2015-10-10 

قانون للمستقبل

عائشة سلطان

في الأيام الماضية أصدرت الإمارات واحداً من أكثر القوانين أهمية، فيما يتعلق بتحديد العلاقات وضبطها بين مختلف أطياف المجتمع من مواطني الدولة وساكنيها، إثر موجات النبذ الطائفي والتصنيف المذهبي التي تجتاح المنطقة العربية والشرق الأوسط وربما العالم بأسره، والذي أفرز عدداً متنامياً من جرائم القتل المروعة، إثر تفجيرات لأسواق وأحياء وأضرحة ومزارات ومساجد وكنائس وغيرها في العراق والبحرين والسعودية والكويت وباكستان ولبنان ومصر وتونس، هناك ذهنية نبذ وعنصرية وكراهية للآخر تجتاح المنطقة متخذة من الاختلاف في الأديان والمذاهب ذريعة لقتل الآخر، وإشاعة الفوضى وخلخلة الأمن والاستقرار. في التأصيل هناك تحديد واضح لما يعنيه التمييز والكراهية والعنف لفظياً وجسدياً، كما أن هناك تحديداً دقيقاً وإشارات لا تحتمل اللبس للحالات وللعقوبات التي تقع على أي فرد في المجتمع يقوم بازدراء الآخرين وتحقير ديانتهم أو مذهبهم أو طائفتهم أو رموزهم الدينية، وقد تصل هذه العقوبات، كما جاء في نصوص القانون، حد الإعدام والسجن لما يزيد على عشرة أعوام، إننا نسمع ونرى يومياً إلى أن أخذ خطاب الكراهية الناس في المجتمعات المحيطة بنا، لقد أصبح القتل عبادة من وجهة نظرهم واجتهاداتهم المنحرفة توصل صاحبها للجنة والتمتع بالحور العين! خطاب الكراهية ونبذ الآخر وإقصائه والمطالبة بالتخلص منه قتلاً وحرقاً و... الخ ليس جديداً في التاريخ الإنساني، لكنه دائماً ما ارتبط بحالة الاضمحلال والتخلف، فحين يصل المجتمع إلى قاعه الحضاري ولا يعود رصيده من التحضر كافياً ليتجاوز خلافاته الإثنية والعقائدية، فإن أفراده لا يجدون طريقة للتعبير عن كراهيتهم لبعضهم بعضاً سوى بالقتل والسحل والحرق، كان ذلك أيام الرومان وممارسات المستكشفين الأوائل والهجرات الأوروبية للبلاد الجديدة، وكان أيام محاكم التفتيش ضد مسلمي الأندلس، كما كان أكبر سقطات هتلر الذي صنف البشرية عرقياً وانطلق في مشروعه العنصري، فماذا كانت النتيجة؟ حرباً عالمية طحنت منجزات قرون من البناء وملايين القتلى. الإسلام مبتلى اليوم بجماعات تتسلق نصوصه وتختطف سماحته وعظمته، جماعات جعلت الكراهية مشروعاً واقعياً للأسف، تفجر وتقتل من خلاله، وحماية للمجتمع وردعاً لهؤلاء الجهلة وضماناً لمستقبل خال من الكراهية كان القانون.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه