2015-10-10 

ماذا تعلمنا من المواقف والأحداث؟

هيفاء صفوق

الأحداث والمواقف متغيرة وعدة، بين الجميل منها والمحبط والصادم. وكذلك نفسيات البشر أيضاً متغيرة، لا شيء يثبت على حال، فكم من العلاقات انتهت، وكم من علاقات تعارف بين البشر ابتدأت مصادفة، على رغم أنه لا يوجد شيء اسمه صدفة، كل شيء مقدر ومكتوب. لكل تجربة يخوضها الإنسان تعلمه شيئاً «ما»، وتضيف إلى حياته الشيء الكثير، سواء أكان إيجاباً أم سلباً. نعم، هناك مواقف تصهر الإنسان، تجعله يدخل في دهاليز مظلمة أو مؤلمة، لكنه يتعلم شيئاً جديداً، كولادة جديدة، يدرك بعدها قيمة الأشياء والمواقف والبشر. جميع هذه المواقف والأحداث والأشخاص العابرين والدائمين، يتركون أثراً على الإنسان، هناك من يستفيد من هذه التجارب بشكل إيجابي وهناك العكس، تؤثر هذه الأحداث سلباً على حياته، لكن في كل شيء يوجد بصيص من النور من الأمل، لا شيء يدوم على حال، فالحياة بطبيعتها متغيرة. هذا البصيص من الأمل هو حرية الاختيار، فالإنسان يستطيع أن يختار ماذا يريد فعلاً كرد فعل؟ هو لا يستطيع أن يغير ما حدث، لكنه يستطيع أن يحافظ على رد فعله المتوازن والمتعقل، وأيضاً المتفائل والإيجابي؛ لأنه يمتلك زمام أمور نفسه، ولديه القدرة على تجاوز أصعب المواقف، متى ما آمن بقدراته الداخلية، متى ما آمن أنه يستحق أن يعيش حياة سعيدة وجميلة، هنا سيكون اختياره موفقاً وإيجابياً. نسمع الكثير من الحكايات والقصص، كيف أن هناك من هزم المواقف المؤلمة بقوة الصبر والعمل والتخلص من الوقوف والانتظار، فلم يجلس مكتوف اليدين، عرف السر في المفهوم والاعتقاد لديه، كيف هي وجهة نظره للحياة، هل هي ظالمة أم معطاءة؟ عرف أن الله -عز وجل- لا يظلم أحداً، وأن الإنسان مخير في السير بأي طريق يريد، طريق النور أو طريق الظلام، طريق العزيمة والعمل والخروج من دائرة الإحباطات والصدمات، أو القنوع في دائرة البؤس والإحباط، نعم كل ذلك بيد الإنسان. إذا التركيز أولاً ما هي أفكار الإنسان؟ هل هي أفكار متفائلة أم متشائمة؟ لأن الأفكار لها قدرة عجيبة في التأثير على مشاعر الإنسان، إن كانت أفكاراً جميلة كانت أيضاً المشاعر جميلة، وإن كانت الأفكار محبطة كانت أيضاً المشاعر محبطة، ولن يقف ذلك إلى هنا، بل سيمتد إلى أفعال وتصرفات، لا بد أن ندرك حقيقة أن الأفكار تؤثر على المشاعر والمشاعر تؤثر على التصرفات، من هنا على الإنسان أن يصحح النظرة لهذه الأفكار، بأن تصبح متفائلة على رغم الظروف، ولو فكر قليلاً أن لديه خيارين سلبي وإيجابي، فلماذا يجعل أفكاره تأخذ منحنى يدمر يومه وحياته، وما يغيب عن بعضهم أن الأفكار الإيجابية تجذب كل شيء إيجابي كدائرة تتمدد وتتسع. مواقف وأحداث وتجارب الحياة هي مُعَلِّم تعلم الإنسان؛ ليتطور وينمو وليكتشف قدرته على تجاوز الصعاب والآلام، وليعرف أن دوره مهم في تغيير مجرى حياته بإرادته، وليتعلم أيضاً قيمة كل الأشياء التي حوله، في حال افتقاده أو اقتنائه لها، يتعلم كيف يعيش سعيداً بعد يوم عاصف، يتعلم كيف يكون قوياً بعد خسارة شيء ما، يتعلم كيف يعطي كما يأخذ من الآخرين، وأن الحياة أخذ وعطاء، لن يعرف ذلك إلا إذا جرب معنى الحرمان أو افتقاد الشيء، وهذا ما يلاحظه في المواقف التي تمر عليه أو التي يعيشها فعلاً. إن بعد كل موقف عاصف يكون هناك درس «ما»، والواعي من يدرك ذلك، ويتعلم من كل دروس الحياة.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه