2015-10-10 

هل يرفض الكونغرس الاتفاق النووي؟

سويس انفو

سويس انفو- يواصل الكونغرس الأمريكي جلسات الإستماع التي تعقدها داخل اللِّجان التابعة لمجلسيْ الشيوخ والنواب، لمناقشة تفاصيل بنود الإتفاق النووي مع إيران، حيث تتردّد في قاعات الكونغرس نفس عبارات الرّفض له والتنديد به، التي يرددها رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو. لذلك، لم يكن غريبا أن يتعمّد وزراء الخارجية والدفاع والخزانة، بل ورئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، دغدغة عواطف الإسرائيليين و"إيباك"، اللّوبي المناصر لإسرائيل، والذي يضخّ ملايين الدولارات في حملة شرِسة ضد الإتفاق بعبارات طمأنة، منها المعهود مثل "الْتزام أمريكا بأمن إسرائيل وبضمان تفوّقها النوعي" على دول المنطقة مجتمعة. ومن ضمنها التفاخُر بأن إسرائيل ستكون "الدولة الصديقة الوحيدة التي ستحصُل خلال شهور على أحدث الطائرات المقاتلة من طراز إف - 35"، وأن واشنطن ستُساعد في إضافة شبكتيْن إضافيتيْن للدفاع ضد الصواريخ، وصولا إلى التعهد بـ "استخدام كافة الإمكانيات العسكرية الأمريكية ضد إيران إذا ما انتهكت الإتفاق". وبحسب سويس انفو يرى الدكتور أنتوني كوردسمان، الخبير العسكري والإستراتيجي بمركز الدراسات الدولية والإستراتيجية في العاصمة الأميركية أن اللّوبي المُوالي لإسرائيل سيُركِّز جهوده خلال فترة الستِّين يوما المُتاحة أمام الكونغرس لاتِّخاذ القرار إزاء ما يجِب عمله بالنسبة للإتفاق، ليس فقط على حشْد معارضة الجمهوريِّين في الكونغرس للإتفاق ولضمان أن يتحوّل إلى مساندة المعارضة الشَّرسة التي يقودها نتنياهو، وإنما سيسعى اللّوبي الموالي لإسرائيل بكل وسائل الضّغط التي يملكها، لضمان رفض عددٍ كافٍ من الأعضاء الديمقراطيِّين للإتفاق مع إيران، بحيث يتمكّن اللوبي الإسرائيلي في نهاية المطاف من تشكيل ائتلاف معارض قوي من كلٍّ من الجمهوريين والديمقراطيين للوصول إلى عدد الستِّين صوتا في مجلس الشيوخ، لكي يتسنى تحقيق معارضة الكونغرس للإتفاق، ثم محاولة تأمين معارضة 67% من أعضائه للتغلُّب على أي فيتو قد يستخدِمه الرئيس أوباما إذا ما صوّت الكونغرس بعدم التصديق. وعن التنافُس الحِزبي بين الجمهوريين والديمقراطيين في حسْم الموقف من الإتفاق أكد كوردسمان أنّه سيكون من السَّذاجة أن نفترِض أن فترة الستِّين يوما من استعراض الكونغرس للإتفاق ستكون خالية من التنافس الحزبي، خاصة وأن البلاد ستشهَد في عام 2016 انتخابات تشريعية وأخرى رئاسية. ولذلك، سيسعى أعضاء الكونغرس من الحزبيْن، وخاصة الجمهوريين منهم، للحصول على أصوات الناخبين الأمريكيين المسانِدين لمواقف نتانياهو المعارِضة للإتفاق. وأوضح الخبير العسكري أنّ هناك عقبتان رئيسيتان تحُولان دون مواصلة الجمهوريين قطْع مِشوار الرّفض حتى النهاية. أولا، صعوبة حشْد نسبة 67% من أعضاء الكونغرس اللازمة للتغلّب على فيتو الرئيس، لو صوّت الكونغرس بعدم الموافقة على الاتفاق النووي. ثانيا، لو واصل الجمهوريون معارضتهم للإتفاق ولم يتمكّنوا من التغلّب على فيتو الرئيس، فلن يكون بمقدورهم - لضمان انتخابهم أو إعادة انتخابهم - إلا سَنّ تشريعات عملية تضمَن الْـتزام إيران ببنود الإتفاق. ويبّن كوردسمان أنه لو أفلَح الجمهوريون والضغوط التي يُمارسها اللّوبي الإسرائيلي في عرقلة التصديق على الإتفاق في الكونغرس، فإن ذلك سيُثير تساؤلات جِدية حول قدرة الرئيس الأمريكي على القِيام بدوْرٍ قيادي للدول الديمقراطية، بل وحول دور الولايات المتحدة في السياسة الدولية. كما أن دولا مثل روسيا والصين ستُحاول الإستفادة من الإنقسامات الحِزبية الأمريكية في دعْم مكانتهما في المجتمع الدولي، فيما ستنظر دول الإتحاد الأوروبي لتلك النتيجة على أنها انعِكاس واضح لِما تُعانيه الولايات المتحدة من ضُعف وانقِسام في الداخل وعدم القُدرة على الإضطلاع بدورها القِيادي في العالم. أما الدول العربية الصديقة، فستجِد نفسها أمام نفوذ إيراني لا رادع له وصديق لا يمكنها الإعتماد عليه بقَدر مأمون من الثِّقة واليَقين. يجب أن يسعى الكونغرس إلى سَنّ تشريع يفرض على المسؤولين في الإدارة الأمريكية عدَم تجاهُـل أي انتهاكات إيرانية. وفيما يخص أفضل السيناريوهات المُتاحة أمام الكونغرس عِوَضا عن رفْض التصديق على الإتفاق وتعريض الولايات المتحدة لمزيد من الإنحِسار على صعيد قيادة العالم، قال كوردسمان: هناك أكثر من خِيار مُتاح أمام الكونغرس إذا أراد توفير أقصى قدْر من النجاح في إجبار إيران على التخلّي عن طموحاتها النووية: أولا، ضمان توفير كلّ الموارد اللّازمة للتفتيش والتحقّق، بما في ذلك استخدام التكنولوجيا والمعلومات الإستخباراتية وتقديمها للوكالة الدولية للطاقة الذرية. ثانيا، أن يحشد الكونغرس جهوده للإرتِقاء بأداء أجهزة المخابرات الأمريكية، بحيث تكون قادرة تماما على متابعة الْـتزام إيران ببنود الإتفاق. ثالثا، أن يطلب الكونغرس من الرئيس أوباما تقديم شهادة دورية تُفيد بمدى الْـتزام إيران والتأكّد من تواجد آلية جاهزة لإعادة فرْض العقوبات إذا انتهكت إيران الإتفاق. رابعا، التركيز على ضمان أمْن الدول العربية الصديقة والدول المجاورة لإيران وتعزيز قدراتها على التعامل مع قوة إيران الصاروخية وتزويدها بوسائل الرّدع المناسبة. خامسا، إقناع إيران بفوائد تغيير مسْلَكها ونشاطاتها المُزعزعة لاستقرار المنطقة، بتقديم حوافز مُشجعة. وتابع كوردسمان: لو أدرَكت إيران وجود آلية مستمرة لإطلاع العالم أولا بأول على أيّ محاولة منها للمراوغة أو الغشّ أو التمويه، فلن تجِد حافزا للإقدام على ذلك، خاصة وأن الإتفاق يوفّر آلية لإعادة فرض العقوبات الدولية عليها. ولذلك، يجب أن يسعى الكونغرس إلى سَنّ تشريع يفرض على المسؤولين في الإدارة الأمريكية عدَم تجاهُـل أي انتهاكات إيرانية وتقديم شهادات علَـنية حول مدى التزام إيران بالإتفاق، دون المساس بسِرية المعلومات وتقديم مضمون تلك الشهادات لكلٍّ من الوكالة الدولية للطاقة الذرية والدول الموقِّعة على الإتفاق، بل والدول الحليفة في المنطقة.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه