2015-10-10 

عناد الحوثيين يخنق اليمن اقتصاديا

سويس إنفو

بينما العالم يناقش الابعاد السياسية والعسكرية للوضع اليمني، تطل أزمة اقتصادية واجتماعية تخنق الشعب اليمني في خلفية المشهد، لا تحظى بقدر متساوي مع الوضع الذي دفعت إليه جماعة الحوثي بسيطرتها على العاصمة اليمنية، وإصدارها لإعلان دستوري في السادس من فبراير 2015. إذ تذهب كثير من الدول المانحة لتعميق المصاعِب الاقتصادية على البلد الذي يعاني من أزمات اقتصادية قبل الثورة المنية،بهدف إجبار الحوثيين على التراجُع عن الإعلان الدستوري، مما سيكون له انعكاسات خطيرة على غالبية سكان البلاد، ، بحسب تقرير نشرته دويتش فيله. فهناك نحو 61% من اليمنيين، البالغ عددهم نحو 16 مليون نسمة، حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، بحاجة ماسّة إلى مساعدات إنسانية وأن "الشعب اليمني، حسب ما جاء نهاية الأسبوع الماضي على لسان جون غينغ، مدير عمليات المكتب، في وضع إنساني بائس منذ فترة طويلة" وأن "الوضع في البلاد أصبح مُقلقا بشكل خاص، لاسيما أن نحو 900 ألف طفل يمني يُعانون حاليا من سوء التغذية، من بينهم 210 آلاف من هؤلاء الأطفال، يعانون من سوء التغذية الحاد" وفق ما ورد على لسان جوليان هارنيس، ممثل منظمة اليونيسيف في اليمن في تصريح صحفي يوم الجمعة 13 فبراير 2015. بينما تعاند جماعة الحوثي المدعومة إيرانية، ولا تلقي بالاً ولا تَكتَـرِث بعالم اليمنيين، مُبدية تحديها للعالم، كما جاء على لسان الناطق الرسمي للحوثين محمد عبد السلام، الذي ردّ على بيان دُول مجلس التعاون الخليجي بقوله: الشعب اليمني "لن يركَع أمام أي تهديد أو وعيد". فالاقتصاد اليمني يواجِه مخاطِر كبيرة منذ أمد بعيد بسبب تزايُـد الهجمات الإرهابية والحرب على الإرهاب، التي تخوضها الحكومة بالتعاون مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي منذ عام 2002، وبسبب حروب صعْدة الستّة منذ عام 2004 واستمرار احتِجاجات الحِراك الجنوبي منذ عام 2007، وزاد تدهْوُر الأوضاع الاقتصادية بشكل ملحوظ في السنوات الأربع الأخيرة، بعد تحوُّل الانتفاضة الشعبية التي تفجّرت عام 2011 إلى أزمة سياسية بيْن أطراف العمل السياسي، وبلغت ذِرْوتها مع اجتياح مليشيات الحوثيين للعاصمة صنعاء في سبتمبر من عام الماضي، جميعها أثرت على قطاعات اقتصاد البلاد، وعلى وجه الخصوص قطاع النفط، المورد الرئيسي للخزينة العامة. تعرّضت المناطق المُنتجة للنفط، الذي يمثل ثلاثة أرباع موارد الموازنة العامة، لضربات موجعة بسبب التفجيرات المتكرِّرة لأنابيب إمدادات النفط، وتوقف الشركات المُنتِجة عن الإنتاج بسبب الظروف الأمنية أو مغادرتها البلاد، ما سيؤدي إلى حِرمان البلاد من أهَم موارده المالية. ويزداد الأمر سوءً مع انخِفاض أسعار النفط في السوق العالمية، كما جاء في آخر تقرير للبنك الدولي من أن اليمن، الأكثر تضرراً من ذلك التراجع، متوقعاً أن يؤدّي انخفاض أسعار النفط عالميّاً، مقترناً بانعِدام الاستقرار السياسي واستمرار أعمال التخريب لخطوط أنابيب النفط، إلى تراجُع الإيرادات النفطية بنحو 2% من إجمالي الناتج المحلّي في العام الجاري 2015، وِفق تقديرات البنك. وكانت إحصائيات البنك المركزي اليمني كشفت أن الإيرادات النفطية انخفضت خلال الفترة من يناير إلى أكتوبر 2014 بقيمة 1.4 مليار دولار لتصل إلى 4 مليارات دولار، مقابل 5.4 مليارات دولار في عام 2013. وتدنّي مؤشرات الاقتصاد اليمني، سيضع جماعة الحوثيين الذين فرضوا سُلطاتهم كأمْر واقع، أمام صعوبات توفير التّمويلات اللاّزمة للنفقات العمومية، وبمواجهة مأزَق إدارة الدولة وتسْيير شؤونها، لاسيما أن أغلب الدول التي سحبت بعثاتها الدبلوماسية، هي من الدول المانِحة لليمن، التي تعهّدت بتقديم حوالي 8 مليار دولار كمنح ومساعدات لدعْم التسوية السياسية وانتِشال البلد من مصاعِبه الاقتصادية والمالية، التي ستجد جماعة الحوثي نفسها في مواجهتها وتجبرها على العودة عن مغامرتها الأحادية، التي قوبلت برفْض شعبي وسياسي، عبّرت عنه معظم مكوِّنات الحقل السياسي، بما فيها حزب المؤتمر الشعبي العام، المتحالف مع الحوثيين، الذي اعتبر أن حل مجلس النواب كما ورد في "الإعلان الدستوري"، تجاوز للشرعية النيابية للمجلس، الذي يُسيْطر على الأغلبية فيه. وقد حمل آخر خطاب قائد الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي، مخاوف واضحة، مما أسماه بتدمير اقتصاد البلاد من قِبل القِوى السياسية الداخلية والخارجية، متجاهلاً الأسباب التدميرية التي ساهمت فيها حركته بتوسّعها في مختلف مناطق البلاد وسيْطرتها على مؤسسات الدولة بقوة السّلاح وتسييرها وإدارتها، بدلاً عن السلطات الرسمية والشرعية، ومغادرة العديد من الشركات النفطية لليمن.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه