2015-10-10 

مخاوف عربية من تقسيم سوريا بعد التدخل العسكري الروسي

دويتش فليه

تواترت التقارير الإعلامية في وسائل الإعلام العربية والغربية حول تعزيز روسيا لحضورها العسكري في سوريا، ورغم النفي الدمشقي لوجود قوات عمليات عسكرية روسية، إلا أنه لا يبدد المخاوف من دخول موسكو على خط الصراع المباشر في سوريا. وبحسب دويتش فليه يثير دخول "الدب الروسي" بثقله على خط الصراع العسكري في سوريا تساؤلات كبيرة حول المدى الذي يمكن أنّ يذهب إليه دعم روسيا لنظام بشار الأسد، تبدو التوقعات والقراءات في العالم العربي متباينة بحسب مواقف دول المنطقة من الصراع. ففي مصر يتم التركيز على تثمين الاهتمام الروسي بالحرب على "داعش". وبدوره الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي فتح في الآونة الأخيرة قنوات تعاون عسكري مع روسيا بعد عقود من الفتور في العلاقات، لم يُخف ترحيبه بدعوة موسكو إلى تشكيل تحالف دولي ضد الإرهاب. بيد أن هذه الخطوة لم تلق الترحيب من دول عربية أخرى وخصوصا الخليجية التي تدعم مباشرة المعارضة السورية وترى أن فتح هكذا جبهة سيكون عملًا مربكًا للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "داعش"، فضلًا عن أنه سيشكل طوق نجاة للرئيس السوري وبالتالي تغيير مجريات الصراع في سوريا لصالح بقاء هذا الأخير في السلطة. ويعتقد الخبير الإستراتيجي اللبناني نزار عبد القادر أن فشل موسكو في إقناع الأطراف الإقليمية بخطتها في إيجاد حل سياسي في سوريا يكون فيه الرئيس السوري شريكا في الحرب على داعش، قد يكون وراء سعي موسكو الآن لفرض حضورها العسكري المباشر. لكن لماذا تسعى موسكو الآن لتعزيز حضورها وما هي الأهداف التي تريد تحقيقها؟ بالنسبة للكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي، فإن الروس يسعون إلى وقف الصراع المسلح عبر وقف لإطلاق النار، يحافظ من خلاله نظام الأسد على المناطق التي يسيطر عليها حاليا، وهي عمليا العاصمة دمشق والمناطق الساحلية"، في إشارة للمناطق التي تسكنها الأقلية العلوية التي ينحدر منها الرئيس الأسد. ويتفق خاشقجي مع الخبير اللبناني حول خلفيات الدعم الروسي الموجهة للمناطق الساحلية، وبأنه خطوة تحضّر لمشروع قيام دويلة علوية حسب تعبير نزار عبد القادر أو سوريا الإيرانية كما يطلق عليها خاشقجي، الذي يذهب في قراءته لتداعيات الدور الروسي واصطدامه بتمسك كل طرف إقليمي مؤثر في الصراع بمواقفه إلى تكريس سيناريو مضر جدا للمنطقة، أي تقسيم سوريا إلى أربع مناطق تهيمن التقسيمات الطائفية على تركيبتها: منطقة ساحلية غربية يسيطر عليها بشار الأسد بدعم إيراني، ومنطقة شمالية تكون بمثابة مساحة للنفوذ التركي المتداخل مع الحضور الكردي، ومنطقة جنوبية خاضعة للنفوذ العربي السعودي الأردني، ومنطقة شرقية يسيطر عليها تنظيم داعش الذي لا يتوقع تمدده في سوريا بفعل الضربات التي يوجهها له التحالف الدولي، لكنه قد يتحصن في المناطق الشرقية من البلاد التي يسيطر عليها، مكتفيا بها كقاعدة "لخلافته". وفي ظل وجود مؤشرات على دور عسكري روسي مباشر في الصراع بسوريا، وبعد توصل إيران مع القوى الست لاتفاق حول برنامجها النووي، فقد لا يتيح ميزان القوى الإقليمي ولا الدولي للسعودية وقطر وحليفتهما تركيا خيارات كبيرة. ولا يبدو أن الزيارة الأخيرة للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى واشنطن قد أحدثت تغييرًا في موقف إدارة الرئيس باراك أوباما من مسألة الحسم العسكري ضد نظام الأسد. تردد الرئيس أوباما وتقاعس إدارته، يعني عدم حصول السعودية على الدعم الذي تريده من الولايات المتحدة كما أنه يعني أن إسقاط الأسد في ظل حماية الروس له بات أمرا صعبًا. يقول خاشقجي مستنتجًا للأسف فإن تقسيم سوريا قد يكون أفضل الخيارات، ولكنه سيكون لفترة مؤقتة. ويعود الدعم الاستراتيجي الروسي لسوريا إلى عقود الحرب الباردة، وحتى بعد انهيار المعسكر الاشتراكي وتفكك الاتحاد السوفيتي استمرت سوريا، وتحديدا ساحلها المتوسطي عبر قاعدة طرطوس العسكرية، لتشكيل منفذ بحري أساسي للروس على المياه الدافئة في البحر المتوسط. وتصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التي قال فيها نقدم إلى سوريا أصلا مساعدة مهمة من معدات عسكرية وتأهيل لقواتها التي نسلحها"، لتؤجج المخاوف في المنطقة من تعزيز روسيا لدورها العسكري لجهة دعم نظام الرئيس بشار الأسد في مواجهة المعارضة التي تحقق في الآونة الأخيرة تقدما على جبهات عديدة وتعرض العاصمة دمشق إلى هجمات من قوات مناوئة للرئيس الأسد.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه