2015-10-10 

التسلل بين أنقاض الأزمات

علي القاسمي

يكون السؤال التالي واحداً من الأسئلة المختصرة المهمة خلال الأيام الماضية في مشهدنا العربي: لماذا عاد «حزب الله» إلى الكويت؟ يتمدد السؤال بقوة، لما في هذه العودة من رغبات شيطانية أكيدة أريد لها أن تكون مستترة ومتسللة ما بين أنقاض الأزمات الشرق أوسطية. إنما كل مستتر لا بد أن يظهر ولو بعد حين وفي التوقيت المناسب ربما، وتظهر معه جميع الدسائس والنوايا المبيتة التي لا تدل ولا تهوى إلا طرق الضلال والظلام. الهدف الرئيس الذي يمكن وضع اليد عليه والانطلاق من بعده للصريح من التحليلات، لا يغادر زعزعة الاستقرار والضرب على وتر الطائفية وإيقاد الفتنة المذهبية للحد الذي يكون فيه اشتعالها متجاوزاً الكويت ودول الجوار، والمضي إثر ذلك إلى مخططات تخريبية تضع الخليجيين وعلاقاتهم وأمنهم على المحك. الطفل الذي كبر، «حزب الله»، يتلقى التوجيهات منذ لحظة ولادته من ثدي الأم التي لم يتوقف حليبها المسموم ولم يضعف، على رغم تقدم عمر التحايل وانكشاف العمائم وتنوع العباءات. راهنت الأم على أن رسومات الليل ذاهبة كما هي آلية سكبها بالحبر الخائن على الورق، ولكن كثيراً من رهانها بات خاسراً ومكشوفاً وعاري الملامح والمواقف، حتى وإن بلغت بها الثقة بتمرير وتدريس الأعذار مبلغاً متجاوزاً وغريباً في الوقت ذاته، وإن كانت هذه الثقة المضطربة داخلياً من أجل صد سهام الشكوك والاتهام التي لن تتجه في الأوساط المعنية وذات الهم المشترك والجراح الموحدة سوى إلى وجهة الأم وطفلها، على اعتبار أنه لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين، فما بالنا ونحن نلدغ أكثر من مرة كأسوأ المؤمنين؟ لمن تذهب الترسانة الضخمة من عشرات الرشاشات وأطنان الذخيرة والمتفجرات؟ وماذا يريد من خلالها «حزب الله» ومن يقف وراءه؟ لا أظن تعبيراً أدق من أن النشاطات الإيرانية الأخيرة تأخذ أبعاداً ليست جديدة، لكنها محدثة، بغية استثمار الظروف وخلط الأوراق في سلة صراع أكثر تعقيداً، لاسيما أن ضبط الأيادي الخفية يأخذ وقتاً ويستدعي حضوراً أمنياً رفيع المستوى لكل الأقطار التي تستمتع هذه الأيدي برمي الشرر فيها والتفرغ لخيانات وخيبات أكبر، الإرهاب الإيراني يرمي الحجج الرخيصة في طريق تبرئته من فعائل التخريب، وعلى رأسها التصدي لـ«داعش» ما لم تقم السلطات الأمنية بدورها في هذا التصدي، وليت أنها تحصن بيتها أولاً وتهتم بزجاجها المتناثر قبل أن تتلصص على الجيران وتحشر أنفها وثديها في كل قُطْر، والمؤكد أن الكويت وجيرانها متنبهون جداً لمشروع دق الأسافين المتدرج، ومدركون أن فعل تخزين الشر «الحزبي الطهراني» بما توافر من الإمكانات والحيل والوسائل فعل وصل إلى مرحلة الإدمان على رغم ما يعرض من مسرحيات هزيلة تتمثل في فصول التقيا والتحايا المغلفة بالكذب والأحضان التي ما إن تشاهدها إلا وتسلم أن للعيون لغة كاذبة كما أن للأيدي التواء نحو حقيبة الشر.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه