2015-10-10 

القرار الدولي 2231.. ماذا يعني؟

وحيد عبد المجيد

يملك مجلس الأمن بحكم صلاحياته إلغاء قرار سبق أن أصدره أو أكثر. وليس صعباً تبرير مثل هذا التحول. فالمبرر جاهز، ويستخدمه عادةً كل من يغير موقفه في أي مجال من مجالات الحياة وليس في العلاقات الدولية فقط، وهو تغير الظروف. غير أنه عندما يتعلق الأمر بمجلس الأمن، تصبح هذه الظروف رهن مصالح الدول الكبرى التي يملك كل منها نقض أي مشروع قرار، وتستطيع في حال اتفاقها فرض المشروع الذي تراه. وقد تضمن اتفاق فيينا الذي توصلت إليه هذه الدول، ومعها ألمانيا، في 14 يوليو الجاري مع إيران مسودة مشروع قرار يُصدره مجلس الأمن تمهيداً لرفع العقوبات الدولية المفروضة عليها باستثناء تلك المتعلقة «بدعمها الإرهاب بالوكالة وخرقها القواعد الدولية لحقوق الإنسان»، فضلاً عن إبقاء الحظر على امتلاكها صواريخ باليستية لخمس سنوات قادمة. وقد وافق المجلس بالإجماع على هذا المشروع في الأسبوع الماضي، فصار قراراً يحمل الرقم 2231. ويعني إصدار هذا القرار قطع الخطوة الأولى باتجاه إلغاء معظم ما ورد في خمسة قرارات أصدرها المجلس تحت الفصل السابع بين عامي 2007 و2010، بعد أن تقدم الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال ستة شهور تقريراً يفيد بأن إيران التزمت بما ينص عليه اتفاق 14 يوليو 2015. وأشار القرار 2231 في ديباجته إلى هذه القرارات الخمسة، وهي 1737 و1747 (2007)، و1803 و1835 (2008)، و1929 (2010)، والتي تنص على العقوبات، إضافة إلى القرار 1696 الصادر في 2006 لتحذير إيران من اتخاذ إجراءات ضدها بموجب الفصل السابع إذا لم تتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتلتزم بالتدابير المعتمدة لديها. وتصرف المجلس بالفعل وفق ذلك التحذير الذي تجاهلته إيران، وأصدر القرارات المذكورة سابقاً متضمنة عقوبات محددة. ورغم أن العقوبات المنصوص عليها في تلك القرارات أثرت في قدرات إيران الاقتصادية والعسكرية، فقد كان بعضها كعدمه في ظل غياب إرادة دولية لمعاقبتها على خرقها قيوداً فرضها المجلس تحت الفصل السابع الذي يجيز استخدام القوة لضمان الالتزام بها. لقد حظر القراران 1737 و1747 على إيران تصدير أي نوع من السلاح أو العتاد، أو إرسال أي قوات خارج أراضيها. لكنها توسعت في هذا كله ضمن مشروعها للتوسع الإقليمي، حيث أمدت حلفاءها بكل ما كان ممنوعاً عليها إرساله إلى الخارج. ورغم أن هذه العقوبات كانت أقل من تلك التي نُفذت، وأهمها حظر تصدير أسلحة إليها وتجميد أرصدة مملوكة لها ومنع التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري معها، فليس ممكناً إغفال حقيقة أن طهران ألغت من جانبها بعض أهم ما تضمنه قراران أصدرهما المجلس تحت الفصل السابع. وكانت الولايات المتحدة أول من تواطأ على خرق طهران لهذين القرارين، بل تعاونت ضمناً مع ميليشيات عراقية تحمل أسلحة إيرانية ويوجد في صفوفها مدربون ومقاتلون تابعون للحرس الثوري. وبلغ هذا التعاون ذروته خلال فترة المفاوضات في جنيف ثم فيينا تحت شعار «الحرب على داعش». كما غضت واشنطن البصر عن الأسلحة الإيرانية التي تدفقت على سوريا، بما فيها قنابل تُستخدم في تجهيز البراميل المتفجرة التي حصدت ومازالت أرواح آلاف الأبرياء، فضلاً عن تولي ضباط إيرانيين كبار قيادة أهم العمليات العسكرية لنظام الأسد. ولا يختلف ذلك عن الموقف الأميركي تجاه احتقار إسرائيل القرارات التي أصدرها مجلس الأمن لمصلحة الشعب الفلسطيني، وإزاء انتهاك إيران ووكلائها في اليمن القرار 2216 منذ اللحظة التي أُصدر فيها. ولما كانت طهران تعرف أن موقف مجلس الأمن مرتبط بإرادة القوى الدولية الكبرى، فليس هناك ما يقلقها في إبقاء ملفها النووي في حوزته. فقد أبقى اتفاق 14 يوليو ولاية مجلس الأمن على هذا الملف، بما يتطلبه من متابعة وتقييم، لمدة عشر سنوات. وهي، فوق ذلك، مطمئنة إلى تحفز شركات كبرى أميركية وأوروبية للاستثمار في حقولها التي تمثل رابع أكبر احتياطي نفطي، وثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي، كما في بنيتها الأساسية التي طال إهمالها وصار تأهيلها مصدر ربح هائل يتنافس عليه المتنافسون، الأمر الذي قد يجعل من الصعب إعادة فرض العقوبات عليها حال تراجعها عن الالتزام ببعض بنود الاتفاق. من جريدة الإتحاد

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه