2015-10-10 

ثورات الربيع العربي من وجهة نظر إسرائيل

من القاهرة، علياء علي

بدأ تركيز العالم يتشتت مابين محاربة التمدد الايراني في الشرق الاوسط، والسعي للقضاء على الإرهاب ودحر تنظيم داعش فمنذ بداية عام 2011 والعالم العربي يضج بالثورات التي نجح بعضها في تحقيق الغاية المرجوة، وفشل البعض الآخر، بينما مازلت بعض الدول تحاول السير على بداية الطريق فبداية من تونس، ومصر ، والجزائر، وليبيا، وسوريا، ونهاية باليمن مازلت موجة العنف تستهدف حتى من يحاول السير على الطريق، بينما ظلت دول الخليج العربي تتمتع الاستقرار المعتاد، ويبقى السؤال الأكبر أين فلسطين، هل مازالت قضية العرب كما كانت منذ أعوام قليلة، وكيف ترى اسرائيل الثورات العربية. وبحسب سويس انفو يرى الدكتور باسم الزبيدي، أستاذ العلوم السياسية والخبير في الشأن الإسرائيلي، أن هناك صراعا وتبايُنا بين المؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية حول مستقبل الدولة العبرية في ضوء ثورات الربيع العربي. وقال الزبيدي إن إسرائيل صنّفت الانتفاضات العربية بطريقة متبايِنة، ما بين دول مجاورة وأخرى بعيدة، وأولت اهتمامًا أكبر بمصر وسوريا الموجودتيْن على حدودها، مقارنة باليمن وتونس وليبيا. وبيّن الزبيدي أن الإعلام الإسرائيلي وشرائح من المجتمع اعتبرت الانتفاضات العربية سلبِية ووصفتها بكوْنها شتاء أصوليّا مليئا بالمفاجآت والخبايا، ينبغي الاستعداد للتصدّي له لحماية إسرائيل من هذا الخطر. ورصد الزبيدي وجْهتيْ نظر داخل النّخبة التي تشكِّل العقل الإستراتيجي الإسرائيلي، الأولى ترى أن التطوّرات الجارية في البلدان العربية تشكِّل تهديدًا أمنيًا يجب الحذَر منه، خاصة في حال صعود أنظمة إسلامية تهيِّئ مناخًا جِهاديًا ضدّها. وأوضح أنّ جهات اسرائيلية تتخوّف مِن أنّ سقوط الأسد قد يفتح الباب لنظام إسلامي يقضي على فترة الأمان التي كانت تنعَم بها إسرائيل في منطقة الجولان المُحتل، كما قد يؤدّي بقاء تنظيم الدولة في العراق وسوريا، إلى تشكيل قاعدة انطلاق لضرب إسرائيل. اعتبر المُخطِّطون الإسرائيليون أن الثورة المصرية مصدَر خطر إستراتيجي، لأنها تهدِّد مصير اتفاقات كامب ديفيد والشراكة الإستراتيجية مع اسرائيل، التي أرساها نظام حسني مبارك، وحضّوا الدولة العِبرية على الضغط على العسكر في مصر، لفرض قيود على انتقال السلطة إلى الإسلاميين أما الثانية، فرأت في تلك التطوّرات فُرصة يجب اغتنامها للتعايُش مع الأنظمة الجديدة، بما أن الديمقراطيات لا تحارِب بعضها. وبحسب سويس انفو يتّفق خبير الشؤون الإسرائيلية الدكتور صالح النعامي مع هذا التحليل، قائلًا إن مُعظم القراءات التي أنتجتها مراكز البحث في الدولة العِبرية، اتفقت على ضرورة احتِفاظ إسرائيل بالأراضي المحتلّة عام 1967 وعدم التفريط فيها في أية تسوية سياسية للصراع. وقال الدكتور النعامي، الذي أعد دراسة موسّعة، تتبع فيها قراءة العقْل الإستراتيجي الإسرائيلي للثورات العربية ومآلاتها، إن الكثير من الباحثين الإسرائيليين وجدوا في صعود الإسلاميين إلى سدّة الحُكم، مسوغًا يبرِّر الدعوة لعدم التخلّي عن الأراضي المحتلة. وأكد أن كثيرًا من الباحثين الإسرائيليين يروْن أن تزايُد النّفقات الأمنية التي تتطلّبُها مواجهة التحديات الناجمة عن الربيع العربي، سيُؤدي إلى زيادة موازنة الأمن الإسرائيلية بشكل جوهري، ممّا يعني أن الربيع العربي سيُسهِم في تعميق ارتباط إسرائيل بالولايات المتحدة، وهو ما يؤدّي، بحسب هؤلاء الباحثين، إلى تقليص استقلالية القرار السياسي الإسرائيلي. و استدل النعامي بما كتبه الباحث الإسرائيلي في الشؤون العسكرية رون بن يشاي، الذي اعتبَر أن الثورات في العالم العربي أظهرت أن إسرائيل عبْء على الغرب وليست ذخرا له، وهو ما قد يؤدّي إلى تراجُع في الْـتزام هذا الأخير بدعمها. لكن صنّاع القرار في تل أبيب ومعهم بعض الباحثين، يصلون إلى استنتاج مُغايِـر تماما، كما يقول النعامي، مفادُه أن الثورات العربية تدلّل على أهمية الرِّهان على إسرائيل، بوصفها الحليف الأوحد القوي الذي تبقّى للغرب في المنطقة. استنزاف داخلي بهذا يمكن اعتبار إسرائيل الرابح الأكبر من التغييرات التي تعصِف بالعالم العربي، بحُكم إنهاك الكثير من البلدان التي تشكِّل خطرًا عسكريًا عليها، مثل مصر والعراق وسوريا، في صراعات داخلية تستنزِف القِوى والموارد الإستراتيجية لتلك البلدان، ما يجعل إسرائيل تشعُر بالأمان والإطمئنان على نفسها، ولو مؤقتًا. يُضاف إلى ذلك، تغييب الملف الفلسطيني من المشهد وسط إحياء شامِل للهويات الطائفية والمذهبية، بشكل يقضي على مناخ التعايُش السابق. وربما أصاب وزير الجيش الإسرائيلي موشي يعلون حين تبجح بأن فلسطين لم تعُد قضية العرب المركزية بعد الربيع العربي، بل باتت تتصدّر اهتماماتهم قضايا مِثل الملف النووي الإيراني والإرهاب والإخوان المسلمين.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه