2015-10-10 

هل يختفي نجم حزب الله قريبًا؟

من القاهرة، علياء علي

كتب المحلل السياسي ومدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن ديفيد شينكر عن المحن الداخلية التي يواجهها جماعة حزب الله اللبنانية الشيعية. ويقول شينكر الذي نقل تحليله موقع معهد واشنطن أن الاتفاق النووي مع إيران يمثل نقلة جيوسياسية نوعية لصالح الثيوقراطية الشيعية، ولكن بالنسبة إلى اللبنانيين الشيعة، فإن الهموم المحلية هي التي تطغى. فشيعة لبنان، الذين يبلغ عددهم 1.6 مليون شخص، قلقون من تنظيمي («داعش») و«جبهة النصرة». ويرجع شينكر سبب قلق «حزب الله» أنه يقاتل في سوريا منذ 4 سنوات، وقد ساعد نظام الأسد في قتل حوالى 300 ألف شخص، معظمهم من السنة. ورداً على مشاركة الحزب في الحرب السورية، فإن هؤلاء الجهاديين السنة يستهدفون الشيعة في لبنان. وحتى يومنا هذا، لم يؤدّ تغير حجة وجود «حزب الله» - من «مقاومة» إسرائيل إلى إطلاق الحملات العسكرية دعماً لإيران في اليمن والعراق وسوريا - إلى إضعاف الدعم الذي يلقاه الحزب من جمهوره المحلي. لكن دور الحزب الجديد كحارس للمصالح الإقليمية الإيرانية، يؤدي إلى إثارة مخاوف الكثير من اللبنانيين الشيعة. ويقول شينكر إن تدخل «حزب الله» في سوريا قد أثقل كاهل المجتمع الشيعي المتلاحم في لبنان. فمنذ عام 2011، سقط حوالى 1000 مقاتل من الحزب بين قتيل وجريح في سوريا وحدها، وهو عدد كبير ، وهذا الشهر بالتحديد، عاد 4 مقاتلين من الحزب مكفّنين إلى بلدهم. كما أن عناصر أخرى في الحزب لاقت حتفها أثناء قيامها بـ «الواجب الجهادي» في أماكن أخرى. وعلى الرغم من ثقافة الاستشهاد المزعومة عند «حزب الله»، يبدو أن المجتمع الشيعي بدأ يتأثر بتزايد أعداد الضحايا. فخلال حملة الحزب الدموية في مايو لاستعادة السيطرة على منطقة القلمون السورية فقد أعلن نصرالله أن «13 مقاتلاً فقط» قُتلوا في المعركة التي استمرت أسبوعين. ولكن تحقيقات صحفية لاحقة أجرتها صحيفة «النهار» اللبنانية اليومية أشارت إلى أن الأمين العام لم يعترف سوى بنصف عدد الضحايا. كما انتقد الحزب منتقديه من الشيعة اللبنانيين بصورة علنية، من على صحيفة «الأخبار» اللبنانية اليومية الموالية لـ «حزب الله» - وقد أُطلق على أولئك المنتقدين لقب «شيعة السفارة ]الأمريكية[». ويوكد شينكر أن الأغلبية الساحقة من الشيعة اللبنانيين ما زالت تثق بنصرالله. ولكن في الآونة الأخيرة، أفادت تقارير عن ظهور بعض علامات التذمر داخل صفوف المنظمة. وتتعلق الشكوى الأساسية بالمحسوبيات داخل المنظمة، وخصوصاً فيما يخص منح المناصب العليا لأبناء القادة البارزين في «حزب الله» - وقد سُربت هذه الشكوى إلى الصحافة وجرى التأكد منها بشكل مستقل من مصادر لبنانية. ودفع مقتل جهاد مغنية ابن عماد مغنية بعض اللبنانيين الشيعة إلى التساؤل عن سبب وجود عنصر حديث العهد نسبياً في «حزب الله» مع قائد عسكري إيراني رفيع المستوى. وسرعان ما تبيّن أن جهاد مغنية كان قد عُيّن قائداً لـ «جبهة الجولان» التي أُنشئت حديثاً من قبل «حزب الله» ضد إسرائيل. وبعد أقل من 6 أشهر، تم اختيار نجل عماد مغنية الأكبر سناً، مصطفى، البالغ من العمر 28 عاماً، لشغل المنصب البارز نفسه، وقيل إن نصرالله شخصياً هو الذي اختاره. وبالطبع، هناك احتمال ضئيل بأن يختفي «حزب الله» قريباً، وذلك بفضل مهارته العسكرية وجمهوره الوفي الذي ما زال يدعمه. وفي الواقع، من المحتمل أن يتم التعويض عن تراجع الدعم المالي من نظام الأسد الشيعي اسمياً - وهو ما يشكل مصدر قلق بالنسبة إلى «حزب الله» - بعد التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران، الذي سيدرّ مليارات الدولارات على حلفاء إيران ووكلائها. ولكن رغم توسيع الحزب لدائرة نفوذه في المنطقة، يتزايد قلق بيئته في الداخل اللبناني. ولعل اللبنانيين الشيعة يشعرون بالأمان بفضل مغامرة الحزب في سوريا، ولكن وفقاً لاستطلاع الرأي قال نصف الذين شملهم الاستطلاع إن الحملة في سوريا «أثرت سلباً» على العلاقة مع السنة ومع لبنانيين آخرين. ويضيف شينكر بينما تستمر الحرب في سوريا، بدأ اللبنانيون الشيعة يقرون بشكل متزايد بأن مغامرة الحزب في سوريا شجعت الجهاديين السنة في سوريا على مهاجمة الشيعة في لبنان، بالإضافة إلى أنها أضرت بالعلاقة مع باقي اللبنانيين. ولكن مع تصاعد الطائفية في المنطقة - وفي غياب أي جهة أخرى يمكن الاعتماد عليها لحماية الطائفة الشيعية - من المرجح أن يستمر الإجماع الشيعي على دعم مشاركة «حزب الله» في الحرب السورية. وبالنسبة لواشنطن، دفعت هذه الديناميكية تبنّي سياسة الاستسلام، لدرجة أنه في نيسان/أبريل، تخلت وزارة الخارجية الأمريكية عن برنامجها الوحيد لرعاية الشيعة «المستقلين والمعتدلين» في لبنان (وفي المناسبة، كان هذا البرنامج المتواضع تحت إدارة منظمة «هيا بنا»). وحالياً، يواجه «حزب الله» ضغوطاً، لكنه ليس ضعيفاً. إلا أن المنظمة ليست في منأى عن المهاجمة، فعدد الضحايا في سوريا والأخطاء التي ارتكبتها في الداخل أديا إلى موجة غير معتادة، إن لم نقل غير مسبوقة، من الانتقادات الشيعية إليها. واليوم، وفقاً للاستطلاع، يقول 70 في المائة فقط من الشيعة الذين يثقون بقائد معين «لتوفير مستقبل أفضل لعائلاتهم» إن حسن نصرالله هو ذلك القائد بالنسبة إليهم.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه