2015-10-10 

الإصرار على تشويه الإسلام

يحيى الجمل

من الواضح أن هناك جماعات من أدعياء الإسلام، سواء كان اسمهم داعش أو غير داعش، وأن لديهم حرصاً وإصراراً شديداً على تشويه الإسلام فى نظر العالمين كل العالمين. الصورة البشعة التى رأيتها فى الصحافة منذ أيام والتى وضعت فيها مجموعة من البشر فى قفص مغلق من كل ناحية ثم ألقى بهذا القفص بما فيه من بشر مكتوفة أيديهم وأرجلهم إلى قاع اليمّ لكى يموتوا غرقاً دون أن يستطيعوا حراكاً ولا يملكوا حتى إمكانية الاستغاثة. هذه الصورة البشعة بل والممعنة فى البشاعة مازالت تؤرقنى منذ لحظة رؤيتى لها، ثم عندما أفيق إلى نفسى أسأل سؤالين: لماذا يفعل هؤلاء الناس ذلك؟.. وهل يعتقدون حقاً أنهم من المسلمين أم أن هؤلاء يفعلون ما يفعلون نتيجة أمرين، الأمر الأول: يتعلق بهم، الأمر الثانى: يتعلق بعوامل أخرى خارجية، وأحاول هنا أن أتناول هذين الأمرين. هؤلاء الذين يرتكبون هذه الأعمال البشعة، سواء كانوا من أهل داعش أو من شيعتهم يظنون أو يظن بعض السذج منهم أنهم بذلك يعملون من أجل مرضاة الله ونصرة دينه على من عاداه. وليس هناك ظن أبعد من هذا الظن الساذج عن الصواب. ألم يقرأ هؤلاء فى كتابه العزيز مخاطباً رسوله صلوات الله عليه «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» وألم يقرأ هؤلاء فى القرآن الكريم «وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً». هل الذى يقرأ هذه الآيات الكريمة وأمثالها كثير فى الذكر الحكيم يمكن أن يتصور أنه يرتكب البشائع التى يرتكبها داعش وإخوانه يقتربون خطوة واحدة من مرضاة الله أم أنهم على عكس ذلك يسيئون إلى الدين الحنيف السمح الذى يقول رسوله الكريم مخاطباً غير المسلمين «لكم دينكم ولى دين». إذا كانت قلة قليلة من الذين يرتكبون هذه البشائع يظنون أنهم يحسنون صنعاً، فإن الكثرة الغالبة منهم إنما ترتكب هذه البشائع لفرض آخر أكثر عمقاً وأكثر خطورة. تقديرى أن هناك قوى عالمية يعنيها أن تكون صورة الإسلام لدى غير المسلمين من عامة الناس على اتساع العالم هى هذه الصورة المخيفة البشعة وعلى ذلك يصبح ضرب هؤلاء الناس وتشتيت شملهم وتفريق جمعهم أمرا تفرضه الضرورات الإنسانية. وعلى هذا الأساس تم تدمير العراق ثم تدمير اليمن ثم تدمير ليبيا وبعد ذلك محاولة حصار السعودية ومصر وإرهاقهما بأفعال من الداخل أو من الخارج تشتت اهتمامهما بقضايا التنمية وقضايا الدفاع العربى المشترك وتجعلهما نهباً لهذا الذى يحدث من حولهما وفى داخلهما. الهدف إذن هو مزيد من تفتيت الوطن العربى وإضعاف أقطاره حتى تلك التى مازالت صامدة بعض الشىء وجعلها تنصرف عن مشاريع التنمية لكى تتفرغ لهذه المخاطر القادمة، سواء من الخارج أو من الداخل. كل هذا لماذا؟ لكى تبقى المنطقة التى كنا نطلق عليها فى يوم من الأيام منطقة الوطن العربى.. لكى تبقى هذه المنطقة مفتتة متهالكة ضعيفة ولكى تنعم فى القلب منها إسرائيل وأصدقاء إسرائيل ورعاة إسرائيل باليد الطولى القوية التى تستطيع أن تصفع كل من حدثته نفسه بأن هناك أملاً اسمه وحدة الأمة العربية وأن هناك أملاً كان اسمه أمل وجود دولتين متجاورتين ذواتا سيادة واحدة اسمها فلسطين والأخرى اسمها إسرائيل بحيث ينتهى ذلك الصراع الدائم الذى يهلك الحرث والنسل ولا يبقى خيرا قط لأى عربى على وجه الأرض التى كانت عربية خالصة فى يوم من الأيام. ومن يدرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً. ويأبى الإرهاب الأسود إلاّ أن يمتد غرباً حيث تونس. والاقتصاد التونسى يعتمد أساساً على السياحة ولذلك اتجه الإرهابيون الذين لا ضمير لهم إلى منطقة سوسة وهى منتجع سياحى بالغ الأهمية وأدى ذلك الهجوم الخسيس إلى وقوع نحو ثلاثين قتيلاً بعضهم من السائحين الأجانب وبعضهم من التونسيين، وهكذا يريد الإرهاب أن يثبت أنه لا يضرب عشوائياً وإنما يضرب بتخطيط مقصود. هذا عن اتجاه الإرهاب الأسود إلى الغرب. ولكن فى نفس الوقت يتجه الإرهاب الأسود إلى الكويت فى الشرق وأثناء صلاة الجمعة فى مسجد الإمام الصادق يتسلل أحد المجرمين الإرهابيين بين المصلين ويفجر نفسه بين المصلين ليسفر ذلك عن مقتل حوالى ثلاثين من المصلين غير عشرات المصابين والجرحى، من قال إن مساجد الله بعضها سنى وبعضها شيعى. مساجد الله هى مساجد الله. وما هو ذلك الاختراع السخيف أو البدعة الباطلة بأن هناك بين المسلمين شيعياً وسنياً. اللهم فاشهد أننى درست الفقه الإسلامى على يد أئمة كبار وحفظت القرآن وأنا فى سن العاشرة ولم أجد فى القرآن الكريم آية لسيدة إلاّ السيدة مريم «يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين» أما غير السيدة مريم فلم يرد لها ذكر فى القرآن. من أين جاء هؤلاء بهذه البدع؟ إنما هى رغبة فى التشويه والتفرقة بين المسلمين وبعضهم من أجل إضعافهم للأسباب التى سبق أن ذكرتها. وإنى أدعو المسلمين جميعاً إلى التمسك بكتاب الله وإلى التمسك بصحيح الإسلام وإلى التمسك بالعلم وبالاستنارة العقلية. سيحفظ الله مصر وأمتها العربية بإذن الله. المصري اليوم

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه