2015-10-10 

كيري.. الذي جاء يُكلمنا في التفاصيل!

سليمان جودة

الأفكار التي جري طرحها، في اجتماع الدوحة المنعقد 3 أغسطس (آب) الحالي، بين وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الست، ووزير الخارجية الأميركي، تظل في ظني، في حاجة إلى مراجعة شاملة، خصوصًا من جانب الطرف الأول. إن الهدف من الاجتماع، كما بدا، هو أن يُبدي الوزراء الستة، هواجس بلادهم بصراحة، إزاء الاتفاق الأميركي الإيراني، حول ملف طهران النووي، وأن يشرح الوزير الأميركي، في المقابل، رؤية بلاده لتبديد هذه الهواجس! ولو أن سلوك إيران في المنطقة، اختلف بعد توقيع الاتفاق، في منتصف يوليو (تموز) الماضي، ما كان لمثل هذه الهواجس أن يكون لها مكان، ولكن الذي حدث، أن التصريحات الصادرة عن مرشد الجمهورية الإيرانية، تقول بأن إيران لا تنوي تغيير سلوكها المثير للتوتر، في أكثر من عاصمة عربية. ولأن المرشد خامنئي، هو المحرك الفعلي للسياسات الخارجية هناك، فإن لدول الجوار أن تأخذ كلامه مأخذ الجد، وأن تزيد هواجسها بدلاً من أن تخف، فضلاً عن أن تتبدد، حتى ولو سعى جواد ظريف، بعكس لغة المرشد، في العراق والكويت وقطر. أما الطرح الأميركي، على لسان الوزير جون كيري، في مواجهة الهواجس الخليجية، فلقد جاء في شكل تقليدي، وقديم، ولم يعد يجدي إزاء طارئ جديد في المنطقة، هو الاتفاق النووي، بكل أبعاده، ثم تداعياته وعواقبه المحتملة! إنني لا أفهم أن يأتي الوزير كيري، ليتكلم عن تسليح من جانب إدارة أوباما، للدول الست، وكأنه يفترض فينا أننا لا نفهم أن تسليحًا من هذا النوع، كان قائمًا، قبل الاتفاق، وأنه، أقصد مثل هذا التسليح، لم يمنع اتفاقًا، من نوعية ما تم توقيعه، ولم يمنع إيران من التوقف عن العربدة عربيًا، هنا، وهناك. ولذلك، فإنني أتخيل، أن يكون رد الفعل الخليجي على طرح أميركي كهذا، هو أن نطلب من الوزير الأميركي، أن يتكلم في موضوع آخر، أو بمعنى أدق، أن يتكلم في الموضوع نفسه، ولكن بشكل مختلف، وبمدخل مغاير، وإلا، فإن القبول بفكرة المزيد من التسليح الأميركي، للخليج، سوف لا يكون سوى استنزاف لثرواتها. ففي الاجتماع نفسه، كان الطرح الخليجي، مرتكزًا في اتجاه أن الخيار النووي الخليجي قائم، وأنه سوف يتمثل في حق الدول الخليجية في امتلاك طاقة نووية سلمية. هنا بالضبط، أصل الموضوع، لأن اتفاقية منع الانتشار النووي التي أتاحت للإيرانيين أن يصلوا بما عندهم، من إمكانات نووية سلمية، إلى ما وصلوا إليه، هي نفسها الاتفاقية التي لا بد أن تتيح لدول الخليج، الحق ذاته، والوصول إلى المحطة نفسها. والمعنى، أن إيران كانت طول الوقت، تقول، وتكاد تقسم بكل مقدس، أنها لا تريد سلاحًا نوويًا، من وراء تطوير إمكاناتها النووية، وأن أغراضها سلمية مائة في المائة، وهو بالتوازي ما يمكن للدول الست أن تعمل عليه، على الجانب الآخر من الخليج العربي. خطوة كهذه، سوف تكون لها نتيجة واحدة من نتيجتين؛ إما أن يتساوى الجانبان، العربي الخليجي والإيراني، فيما عندهما، من إمكانات الطاقة النووية، حتى ولو وصل الأمر بهما، إلى مشارف امتلاك سلاح نووي فعلاً، ومعًا، وإما أن يدرك الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، أن الحل إما أن يكون في إخلاء المنطقة كاملة، من أي سلاح نووي «محتمل» كالذي لدى إيران، وبجوارها دول الخليج عندئذ، ثم من أي سلاح نووي «مؤكد» كالذي لدى تل أبيب، وإما أن يكون الحل في ترك السباق حتى يصل إلى منتهاه. التسليح الذي يتكلم عنه كيري، نوع من استهلاك الوقت، لدى الإخوة في الخليج، ونوع من استنزاف المال لديهم أيضًا، وأمام قوة نووية إيرانية مؤجلة، حتى ولو كان التأجيل لعشرة أعوام، أو 15 عامًا، لن يكون تسليحًا ذا نفع، وسوف يتبين لهم في النهاية، إذا قبلوا به، أنه لم يغير من واقع الحال شيئًا، وأنه كان مجرد طمأنة شفوية، إن جاز التعبير، ومجرد تطييب خاطر.. ليس أكثر! إنني كلما تأملت ما قيل بعد الاجتماع، ولا يزال يقال بناء عليه، أحسست بأن الوزير كيري إذا كان قد جاء يُكلم الوزراء الستة في التفاصيل، فإن عليهم في المرات القادمة أن يكلموه دائمًا في الموضوع!

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه