2015-10-10 

وعي الرأي.. ومراهقة التفكير

أيمـن الـحـمـاد

الوعي المجتمعي حالة تنم عن نضوج بلغت بذلك المجتمع أو تلك الأمة مرحلة غدتْ بها تزن الأمور والأحداث بميزان العقل والمنطق، بعد أن حيّدت عواطفها وأهواءها في مهمة اتخاذ القرار أو الحكم؛ فغدا ذلك المجتمع في حالة يمكن الاعتماد عليه.. لا يمكن أن تعصف به رياح أو تربكه زوابع، مهما بلغت سرعتها، وشدتها وصرصرت أمام باب ذلك المجتمع، فالحكم يومئذ للوعي والحكمة والتأني، لكنّ تلك المرحلة التي نصفها هنا، لا يمكن أن تكون شاملة بمعنى أن يكون المجتمع عن بكرة أبيه أو جُلّه يعي ويفهم ويدرك بل إنها حالة نسبية وظرفية، وكلما اشتد الظرف وتصرّفَ المجتمع بوعي جازَ لنا أن ننعته بالواعي. المعرفة هي زاد الوعي فكلما ازداد علمنا ومعرفتنا واطلاعنا وتأملنا وانتقاؤنا أصبح لدينا ذلك الوعي المكتمل الحقيقي والعكس صحيح. إن ما يعترضنا اليوم في المستوى المحلي والدولي من أحداث وتحولات تدفعنا لتوسل الوعي كحائط يحول بيننا وبين ردات فعل يغلب عليها الجهل والتسرع والطيش. في المشهد العام يمر بنا ما يختبر وعينا، وبين متفاعل متزن وآخر طائش أو جاهل يمكن أن نصدر الحكم على أنفسنا، فالبعض عن جهل أو علم أصبح جزءاً من ماكينة عملُها تكريس اللاوعي وترويجه عبر تصرفات وأفعال تفتقد الحكمة والروية، بالرغم أن زاد الوعي وهو هنا كما أسلفنا يكمن في المعرفة وفي بعض الأحيان تأتي المعرفة والخبرة سوياً لكن يفشل المجتمع أو قادة رأيه -الذين يفترض بهم ذلك- فلا يصمدون ولا يستحضرون دروس ماضيهم بل يدفعون العوام باتجاه تصرف لا يعبر عن وعي أو إدراك حقيقي، والأدهى أن يظن هؤلاء كلهم أنهم واعون وهنا مكمن الخطورة. الحقيقة أن إثبات الوعي على المستوى الفردي أو الجمعي يستوجب استيعاب دروس الماضي واستحضار خبرات الأمس، وتكوينها في فعل يدل على عمق وبعد نظر، لا أن يصبح رأينا مراهقاً يحمل صفات النزق والانفعال وفقد الخبرة. لا يمكن أن نتصور كيف ينقذ الوعي المجتمعات من انحرافات كبيرة في مسيرتها الوطنية والثقافية والاجتماعية، فكل المجتمعات حتى الناضجة منها تذهب في لحظة ما إلى حالة من اللاتوازن لكنها لا تلبث إلا أن تعاود مسك العصا من الوسط وهذا عين الحكمة.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه