2015-10-10 

واشنطن في مهمة تأكيد التزاماتها

أيمـن الـحـمـاد

في 26 فبراير كان الرئيس الاميركي باراك أوباما أول رئيس يقوم بزيارة "رسمية" للمملكة في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، واليوم تلتقي القيادتان في واشنطن حيث الزيارة الأولى الخارجية الرسمية لخادم الحرمين الشريفين، هذه الرمزية السياسية ذات مغزى ودلالة، إذ يفهم من هذه الأولويات مدى أهمية كل طرف للآخر، والثقل الذي يمثله في ميزان علاقاته بالنسبة للدول الأخرى. غني عن التعريف الحديث عن تاريخ العلاقات بين المملكة والولايات المتحدة؛ فالكلام اليوم هو عن مستقبل تلك العلاقة في منطقة تشهد تغيرات دراماتيكية لا يمكن التنبؤ بميعاد المدّ والجزر فيها. يحكم توجه واستراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط رؤيتها تجاه هذه البقعة الجغرافية الحيوية في التقاطعات السياسية الدولية، فواشنطن التي حاولت أن تنسل من المنطقة من خلال إعلانها سياستها المعروفة ب"المحور الآسيوي" وانسحابها من العراق، وجدت نفسها تنخرط أكثر فأكثر محاولة إدارة فوضى "الربيع العربي"، وهو ما أفرز خلافاً تكتيكياً بين البلدين كما اسماه وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وهي خلافات كان من الصعب تجاهلها أو عدم ملاحظاتها من قبل المراقبين، وذهب الكثير إلى دخول العلاقات بين الجانبين مرحلة حرجة وصعبة، لكن الرياض وواشنطن مدركتان تماماً لأهمية توافقهما وضرورة إصلاح أي خلاف قد ينشأ بينهما، وضرورة الإبقاء على الطرق الدبلوماسية مفتوحة وسالكة باتجاه كل القضايا فحل أزمات المنطقة يمر عبرهما بلا شك. القمة التاريخية السعودية– الأميركية ستكون فرصة من أجل فتح حوار مباشر وصريح لمرحلة ما بعد الاتفاق النووي الإيراني الذي سيكون على رأس الأجندة، هذا الاتفاق الذي لم تؤيده صراحة المملكة ولم ترفضه بل رحبت بأي اتفاق يمنع من تطوير إيران سلاحها النووي.. الاتفاق النووي الذي كان مناسبة لعقد قمة كامب ديفيد خلال الأشهر الماضية وكان عنوانها تطمين الحلفاء، من المنتظر أن يؤكد الرئيس أوباما اليوم التزام ادارته بما جاء في البيان الختامي للقمة الخليجية– الأميركية، كما أن المملكة تريد سماع تأكيد التزام واشنطن بأمن المنطقة، من خلال دعمٍ عسكري نوعي من شأنه تشكيل قوة ردع حقيقية ضد أي تلاعب إيراني مستقبلاً، مع ضرورة الضغط تجاه طهران وإلزامها الكف عن دعم أعمالها الإرهابية وعملائها في المنطقة وهي صفة تقر بها واشنطن لإيران. ويبدو أن الأزمة السورية التي كانت أحد مسببات ارتباك العلاقات بين الرياض وواشنطن في الماضي ستكون حاضرة في محادثات القمة بين الملك سلمان والرئيس أوباما، إذ إن هذه الازمة التي تراوح مكانها منذ حوالي خمس سنوات أصبح ينظر لها بشكل مختلف وضمن حلول من خلالها يتحول الالتزام بضرورة رحيل الأسد من كونه لزمة سياسية إلى فعلٍ سياسي. وينخرط البلدان بشكل كبير في مكافحة الإرهاب من خلال التحالف الدولي الذي أُعلن عنه قبل عام ونصف العام، ويبدو أن تفاقم هذه الحركات والتنظيمات المتطرفة، واتساع رقعتها، يدفعان الرياض وواشنطن تجاه بعضهما البعض من أجل إيجاد حلول من شأنها إضعاف "داعش" وأخواتها والقضاء عليهم. وسيحل الملف اليمني ضمن الموضوعات المطروحة لاسيما في ظل دعم أميركي مبكر تلقته الرياض إبان بدء "عاصفة الحزم"، وتحرص واشنطن على ضرورة استقرار اليمن بوصفه مفتاحا لوأد أي عودة واردة لتنظيم القاعدة الذي تلقى ضربات موجعة خلال الأعوام الماضية. ويظل الثابت بالنسبة للقيادة السعودية ضرورة البحث عن لجم الاعتداءات الإرهابية الإسرائيلية على الفلسطينيين، وإيقاف التوسع الاستيطاني، لكن هذا الملف يبدو عصيّاً على إدارة أوباما المتنافرة مع حكومة الليكود المتطرفة. ولن تكون السياسة فقط هي الحاضرة في لقاء القمة بل إن البلدين يبدوان مهتمين بتنشيط الحركة الاقتصادية والتجارية بينهما، وفتح آفاق تتعدى قطاع الطاقة لتصل إلى القطاعات الأكثر عصرنة وتقدماً. لقد صمد التحالف السعودي– الأميركي عقودا طويلة في وجه متغيرات المنطقة وتقلباتها وأمراضها المزمنة، وهو اليوم بحاجة إلى تحصينه من أي تطورات جديدة أو اضطرابات قد تطل برأسها من نافذة الشرق الأوسط.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه