A PHP Error was encountered

Severity: Notice

Message: Undefined variable: link

Filename: views/main.php

Line Number: 115

" />
2015-10-10 

السعودية ومصر.. والعلاقات الاستراتيجية

علي العنزي

تداولت وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة أخباراً وتحليلات بأن هناك تبايناً واختلافات بين السعودية ومصر، خصوصاً بعد مبايعة الملك سلمان بن عبدالعزيز، حول التعامل مع بعض القضايا العربية والإقليمية، كالقضيتين السورية واليمنية والتعاطي مع الملف النووي الإيراني وقضايا أخرى، لكن لم تستند تغطية هذه الوسائل الإعلامية إلى أي دليل مادي واضح، علماً أن وزيري خارجية البلدين، وفي مؤتمر صحافي مشترك، نفيا هذه الأخبار، لذلك لا بد لنا من تسليط الضوء على العلاقات السعودية-المصرية ومراحل تطورها وانعكاساتها على القضايا العربية والإقليمية والدولية. منذ زيارة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن لمصر عام 1946، والتي كانت رداً لزيارة الملك فاروق للسعودية قبلها بعام، تم وضع الأسس للعلاقات الاستراتيجية بين البلدين، والتي ترتكز على الاحترام والتعاون المتبادل والتشاور المستمر بين القيادتين؛ من أجل مصالح شعبيهما وشعوب المنطقة، فمنذ تلك اللحظة التاريخية أدركت القيادتان أهمية تنمية علاقاتهما الاستراتيجية، فالسعودية هي أكبر الدول العربية مساحة في الشرق العربي وتحتضن الحرمين الشريفين وتطل على البحر الأحمر غرباً والخليج العربي شرقاً، ومصر هي الرابط بين القارات الثلاث (أوروبا وأفريقيا وآسيا)، من خلال قناة السويس، وهي أكبر الدول العربية من حيث عدد السكان، وتشترك مع السعودية في الإطلال على البحر الأحمر، لذلك حافظت القيادتان على العلاقات بينهما، بما يخدم أهداف الدولتين، وحتى في لحظات الاختلاف في الرؤى أو خلال توتر العلاقات بينهما حافظتا على علاقاتهما بما يضمن مصلحة البلدين وشعبيهما وشعوب الأمة العربية. وبنظرة تاريخية للعلاقات بين الدولتين نرى أنهما سعتا في كل مراحل العلاقات بينهما إلى تغليب مصلحة الأمة وشعبيهما على أي خلاف سياسي أو توتر بينهما، ففي فترة الستينات مرت العلاقات بين البلدين بتوتر بين الملك فيصل والرئيس عبدالناصر، رحمهما الله، لكن بمجرد انتشار خبر نكسة 1967، وخسارة العرب واحتلال الإسرائيليين لسيناء والجولان والضفة الغربية، كانت السعودية هي من قاد العالم العربي، لاسترداد الحق العربي، فكانت وقفتها الشهيرة في مؤتمر القمة العربية في الخرطوم، في 29 آب (أغسطس) 1967، وهو ما أطلق عليه قمة اللاءات الثلاثة، والذي حصل خلاله اللقاء التاريخي الذي جمع الملك فيصل وعبدالناصر في ذلك المؤتمر، حيث قاد الملك فيصل حملة خلال ذلك المؤتمر لمساندة الأشقاء في مصر والأردن وسورية من خلال الدعم الاقتصادي والعسكري من الدول العربية الأخرى كافة، فساهمت السعودية بقوات عسكرية رابطت في الأردن؛ لدعمها في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وكذلك المساهمة الاقتصادية من السعودية والكويت وبعض الدول العربية الأخرى، لدول المواجهة المتمثلة في مصر والأردن وسورية، لذلك كان للموقف السعودي في تلك الفترة الأثر الكبير في بناء جبهة عربية؛ لمواجهة الغطرسة الإسرائيلية، وهو ما لمسنا نتائجه في حرب أكتوبر، والتي استطاع العرب أن يكسروا شوكة الإسرائيليين ويستردوا الكرامة العربية، فكانت وقفة السعودية في قطع وخفض تصدير النفط عن الدول التي تؤيد إسرائيل الأثر الكبير في سير المعركة. لقد شهدت العلاقات السعودية-المصرية تطوراً كبيراً منذ تسعينات القرن الماضي في جميع النواحي، فبعد إعادة عضوية مصر للجامعة العربية وعودة مقر الجامعة إلى القاهرة، بدأ التنسيق السعودي-المصري حول مجمل القضايا التي تهم البلدين، سواء أكانت عربية أم إقليمية، فكان لدورهما في تنسيق الجهود السياسية والعسكرية الأثر الكبير في إخراج العراق من الكويت، فكان محور الرياض القاهرة هو الفاعل تلك المرحلة، لذلك نرى أن الاستثمارات السعودية احتلت المرتبة الأولى بين الدول العربية المستثمرة في مصر والمرتبة الثانية على مستوى الاستثمارات العالمية، بقيمة تجاوزت أكثر من 71 بليون جنيه، إضافة إلى نمو حجم التبادل التجاري بين البلدين ووصوله إلى 5 بلايين عام 2014، إضافة إلى 8 بلايين هي قيمة تحويلات الجالية المصرية، والتي تشكل نسبة 50 في المئة من تحويلات المصريين في الخارج البالغة 16 بليون دولار، وهو مؤشر على الأهمية التي تشكلها العلاقات الاقتصادية بين البلدين الشقيقين. يقول المراقبون إنه عندما تكون العلاقات السعودية-المصرية متقاربة تكون المنطقة العربية في أمان، وهذه حقيقة تاريخية، أثبتتها الوقائع، لذلك العلاقات بين الدولتين هي الضابط للمنطقة العربية، فلديهما من المقومات الاقتصادية والبشرية والحضارية والدينية ما يؤهلهما للعب الدور المؤثر والإيجابي في تعزيز حماية المنطقة العربية من التجاذبات الدولية والإقليمية، ولكن من الطبيعي أن تكون هناك تباينات بين البلدين تجاه بعض القضايا، فالعلاقة بين البلدين هي استراتيجية مبنية على المصالح المشتركة، وليست متطابقة في كل شيء، فالسعودية عندما وقفت مع مصر اقتصادياً وسياسياً بعد سقوط مبارك ومن ثم إزاحة مرسي، إنما أرادت الحفاظ على مصر ومنع التدخلات الخارجية فيها، وحتى عندما استقبلت خالد مشعل معتمراً، هذا لا يمنع أنها تبحث عن حوار وحلول تنهي دوامة العنف مصر، بحثاً عن استقرارها، وهذا لا يعني أن هناك خلافاً بين البلدين، فمصر أيضاً لديها رؤى تجاه بعض القضايا، لكنها كانت أول من انضم للتحالف العربي في اليمن بقيادة السعودية، خارج دول مجلس التعاون الخليجي، لذلك أعتقد أن العلاقات السعودية-المصرية لا تؤثر فيها بعض تحليلات وسائل الإعلام التي تبالغ في بعض تحليلاتها، وهو ما يُبقي أخبارها في خانة التحليلات؛ لعدم استنادها إلى وقائع ملموسة، فالمصالح الاستراتيجية بين البلدين هي أكبر وأقوى من تحليل إخباري هنا وهناك، الهدف منه هو التشويش فقط لا غير. من جريدة الحياة اللندنية

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه