2015-10-10 

الانتخابات البلدية .. بداية الطريق

هيفاء صفوق

كما هو معروف، الجهل عدو الإنسان الأول، به تغيب الحقيقة ويعمم الضعف والانهزام ويسيطر العجز والتوقف. من ضمنها سيطرة المفاهيم المغلوطة الخانعة في حدود ضيقة، التي لا تريد الخروج ولا تتقبل كل جديد، لذا يظل هذا الجهل أو الاسم الحقيقي له (الخوف من كل جديد)، عاملاً هادماً وعاجزاً لا بناء مثمراً. فلا عجب إذا ظهر على السطح كل جديد، يقف له أصوات ضده، لكن الحقيقة والصواب لابد من أن تظهر، ولو بعد حين. دخول المرأة في الانتخابات البلدية أتت بعد تعرضها للكثير من الإحباطات والرفض وتقليل من شأنها، لكن كان لابد من أن تظهر بوجود سيدات رائدات عازمات منذ البداية، كانت بشكل فردي منذ عام ٢٠٠٤، حتى بدأت تتبلور وتتشكل بعد قرار الملك عبدالله -رحمه الله-، عام ٢٠١٠. فكانت اللبنة الأولى لصاحبة الفكرة «حملة بلدي» هي الدكتورة فوزية الهاني والمنسقة العامة لها أربعة أعوام، ثم أصحبت الآن المنسقة العامة الدكتورة هتون الفاسي، وأصبحت في معظم مناطق المملكة منسقات لحملة بلدي، وفي منطقة الرياض المنسقة الدكتورة نورة الصويان، وتحولت إلى مسمى «مبادرة بلدي»، حينها بدأ فعلياً دور القائدات والعازمات جدياً في دخول المرأة عالم الانتخابات البلدية كحق من حقوقها كمواطنة يحق لها الانتخاب والترشيح والتعين، فما نشاهده اليوم من إنجاز تاريخي وإنساني يخص المرأة السعودية في دخولها أول مرة الانتخابات البلدية لم يأتِ بهذه السهولة، هناك من عملن وتدربن وساعدن في تفعيل قرار الملك عبدالله منذ أعوام، وأقمن الورش التدريبية لعملية الانتخابات والآلية على ذلك في بعض مناطق المملكة، والاستعانة بخبرات عربية ساعدت في إقامة هذه الورش التدريبية لمجموعة سيدات أكاديميات وسيدات إعمال وصاحبات خبرة، استقطعن جزءاً من وقتهن لحضور هذه الورش واكتساب المعرفة والمهارات الجديدة في عملية الانتخابات، وأول من بادر في ذلك -كما ذكرت- هي حملة «بلدي» بالتعاون مع مؤسسة الوليد بن طلال الخيرية ومعهد إنماء المدن، في إقامة نحو 13 ورشة تدريبية على مستوى المملكة. اليوم، نحصد ما قامت به تلك القيادات، التي فضلت أن تعمل وتجتهد بكل طاقتها وإيمانها بذاتها وحضورها عضواً أساسياً في المجتمع، فلا يسعني أن أذكر أسماء كل من قام بذلك، لكننا نشكرهم ونحيِّي فيهم روح العزيمة والإصرار في مجتمع يخاف من كل تغير أو كل جديد مختلف عنه. شاهدنا الدول العربية القريبة لنا كيف دور المرأة حاضر وبقوة في الانتخابات، فهي نصف المجتمع، ولما تتمتع به من قدرة شمولية ونظرة ثاقبة، فهي صانعة الأجيال، وهذا ما يجعلنا نؤمن بدور المرأة السعودية في تبني القضايا المهمة التي تخص المرأة والأبناء والأسرة؛ لأنها تمتلك رؤية خاصة وعميقة في هذه القضايا، ولأنها مدركة بضبط سلبياتها وإيجابياتها، والمرأة السعودية أثبتت وجودها في العالم كله، ووضعت بصمتها في كل المؤسسات التي راعت موهبتها أو اختراعها أو ذكائها، أو التي أعطت لها مساحة للإبداع، وآمنت بأن لها قدرة كبيرة لا تقل عن الطرف الآخر (الرجل)، وهذا لن يكون إلا في بيئية حاضنة وداعمة، وهذا ما تحتاج إليه المرأة الآن من المشاركة في العمليات الانتخابية، والإدلاء بأصواتهن وحضورهن، وتأييد من تستحق ذلك بجدارة، ومن تمتلك الخبرة والمهارة في تفعيل دور المرأة في المجتمع والبحث في قضاياها المهمة، والابتعاد عن الانتماءات التي لا تخدم الهدف الأساسي من عملية الانتخابات. ما نشاهده الآن خطوة عملية في تفعيل دور المرأة في المجتمع، تستحق التصويت والمشاركة والمساندة. صحيفةالحياة

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه