2015-10-10 

الرواية الأخرى للمغسل... نجاح الإستخبارات السعودية

عبدالله الجنيد

أحمد المغسل ، قائد الجناح العسكري "حزب الله الحجاز " قد يمثل أحجية للبعض في زمن متسارع الأحداث يصعب فيه استحضار الأمس ناهيك عن استحضار حدث عمره يقارب العشرون عاماً . لكن ان "يقتنص" مثل هذا الصيد السمين ، بل السمين فوق العادة و في مطار بيروت ، هو الجزء الحيوي من منظومة حزب الله الأمنية . فهو بحد ذاته حدثاً يتجاوز الهدف المُقتنص من حيث آليات " الإقتناص " التي اتبعت من قبل فرع المعلومات اللبناني . فالمحصلة النهائية هي أن أحمد المغسل في الرياض و هذا هو الحدث الأهم . و الرسالة المتوخاة من العملية قد وصلت إلى المخابرات الإيرانية و " جهاز الأمن الوقائي و التأمين " في استخبارات حزب الله . و للتدليل على حجم ذلك الارتباك ، قيام المخابرات الإيرانية عبر رموزها السياسية في اوروبا بالإدعاء أن المغسل " ورقة محروقة " تم إهدائها للسعودية كعربون صداقة عبر قناة امريكية . ما يشكك في مصداقية تلك الرواية و نسفها من أساسها هو حجم التجاهل الامريكي الرسمي للعملية و الهدف " المقتنص " ، فالمغسل هو من قتل 19 أمريكياً و جرح 500 اخرين من منسوبي وزارة الدفاع الامريكية في ذلك الاعتداء الإرهابي على ثكنات أبراج الخبير عام 1996 ، فكيف من الممكن أن يسمح الأمريكان في التفريط به أو تفويت فرصة استثمار ذلك على الصعيدين المحلي و الدولي . أما اسرائيليًا ، فأننا نجد المشهد مغاير لذلك تماماً ، فالإعلام الإسرائيلي المقرب من صانع القرار "الأمني " تحديدا، عن لسانهم يصف العملية " بالاقتناص الاستخبارتي السعودي الأول " ، و ما يستشف من تلك الصياغة يتجاوز الإخبار إلى الاعتراف بقدرات خصم قادر ، و النكاية من الرئيس اوباما بشكل شخصي ثانيا . إلا أننا لسنا في وارد نقاش عملية "الاقتناص " بقدر ما الإبحار في التساؤل في دلالات و ماهية الحدث . فهل هي نتيجة للثقة المفرطة في الذات لمنظومة الاستخبارات الإيرانية ، أو أن حجم الاختراق لتلك المنظومة بكل مستويات هيكلها قد استوجب إيصال رسالة بذلك للأدميرال شمخاني بشكل شخصي ، عبر تنفيذ عملية اقتناص أحمد المغسل . و بالعودة لتاريخ المغسل و حزب الله الحجاز ، و تحديدا عملية أبراج الخبر في عام 1996 و التي مثلت بيانه السياسي الأول خليجيا ،مقارنة بباكورة عملياته الارهابية المستترة في السعودية و الكويت . و من جملة تلك العمليات لحزب الله "الكويت" محاولة اغتيال امير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح في مايو 1985 و سلسلة تفجيرات المقاهي في يونيو 1986 ، أو تفجيرات الحج عام 1989 و التي اعدم على خلفيتها 16 من منفذي تلك التفجيرات . مما سبق تتضح قيمة الهدف " المقتنص " ، حيث يمثل المغسل حتى وقت اقتناصه أحد أكبر نجاحات المخابرات الإيرانية في منطقة الخليج العربي حتى وقت اقتناصه في بيرت . مما يفرض علينا محاولة قراءة قرار المخابرات الإيرانية إرسال المغسل الى لبنان في ذلك التوقيت تحديدا . فهل كان الهدف اعادة " التدوير الميداني " او " المعنوي سياسيا " تحديداً مع اقتراب تحرير صنعاء . اما الاحتمال الاخر " افتراضا هنا " ، ان يكون الدور المناط به تنشيط الخلايا النائمة لحزب الله الحجاز ، فهو الرمز الأمثل بعد ان خبئ نجمه منذ إلقاء القبض على الشيخ نمر النمر الأب الروحي للتنظيم في يوليو 2012 . فقد كشفت العمليات التي نفذها التنظيم في القطيف المملكة العربية السعودية منذ 2011 عدم انضباط وتسرب السلاح الى أيدي انصار التنظيم ، مما شكل إهدارًا للموارد البشرية و السلاح . في حين ان خلايا الحزب المقاتلة في البحرين و الكويت كانت اكثر انضباطاً و فاعلية . ففي البحرين مثلا استطاعت خلايا الحزب من تنفيذ عمليات متواترة في اكثر من مكان في ارخبيل لا تتعدى مساحته 700 كيلو متر مربع . اغسطس كان أكثر الشهور قساوة و الأقسى في تاريخ جهاز الأمن القومي الايراني بعد توالي الإخفاقات في أكثر من ملف إقليمي ، محصلتها يمثل تراجعا استراتيجيا لا تكتيكيا و اليمن أقساها . يليها اقتناص المغسل و انهيار ذلك الكم من الخلايا القتالية للحزب في البحرين و الكويت . و الضرر لا ينحصر في خسارة السلاح بل انكشاف كامل برامجها اللوجستية و التنظيمية ، مما سوف يتطلب إعادة بناء خلايا جديدة في ظل بيئة جيوسياسية تنبئ بمتغيرات كبرى اقليمياً .

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه