2015-10-10 

داعش لن تعيد سيناريو العراق في ليبيا

من القاهرة وبنغازي، أولف ليسينج وأيمن الورفلي

(رويترز) - استغل متشددو تنظيم الدولة الإسلامية الفوضى العارمة في ليبيا لكسب موطئ قدم فيها لكن طردهم من مدينة في شرقها يشير إلى أنهم ربما لا يقدرون على بلوغ ما حققوه في العراق وذلك لوجود منافسين أشداء ولغياب الانقسامات الطائفية في البلاد. في الشهر الماضي قام مقاتلون إسلاميون محليون يعززهم سكان بطرد مقاتلي التنظيم المتشدد من درنة التي تقع على ساحل البحر المتوسط وهي أحد معقلين للدولة الإسلامية في هذه الدولة الغنية بالنفط. وكانت هذه أول انتكاسة في ليبيا للتنظيم التي أرسل إليها مقاتلين ورجال دين من تونس واليمن ودول عربية أخرى في محاولة لتكرار النجاح الذي حققه في العراق وسوريا حيث استولى على أجزاء واسعة من أراضي البلدين وأعلن قيام "خلافة" إسلامية. واستفادت الدولة الإسلامية كثيرا من الفوضى الليبية إذ توجد حكومتان متنافستان تتقاتلان تعجز كل منهما عن أن تكون لها اليد العليا في وقت تتنافس فيه الجماعات التي ساعدت في الإطاحة بمعمر القذافي في 2011 على السلطة تحت لواء كل من الحكومتين ما يتسبب في فراغ أمني. وطردت الدولة الإسلامية من درنة بعد مقتل سبعة أشخاص خلال احتجاج في المدينة على تدفق الجهاديين الأجانب عليها وكذلك بعد مقتل أحد قادة كتيبة شهداء أبو سليم المتحالفة مع أحد الفصائل التي كانت مناوئة للقذافي في المدينة. وانضم عدد من السكان الغاضبين إلى كتيبة شهداء أبو سليم لمد يد العون في طرد متشددي الدولة الإسلامية من درنة التي نشط فيها إسلاميون حتى في عهد القذافي الذي استمر حكمه لليبيا 42 عاما قمع خلالها الإسلام السياسي. حصلت الدولة الإسلامية على تأييد البعض في سوريا والعراق من خلال استغلال العداوات الطائفية القائمة منذ زمن بين السنة والشيعة. لكن هذا الأمر غير قائم في ليبيا وهي دولة سنية خالصة تنظر فيها الفصائل السنية المسلحة والقبائل إلى الدولة الإسلامية كتنظيم متسلل ومنافس. قال أحد سكان درنة "الناس ملوا من داعش (الدولة الإسلامية). تمتعت كتيبة شهداء أبو سليم ببعض التأييد منذ اندلاع الثورة التي أطاحت بالقذافي." وقال ماتيا توالدو الباحث السياسي في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إن من المحتمل أن تركز الدولة الإسلامية الآن على موطئ القدم الآخر لها بليبيا وهو مدينة سرت مسقط رأس القذافي والتي تقع في وسط الساحل الليبي وتتمتع فيها الدولة الإسلامية بدعم غير معتاد من جانب الموالين للقذافي المعارضين لحكام ليبيا المتصارعين. هاجم مقاتلو الدولة الإسلامية حقول النفط جنوبي سرت الواقعة في وسط البلاد وخطفوا نحو تسعة عمال أجانب. كما أعدموا 21 مسيحيا مصريا قرب المدينة واقتحموا فندقا في العاصمة طرابلس وقتلوا خمسة أجانب. وقال توالدو إنه يتوقع أن يحاول متشددو التنظيم إقامة نقاط أمنية على مفترق طرق استراتيجي في وسط ليبيا حيث يتصل طريق ساحلي سريع بين شرق وغرب البلاد بممر إلى سبها وهي مدينة في أقصى الجنوب. وأضاف "سوف يكون بإمكانهم طلب الكثير من المال نظير الحماية (هناك)." وبخلاف ما حدث في العراق وسوريا لا تستطيع الدولة الإسلامية كسب ملايين الدولارات من بيع النفط في السوق السوداء لأن النفط الليبي يهيمن عليه أهل البلاد. ولذلك يعتمد التنظيم على الفدى التي تدفع عن سجناء وعلى أجور أعضائه المحليين إذ لا يزال معظم الشبان الليبيين يتقاضون أجورا من السلطة. * معركة درنة لم تنته من الممكن أيضا أن تحاول الدولة الإسلامية اللعب على شكايا سكان الجنوب الفقير. وليس لأي من الحكومتين المتنافستين سلطة في تلك المنطقة النائية الخاوية التي قتل فيها عشرات ألأشخاص منذ الأسبوع الماضي في اشتباكات بين قبيلتي الطوارق وتبو. وقال جيفري هوارد محلل شؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا في مركز الأبحاث (جلوبال ريسك أناليسيس) الذي يتخذ من لندن مقرا له "يمكن أن يسعى المتشددون المرتبطون بالدولة الإسلامية لاستغلال مشاعر التهميش في الجنوب الغربي خاصة بين أفراد مجموعة الطوارق العرقية لتجنيد مقاتلين وللسيطرة على الأراضي." وبالنسية لدرنة أكدت الدولة الإسلامية في تسجيل مصور أنها سحبت مقاتليها. لكن القتال لم ينته بعد. وقالت وحدات عسكرية موالية للحكومة الليبية المعترف بها دوليا والتي تعمل من الشرق منذ خسرت السيطرة على طرابلس قبل عام أمام مجموعة منافسة إنها الآن تحاصر درنة. وقال متحدث عسكري محلي إن مقاتلي الدولة الإسلامية عددهم قليل وليس لديهم الوقود اللازم للحركة. وأضاف أنهم لا يملكون سيارات عسكرية وإنما يتنقلون في شاحنات تستخدم لنقل الأسمدة. لكن اشتباكات بين مقاتلي الدولة الإسلامية ووحدات الجيش الموجودة في شرق ليبيا والمتحالفة مع الحكومة المعترف بها دوليا وانفجار عدة سيارات ملغومة داخل المدينة ومقتل عشرة أشخاص وقول السكان إن الدولة الإسلامية مسؤولة عن التفجيرات يشير إلى أن تطويق قوات الجيش للمتشددين غير فعال. وعلى الدوام بإمكان الدولة الإسلامية اتخاذ الجبل الأخضر -وهو منطقة في وسط البلاد بعيدة عن الساحل اختبأ فيها بطل المقاومة للاحتلال الإيطالي عمر المختار- ملجأ لها. وما دامت وحدات الجيش في شرق ليبيا وكتيبة شهداء أبو سليم تتبادل العداء وما دامت تلك القوات لا تغامر بالسيطرة على درنة يمكن أن تبقى المدينة ملعبا للإسلاميين المتطرفين. وقال فردريك ويهري وهو باحث كبير في مركز كارنيجي لأبحاث السلام "هو حقل مزدحم... كل شيء في ليبيا متشرذم... كل شيء يخضع للسيطرة المحلية... لذلك يصعب على أي جماعة أن تتوسع." وسيبقى منتظرا أيضا أن يرى السكان في درنة إن كانت حياتهم تتحسن. وقال الساكن الذي طلب ألا ينشر اسمه حرصا على سلامته "المتاجر والبنوك عادت لفتح أبوابها (منذ انسحاب الدولة الإسلامية) لكن هناك نقصا في الدواء في المستشفيات."

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه