2015-10-10 

تجدد المظاهرات في لبنان

الفرنسية

دعي اللبنانيون الى التظاهر مرة اخرى الاربعاء في وسط العاصمة ضد فساد الطبقة السياسية التي تلتئم، تحت ضغط الشارع، على طاولة حوار للبحث في الشلل السياسي والمؤسساتي. وبحسب الفرنسية بدأت الحركة الاحتجاجية في لبنان على خلفية ازمة نفايات تكدست في الشوارع ولم تتمكن الحكومة بعد شهرين من حلها، وتهاجم الحملة "فساد الطبقة السياسية" وعجزها عن التعامل مع مشاكل معيشية مزمنة. ودعت منظمات المجتمع المدني التي تقود التحرك اليوم الى تظاهرتين، الاولى قبل الظهر لترافق جلسة الحوار المزمع عقدها بين ابرز الاطراف السياسية في مقر البرلمان، والثانية الساعة السادسة مساء (15,00 ت غ). وتترافق التظاهرات والحوار الذي دعا اليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع تدابير امنية مشددة. فقد انتشر المئات من عناصر قوى الامن منذ الصباح الباكر في شوارع وسط بيروت، بحسب ما افاد مراسلو وكالة فرانس برس. واقفلت كل الطرق المؤدية الى البرلمان بحواجز معدنية ثقيلة واسلاك حديدية. وتمتد مساحة الشوارع والساحات المقفلة على اكثر من اربعة كيلومترات في وسط بيروت الذي يعج في ساعات قبل الظهر عادة بالمتسوقين وموظفي الشركات والمارة. وشهدت بعض التظاهرات السابقة التي دعا اليها المجتمع المدني خلال الاسابيع الماضية اعمال شغب وصدامات مع قوى الامن. ونتجت ازمة النفايات من اقفال مطمر رئيسي للنفايات جنوب العاصمة وانتهاء عقد شركة مكلفة جمع النفايات من دون التوصل الى ابرام عقد جديد. ومنذ ذلك الحين، يتم جمع النفايات بشكل متقطع من بيروت والمناطق وترمى في اماكن عشوائية من دون معالجة وفي شروط تفتقر الى ادنى معايير السلامة الصحية. وتتالف الحكومة من مجمل الاطراف السياسية في البلاد، وتتحدث تقارير عن تمسك العديد منهم بالحصول على حصص وارباح من اي عقود خاصة بجمع النفايات، وعن استخدام البعض الآخر الازمة للابتزاز لتحقيق مآرب سياسية معينة. واضيفت ازمة النفايات الى الازمة السياسية الناجمة عن شغور موقع رئاسة الجمهورية منذ مايو 2014، وعن توترات امنية متقطعة على خلفية النزاع في سوريا المجاورة، ما اعطى مجلس النواب ذريعة لتجديد ولايته للمرة الثانية في نوفمبر 2014 حتى يونيو2017. ويتهم المتظاهرون تحت شعار "كلن يعني كلن" جميع السياسيين بالفساد والاهمال، ويطالبون بانتخابات برلمانية. وكتبت حركة "طلعت ريحتكم"، المجموعة الابرز في الحراك المدني، على صفحتها على موقع "فيسبوك"، "كان بلد... صار مكب!!! لازم كلنا ننزل الأربعاء حتى نستمر بالضغط على كل الفاسدين!". وحث الناشطون المواطنين على التظاهر على الرغم من العاصفة الرملية المستمرة لليوم الثالث والتي تنشر سحابة كثيفة من الغبار في كل انحاء البلاد. وجاء في الدعوة "مهما كانت ظروف العاصفة والطقس غدا.. ‫‏مستمرون‬ ونلتقي الساعة العاشرة صباحا لنواكب بالطناجر والمقالي حوار رؤساء الكتل النيابية حيث هم! ونلتقي عند الساعة السادسة مساء من أجل تظاهرة حاشدة يكون فيها الرد المناسب على نتائج حوارهم". ويرتدي الحراك المدني طابعا استثنائيا، إذ لا سابقة له بهذا الحجم في بلد اعتاد مواطنوه النزول الى الشارع فقط بناء على دعوات السياسيين. الا ان هذا لا يلغي استمرار حالة الانقسام الشديد بين اللبنانيين بين قوتين رئيسيتين: قوى 14 آذار التي تضم بشكل اساسي تيار المستقبل بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وحليفه المسيحي حزب القوات اللبنانية، وقوى 8 آذار التي تضم حزب الله الشيعي وحليفه المسيحي التيار الوطني الحر بزعامة ميشال عون. ويقف هذا الانقسام عائقا امام انهاء الشغور الرئاسي على الرغم من 28 دعوة وجهت الى البرلمان على مدى سنة واربعة اشهر، لانتخاب رئيس. ويقاطع نواب حزب الله وحلفائه جلسات انتخاب رئيس، ما يحول دون اكتمال النصاب. وذكر مشاركون في حوار الاربعاء ان البند الاول على جدول اعمال الجلسة هو انتخاب رئيس، ولو ان معظمهم لا يعولون كثيرا على خروجه بنتيجة. وقال رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميل من قوى 14 آذار في مؤتمر صحافي الثلاثاء "في جلسة الحوار سنخوض معركة الحفاظ على الدستور وتحقيق انتخاب رئيس جمهورية"، مضيفا "سنخوضها وجها لوجه مع الذين يعطلون النصاب". واضاف "هذه الحكومة غير قادرة على تلبية مطالب اللبنانيين"، معتبرا ان مشاركة حزبه فيها "كابوس". في المقابل، دعا النائب ميشال عون، احد اقطاب الحوار والممثل كذلك في الحكومة، الى "انتخاب رئيس من الشعب مباشرة"، او اجراء انتخابات نيابية وفق قانون جديد يعتمد النسبية. ويتطلب الاقتراح الاول تعديلا دستوريا، بينما يتطلب الاقتراح الثاني اجتماع مجلس النواب المعطل بدوره بسبب الازمة. واكد عون ان "لا احد راض عن الحكومة"، مضيفا "يجب ان تكون لدينا القدرة على حل المشاكل بشكل عادل والا سنصل الى فشل ذريع". ويقاطع حزب القوات اللبنانية جلسة الحوار اليوم لانه "مضيعة للوقت"، بحسب قول رئيسه سمير جعجع قبل ايام. واشار جعجع الى ان لبنان شهد خلال السنوات الماضية اكثر من خمسين جولة حوار وطني خرجت بقرارات لم تنفذ. وسبق لحزب القوات ان رفض المشاركة في الحكومة لدى تشكيلها في فبراير 2014. في هذا الوقت، افاد مصدر في مكتب رئيس الحكومة تمام سلام وكالة فرانس برس ان هذا الاخير تلقى مساء الثلاثاء اتصالا هاتفيا من وزير الخارجية الاميركي جون كيري. وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية الاميركية ان كيري شدد في الاتصال الهاتفي على "ضرورة ان يلتئم البرلمان اللبناني وينتخب رئيسا في اسرع وقت ممكن بما يتناسب مع دستور لبنان وميثاقه الوطني".

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه