2015-10-10 

فضلاً الاختيار: حياة أو موت!

محمد اليامي

هل مللتم القراءة عن قاتل ابن عمه؟ هل تتساءلون لماذا لا يمل الكتاب من إعادة الحديث عن طلب الاستغاثة الذي وجهه الشهيد الضحية لابن عمه قبل أن يقتله المتمثل في كلمة « تكفى»؟ ربما أحد أسباب سهولة تجنيد الإرهابيين أنهم ملوا، وتعاطوا المخدرات كثيراً كما أحسب أنا شخصياً، فسهل عزلهم الفيزيائي، ثم الذهني الفكري، فبات بين حبوب هلوسة، وكوكايين العظمة الزائفة، وجهاز كومبيوتر فتاه في أروقة الجنة المزعومة وصولاً إلى الجحيم. لغير الخليجيين فإن «تكفى» في المحكية الخليجية إجمالاً تعني «أرجوك»، أو هي رجاء شديد مع لجوء كامل إلى الشخص الذي تقولها له، وهي إلى زمن قريب اتسمت بالفروسية والنبل والشهامة، كانت كما يقول السعوديون تهز الرجل، تتغلغل في كيانه فلا يملك إلا الاستجابة، لذا أزعم أن التخدير يمارس ليس فقط فكرياً وذهنياً، لا بد معه من تخدير بيولوجي حقيقي بتعاطي كثير من الأشياء، تعاطيها المحلل على رغم تحريمه، فمن يحلل قتل النفس، وقتل الأهل والأقارب، لا بد أنه يحلل المخدرات، كما حلل الزنا مثلاً تحت ذريعة السبي وملك اليمين. لن أقول إن السعوديين في صدمة مما جرى، فلقد رأوا عياناً على أرض الواقع، وفي الدراما، وفي أراضي التخلف المزعومة أنها خلاقة إسلامية ما هو أشد وأنكى، السعوديون فقط هالهم الشرخ في جدار فكرة عريقة عن النخوة، وانهيار حلم الأخلاق العربية، إذ كان الرجل يجير حتى قاتل ابنه إذا استجار به، لقد عرفوا اليوم أن الحرب عليهم ذهبت إلى عمقهم الثقافي الوجداني، فالقتل تنوع وأصبح مجانياً عند أنصار التخلف والمتخلف البغدادي، أو هو اليهودي، أو هو مجرد ربيب حروب وارتزاق. الزملاء كتبوا كثيراً عن «تكفى»، ولعلنا هنا نوجهها إلى أنفسنا، ليس فقط للدعوة الروتينية للأسرة أن تراقب أبناءها! من منكم اليوم يستطيع إحكام الرقابة على مراهق؟ ربما تكون هذه الرقابة سبباً في تسهيل مهمة من يريد تجنيده، فكل رقيب يريد استقامة من يراقبه، والاستقامة يتم ربطها بمظهر ديني، وهذا المظهر بأشخاص معينين، ربما كان ذلك كتسليم الشاة للذئب. إننا بحاجة أكثر إلى استقامة الأرواح واطمئنانها، فمن الواضح أن مثل هذا القاتل مضطرب الروح، بعد اضطراب عقله. أحسبنا بحاجة إلى مزيد من رقابة الفضاء العام حولنا، أن نضع أنفسنا في مكان مراهق أو شاب في هذه السن؟ ولنرى خيارات الحياة والترفيه، والتحدي، والحماس المتاحة اجتماعياً، والمقرة من دون نقد اجتماعي يرتكز على إرث معظمه قبلي، ها هو اليوم يسقط مع قتل ابن القبيلة لابن عمه الذي استجار به، أو «انتخى» به كما نقول في ثقافة القبيلة وطبيعة علاقاتها. لن يفيدنا كثيراً أن نعظ على صفحات الصحف موجهين كلاماً يعرفه من يقرأ، وأن نعظ على المنابر بازدواجية أو بسياسة «لكن» المموهة للحقائق سيزيد مشكلتنا، ويستحيل أن نراقب الإنترنت لكل إنسان، لكن ما يجب أن نراهن عليه هو جعل الحياة الخيار الأول قبل الموت، فكيف نصنع للوصول إلى ذلك؟ نقلا عن الحياة

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه