2015-10-10 

السفير السعودي في واشنطن... أسئلة أسئلة

من واشنطن، خالد الطارف

لا يزال كرسي السفارة السعودية في واشنطن شاغراً بعد تعيين السفير عادل الجبير وزيرا للخارجية، الأمر الذي فتح الباب أمام سيل لا يتوقف من التوقعات حول هوية السفير الجديد في أهم سفارة ملكية في العالم، والتي ينظر لها على أنها ميزة رفيعة، لا وظيفة فقط. وتولي الرياض، بل وواشنطن أيضًا، أهمية كبيرة للسفارة وسفيرها، وستزداد الأهمية بسبب التعقيدات التي تشهدها العلاقات بين البلدين، عقب الربيع العربي والاتفاق النووي الإيراني، وكلها صعوبات سوف تضفي ظلالها الكئيبة على عمل أي سفير مقبل. لاسيما وأنّ أميركا ربما تصبح أكثر خطرًا على الرياض من طهران، إذا تقاعست عن الحفاظ على مصالح حليفتها النفطية الكبرى، نظرا لأن إيران عاجزة عن التحرك بسبب مأساتها الاقتصادية، والخلافات السياسية الحادة، والاحتجاجات المتعاقبة، وذهاب حلفاءها إلى متحف التاريخ لا مزبلته، نظرا لأن الأخيرة امتلأت منذ عقود وينتظر الجميع، هوية الرئيس الجديد الذي سيتولى إدارة أهم دولة في العالم، خصوصًا في الرياض، الأمر الذي سينعكس على هوية السفير الذي ستختاره ممثلا لها، رغم أن مصادر إعلامية متفرقة أشارت إلى أنه ربما يكون الأمير عبد الله بن فيصل بن تركي، وهو أمير عملي قاد بنجاح الهيئة الملكية للجبيل وينبع، حيث بدء حياته المهنية بها منذ انشائها عام 1975، وتدرج المناصب بها حتى عين رئيسا للهيئة في عام 1991 وشغل منصب الرئيس التنفيذي لها ورئيس مجلس إدارتها، وفي أبريل 2000، وعين الأمير عبد الله محافظًا للهيئة العامة للاستثمار بمرتبة وزير واستمر بالمنصب حتى استقالته عام 2004 . إلا أن إمكانية فوز هيلاري بالرئاسة، يجعل الرياض تفكر في أن تكون أول سفيرة سعودية في واشنطن، وهذا يعني أن السعودية أمام صعوبتين: رئيس ديمقراطي... وامرأة. وهذا إن تم فقد يكون تحولًا جذريًا في مملكة لا تقود فيها المرأة السيارة ولا تزال حقوقها موضع أخذ ورد. ولطالما فضلت الرياض الرؤساء الجمهوريين على الديمقراطيين نتيجة تاريخ معقد من العلاقات والسياسات الديمقراطية المزعجة، ذاقت خلاله السعودية الأمرين من رؤساء ديمقراطيين تعمدوا العمل ضد مصالحها في المنطقة، وقد لا يكون الرئيس أوباما آخرهم. فلدى السعوديين محطات تاريخية مع الديمقراطيين بنت جبالاً من الشكوك، وعمقت إحساسًا بعدم الثقة في الأوساط الملكية والأميرية والوزيرية؛ ففي عهد هاري ترومان، خليفة روزفلت الأول، كان أول قرار اتخذه الاعتراف بإسرائيل، رغم أن لدى السعوديين تعهدًا بعدم الاعتراف الأميركي بالدولة الصهيونية الوليدة دون التنسيق معهم. وبعد الخليفة الأول مر سرب من التابعين الذين لم يفعلوا أكثر من تعميق إحساس السعوديين بالمرارة. ومنهم على سبيل الحصر لا المثال، جون كيندي، الحسين الكربلائي في تاريخ أميركا السياسي، سارع إلى الاعتراف بـ "الانقلاب السلالي"، نسبة لعبد الله لسلال المؤتمر من ناصر مصر الراحل، رغم عدم رضا السعوديين الذين كانوا يرون في سقوط الإمامة، تهديداً مباشراً لملكيتهم المحاصرة، وزاد على ذلك بأن رطّب علاقاته مع عبد الناصر بشكل رومانسي حتى حين. أما خلفه ليندون جونسون فقد تحالف مع إسرائيل بطريقة فجة كما ظهر في حرب 1967. وبعد جونسون جاء كارتر، الذي كان عهده فشلاً ذريعاً، وصلت فيه السياسة الأميركية إلى أقصى نعومتها، ما تسبب في إسقاط شاه إيران، الحليف الطاووسي الوثيق، فكان "تخاذلًا مهينًا" على حد تعبير السياسي السعودي العتيق المعتّق. وتميز عهد كلينتون في أول عامين ببرود واضح في العلاقات بين الرياض وواشنطن، لولا أن الملك فهد تدارك الموقف عن طريق صفقة تجارية بين البلدين، أسهمت في تلطيف الأجواء. وربما كان ذلك البرود في عهد كلينتون عائدا إلى الكيمياء المفقودة بينه وبين سفير الرياض الشهير، بندر بن سلطان، الذي رفض استقبال كلينتون عدة مرات عندما كان مرشحاً لحكم ولاية أركانساسا، ولم ينس كلينتون ذلك، خصوصًا وأنه غادر السفارة السعودية بشكل مذل، في إحدى المرات، حين رفض بندر مقابلته. ويستذكر الدبلوماسيين ورجال السياسة الدوليين قصص السفير الأشهر بندر بن سلطان الذي لعب دورًا يستحيل أن يكرره أي سفير آخر. ويتوقع أن يزور العاهل السعودي الملك سلمان واشنطن الشهر المقبل في زيارة ستكون الأولى له ملكاً.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه