2015-10-10 

قبلة على جبين بابا الفاتيكان

نادين البدير

يا عرب... يا مسلمين. بابا الفاتيكان يدعو كل كنيسة وأبرشية وكل مجتمع ديني في أوروبا لاستضافة عائلة سورية بدءا من أبرشيته في روما، ويطالب جميع مسيحيي العالم بإعلان يوم كامل للصلاة والصوم من اجل ان يحمي الله اللاجئين السوريين. أتسمعون. هبت الكنيسة للدفاع عن ضحايا الحرب والجوع وكل عزيز جار الدهر عليه. ستؤوي من لا مأوى له في خيال جغرافي وقومي اسمه الوطن العربي. لماذا يعلن الفاتيكان عن كل هذا التسامح إزاء عرب المشرق؟ لماذا يذكرنا بتخاذلنا حيال بعضنا؟ بحقدنا على الغرب وحضارته؟ صدعوا رؤوسنا بمؤامرات الصليبيين الحديثة وحكايات الكراهية التي تكنها المسيحية في أوروبا للعرب والإسلام. أيحاول البابا تجميل صورته أم أنه تسامح الإنجيل حيال منطقة دفعت بالأقليات للجحيم وهجرت أتباعه من المسيحيين فتناقص عددهم بصورة مذهلة ومذلة عن مئة عام مضت؟ كله كي يحيا الفكر الديني المتشدد عندنا... المدمر لنا ولغيرنا. دمروا كل أمل بمستقبل إنساني. ومن بقي من الأقليات شيء يسير، منهم مسيحيون ومسلمون غير سنة ومسلمون سنة ليبراليون. يطلقون علينا لقب الكفرة لأن إيماننا أشد هيبة من عقيدتهم المربوطة بكل حبال النفاق والتقية السياسية. حتى لو كان اليمين الأوروبي متطرفاً نحو الدخلاء، وكان المنحرفون يرسمون أبشع الصور عنا. يكفينا أن يعلن رمزهم الديني الأول استقباله للاجئين عرب هاربين من سياط العرب... ويكفينا ان يصلي ويصوم من اجلهم. هو الخشوع الحقيقي الأقرب إلى الله. هنا، شيخ المسجد لا يحثنا على إيواء اللاجئين والأطفال الهاربين من عنف ديكتاتور مسلم وجور فتاوى «أمراء» الأرض المسلمين. الإمام العربي مشغول بتجميع دموع يسكبها كل صلاة ليدندن الناس بأفكاره. وتحولت التجمعات الدينية الى منتديات لطم يتسابق بها البكاؤون على من يبدأ النواح... حفلات نحيب باسم الخشوع. هذا تفسيرهم للدين هنا، وذاك تفسيرهم هناك. في ألمانيا، تعلن انجيلا ميركل زعيمة الحزب المسيحي الديموقراطي خطتها لمواجهة موجات اللاجئين. من بنودها إسكانهم في بيوت ثابتة يتم بناؤها سريعاً، مع اقتراح خمسة آلاف وظيفة جديدة في مجال خدمة اللاجئين للطلاب المنتهين من الثانوية العامة ويرغبون في التطوع بالعمل المدني بدلا من أداء الخدمة العسكرية، ومنها إلزام اللاجئين بدورات لتعلم اللغة الألمانية والتأهيل المهني، ليلتحقوا فورا بسوق العمل المتعطشة للسواعد المهاجرة. ويطالب غونتر بوركهاردت الأمين العام لمنظمة برو أزيل الألمانية لمساعدة اللاجئين بضرورة تركيز سياسة اللجوء الألمانية على دمج اللاجئين بالمجتمع الألماني كمحدد رئيسي. ألمانيا الإنسان تكتب لأطفال اللجوء قدراً بديلاً سيكون خيرا لهم وللوطن الجديد الذي يحتضنهم. وسط المآسي تظهر ملائكية تنقذ مستقبل الصغار من الضياع وتحولهم لمخترعين ومكتشفين ومواطنين... تحولهم لمكتشفين لوجودهم هدفا في الحياة. كيف تتسع أوطانهم وترحب بما يفيض عن المتاح وتضيق بنا أرضنا... تبيعنا... تسرقنا... تنهشنا أحياء؟ وكيف تعلو مبادئهم على متطرفيهم فلا ينتقص من شأن الوطن حين يمنح اسمه وسمعته وخيره لكائن قادم من البعيد. وكيف تهبط مبادئنا وتلوث في وطن متعال على أبنائه محتقر لهم؟ هذه قبلتي على جبين فرانشيسكو وجبين «القديسة» انجيلا.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه