهد بحفظ أمن البلاد وشعبها. أبرزت السيدة كلينتون بعضًا من مواطن قوتها التي أحيانًا ما تتغاضى عنها، ومن بينها قدرتها الذاتية، كما عبرت عنها، «على الصمود.. مهما بلغ حجم أو مقدار الأحجار التي يقذفك العالم بها»، بالإضافة إلى الحس الفكاهي النابع من جلد الذات.. «أنتم لن تروا شعري الأبيض في البيت الأبيض مطلقًا. لقد كنت أصبغه بنفسي منذ سنوات». كان بوش صادقًا حين قال: «على القادة أن ينظروا في عظائم الأمور». ولكن هناك بعض الأمور التي يسهل التنبؤ بها حياله، مثلا تعهده «برعاية قواتنا ومحاربينا القدماء»، وتحذيره من خطر «الدونية العسكرية» غير الموجود بالأساس في الولايات المتحدة. هناك نبرة ساخرة غير محسوب أثرها صدرت عنه؛ إذ لمح إلى أن الرئيس باراك أوباما مع وزيرة خارجيته السابقة السيدة هيلاري كلينتون «سوف يتركان إرثًا من الأزمات لا يمكن احتواؤه، وعنفًا لا يمكن مجابهته، وأعداء لا حصر لهم، وأصدقاء بلا حماية، وحلفاء مفككين».. ذلك الجناس اللفظي كان بمثابة جوهر خطاب بوش، غير أنه جانبه الصواب فيه إلى حد كبير. من حيث التمادي اللفظي، فإنني أمنح السيدة كلينتون فيه الجائزة، مع فارق طفيف، على بعض النقاط. من المعلوم عنها ميلها الشديد إلى القلق. وهي تبدو عاقدة العزم على المضي قدمًا في صورة الزعيم الشعبي المولود من جديد الذي يمكنه محاكاة الديمقراطيين اليساريين على شاكلة السيناتور بيرني ساندرز أو إليزابيث وارين. وفي خضم ذلك المسعى، تعمل السيدة كلينتون على ضبط مواقفها بصورة تهضم ميزتها الحقيقية، وهي أنها امرأة قوية، وذات خبرة، وسياسية من تيار الوسط. والمثل الأكثر جلاء في ذلك المضمار، هو تمكن السيدة كلينتون من إبراز ملكات القيادة في شخصيتها إذا ما جابهت حملة الضغوط السياسية الناجمة عن قاعدة حزبها الشعبية، ومدت يد العون لأوباما في تمرير اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي التي تدرك تمامًا أنها تصب في صالح الولايات المتحدة اقتصاديًا ومن واقع السياسة الخارجية كذلك. بدلاً من ذلك، يبدو بوضوح أنها تصغي إلى المستشارين وجماعات الضغط السياسي، وتقضم إثر ذلك أشرعة حملتها بنفسها. اختارت السيدة كلينتون سبيل عدم المواجهة في مؤتمرها الصحافي الأخير يوم الاثنين الماضي، حيث قالت: «سوف أحكم على ما في الاتفاقية بشكلها النهائي، ولكنني آمل أن تخرج بصورة أفضل». ذلك محض هراء. إن معاملات اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي تم تحديدها بالفعل. وفكرة العودة لأجل إعادة التفاوض حول تلك الاتفاقية للخروج بنتيجة أفضل هي فكرة خاطئة تمامًا، على الرغم من أنها فكرة توحي بخطاب سياسي جيد. ويكفي القول بأن أداء السيدة كلينتون إزاء تلك المسألة لم يعكس شجاعتها الشخصية المعروفة. صارت الانتهازية السياسية لدى السيدة كلينتون أكثر لفتًا للأنظار، حينما تشاهد استعداد جيب بوش لتحدي فئة المؤمنين بمبادئ الحزب الجمهوري.. فهو يخالف التيار اليميني الأرثوذكسي في جملة من القضايا؛ ومن بينها الهجرة، والتغيرات المناخية، والمعايير الأساسية المشتركة للتعليم، كما أنه لا يزال بإمكانه العمل على استرضاء القاعدة الشعبية للحزب، على غرار تطبيع أوباما العلاقات الأميركية مع كوبا. وقال بوش يوم الاثنين الماضي: «لسنا بحاجة إلى سائح مجيد يسافر إلى هافانا داعمًا لكوبا الفاشلة»، وذلك على الرغم من تعهده الشخصي بالسفر بنفسه «تضامنًا مع الشعب الكوبي الحر».

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه