2015-10-10 

دراما الطفل ابرز الغائبين عن شاشة رمضان

ناصر محمد العمري

السباق التلفزيوني المحموم للشاشة العربية خلال الشهر رمضان الفائت أفرز كما كبيرا من الأعمال والبرامج المتنوعة وجاءت السلة الرمضانية متخمة بكم كبير من البرامج التي تنوعت بين المسلسلات الدرامية والبرامج الحوارية والتثقيفية وبرامج تعنى بتطوير الذات وآخرى عنيت بالمائدة الرمضانية فيما خلت تقريبا من تلك البرامج التي تتوجه لشريحة الأطفال . دعونا نعترف أن طفل اليوم لم يعد يحلم أن يتمتع بما كان يتمتع به جيلنا من برامج متنوعة وثرية وممتدة على مدار العام ،وبرامج تعنى به في شهر رمضان على وجه التحديد وكم كان جيلنا محظوظا حين ساهمت تلك الوجبات الدسمة في تكوين جيل كامل. كانت الحصيلة لذلك الإهتمام برامج خالدة سكنت الوجدان وشكلت ملامح جيل وأسهمت في تشكيل لغته وقربته من جمالياتها وطبعت وجدانه بإلهام منقطع النظير وصبغت عوالمه بالكثير من قيم الخير والوفاء والمحبة ومعاني الصداقة والعدل على غرار ( أفتح ياسمسم ) و(حي ابن يقظان) و(مغامرات سندباد )و( الجرة حكاية من الشرق) و(ابن الغابة) والقائمة تطول حتى نأتي على القائمة وماحوته. ولأننا هنا نتحدث عن برامج التلفزيون في رمضان وعن( دراما الطفل ) ففي ذاكرتي اليوم من بقايا رمضاننا في الماضي مسلسل ملهم وجميل حمل أسم (العرندس) تلك الدراما الموجهة للطفل بذكاء شكلت فرجة بصرية وقيمة وثقلا معرفيا بمقاييس ذلك العصر. هذا المسلسل الذي أورده هنا كنموذج لدراما الطفل والذي تم عرضه في شهر رمضان المبارك من العام 1415 هو من بطولة الفنان القطري غانم السليطي وفضلا عن ( العرندس ) كان لرمضاننا ونحن أطفال فوازيره الرمضانية التي كانت تشكل طقسا رمضانيا خاصا يملأنا بكل أسباب البهجة والمتعة . اليوم نجدنا نعيش متناقضات ففي الوقت الذي زاد فيه عدد القنوات الفضائية وحضرت الصورة ثلاثية البعد بما تمنحه من تأثير وقدرة على التجسيد وفي ظل ثورة الملتيميديا التي فتحت آفاقا واسعة وممتدة وبشرت بنتاج كثيف يتوجه للطفل إلا أن الصدمة كانت في أن نجد أنفسنا أمام حالة من التراجع المخيف والندرة في البرامج الدرامية الموجهة للطفل بشكل لا يعكس وزن الطفل العربي الديمغرافي و لا حجم الوقت الذي يخصصه للتلفزيون. المؤسف أنه حتى تلك البرامج التي تعرض على التلفزيون بتقنية الرسوم المتحركة ك(عيال نوير مثلا ) على قناة الام بي سي خلال الشهرالكريم كنموذج للبرامج التي تتخذ من وسيلة جاذبة للطفل وسيطا لها يناقش قضايا بعيدة عن عوالم الطفل وتم توجيهها لمناقشة قضايا فوق مستوى افهام اطفال اليوم وهو ماقد يزج بهم عنوة في مشكل مشاهدة مالايتناسب والمرحلة العمرية التي يجب أن يعيشها الطفل كحق طفولي . وأمام هذه الحالة التي يجوز لنا وصفها بالجدب البرامجي فأن الطفل يجد نفسه مدفوعا نحو مشاهدة برامج أعدت لمرحلة عمرية أعلى وهو مايعني حرمانه من مشاهدة مايناسب نموه العقلي والعمري ومايتناسب مع إهتمامات الطفولة. وقد يكون لضغوط الاعلان وعزوف المعلن عن هذا النوع من البرامج أثره وقد يكون لارتفاع تكلفة انتاج هذا النوع من البرامج دوره وخصوصا تلك البرامج التي تتخذ من تقنية ثلاثي الأبعاد ميدانا لها الا أن هذه المبررات غير كافية ولا هي مقنعة ولاتبرر غياب المسرحيات الموجهة للطفل ولا دراما الطفل ولا المجلة الموجهة للطفل . مما يجعلنا نؤكد أن الطفل العربي مظلوم وبائس فهو مهدد بما يمكننا وصفه بحالة من التصحر الثقافي المتبوع حتما بفقر قيمي يفرضه واقع يعيشه طفل اليوم ،وهذا مرده في ظني لحقيقة لم تدركها مجتمعاتنا العربية وهي أن من حق الطفل أن يرى ويشاهد ويستمع لما يتناسب مع نموه وأن هذا لايتم الا عبر نتاج درامي موجه خصيصا لهذه الشريحة .

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه