2015-10-10 

وداعاً أيها البرميل!

فهيد البصيري

أبشركم أنه لا خطر على بورصة الكويت ولا حتى على الدول الخليجية من انهيار سوق الأوراق المالية الصينية، إنما الخطر علينا سيكون منا وفينا، أي «سُمنا في مكبتنا»، وحتما فإن الصين دولة مؤثرة على الاقتصاد العالمي، ولكن تأثيرها سيكون بإذن الله محدوداً، والسبب أن الصين في النهاية ستمنع انهيار أسواقها المالية بقوة السلاح، ومع أن الصين تعد ثاني أكبر اقتصاد عالمي بعد الكويت!، إلا أن أسواقها المالية تحت سيطرة الحكومة المركزية وبين يديها، وفوق ذلك كل المستثمرين هم صينيون أبا عن جد، وحصة المستثمرين الأجانب هناك كحصتي في سوق الكويت للأوراق المالية، أي «بالريش». ومشكلة الصين المالية كبيرة، فهي سنة أولى رأسمالية، والسوق هناك يدار بالحديد والنار، وفي العام الماضي شجعت الصين مواطنيها على الاقتراض ليشاركوا في البورصة الصينية، وأمرت البنوك أن تعطي المواطنين قروضاً على الحساب ومن دون ضمان، وقبلها سمحت للأفراد بتكوين شركات خاصة صغيرة ويقال والعهدة على الراوي أن عدد الأفراد المستثمرين بلغ 90 مليون مساهم فقط، وأغلبهم من طلاب الجامعات، وعاش الصينيون على أمل تحقيق الحلم الأميركي بجني الأرباح، ولكن ما حدث هو أن نمو الاقتصاد الصيني خذلهم، وانقلب عليهم، وظل يتباطأ حتى كاد يتوقف عن الحركة، وبالطبع خسرت الشركات أو لم تحقق الأرباح المتوقعة، فانهارت السوق وهو وضع طبيعي في الأسواق العالمية، ولكنه غير طبيعي في الصين، لأن الصين دولة شيوعية، والدولة تمتلك الشركات والأرض ومن عليها، وهناك لك أن تشتري ما تشاء من الأسهم ولكن عليك ان تحسب للحكومة ألف حساب عندما تريد أن تبيع، وعندما انهار السوق لم تضع الدولة رجلاً على رجل، بل أوقفت تداول الشركات التي يتم بيع أسهمها، ثم شجعت الشراء وبقوة القانون الشيوعي، ومع ذلك لم تتوقف الأسهم من النزول، ولو ترك الأمر للمساهمين لباعوا السوق بما فيه، فالأسهم منتفخة لدرجة التخمة، ولا يرتجى منها ربح ولا شكور. ومشكلة العالم مع الصين أن الصين تعتبر بالنسبة له، سوقاً يحتضن مليار ونصف المليار فم ومستهلك، وإذا ما أصبح هؤلاء فقراء فمن يشتري السلع من العالم، ومن أهم السلع التي يستوردها الصينيون النفط، وهنا مربط الفرس، فمع كساد الاقتصاد الصيني سيقل الطلب على النفط لا محالة، وسوق النفط لا تنقصه المصائب، فهو أولاً متخم بالنفط المعروض، وثانياً ستزيده إيران علة على علة بعد رفع العقوبات وزيادة إنتاجها، وهذا لن يكون هيناً لأن المملكة العربية السعودية أيضاً ستحتاج إلى بيع كل جالون نفط لديها لتغطية مصروفاتها العسكرية، أما العراق وباقي دول الخليج فستضخ النفط بأقصى طاقاتها لتغطية ميزانياتها المتدهورة من هبوط سعر البرميل، وفي الجانب الآخر من العالم يستمر انتاج النفط الصخري وتستمر مقاومته رغم تدني الأسعار! أما منظمة «أوبك» فلا يرجى شفاؤها، وبعدما كانت فلسفتها الاتحاد قوة، تحولت إلى النجاة قوة، واليوم هي لا تستطيع السيطرة على إنتاج أعضائها ولا حتى على أعصابهم، وتحولت من منظمة إلى حلبة مصارعة على الأسواق المستهلكة للنفط! ومع أن المنطق يقول إن أسعار النفط ستستمر في الهبوط وستستقر في مستويات منخفضة نسبياً حتى ولو ارتفعت قليلاً، إلا أن التنبؤ بمسار الأمور أو بأسعار السلع ومنها النفط على المدى الطويل لن يكون دقيقاً، ومع ذلك هناك حقائق ثابتة لا يمكن أن يغفلها أحد، وهي أن منظمة «أوبك» لا يمكن أن تتفق بعد اليوم، وأن عصر الرخاء النفطي ولَّى إلى غير رجعة، وأن قطار الإصلاح فات، وأن المشاكل قد بدأت! fheadpost@gmail.com

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه