مستقبل قوات حفظ السلام في ظل العنف الداعشي

من القاهرة، عياء علي

أثار ادعاء تنظيم "محافظة سيناء" التابع لدعش مسؤوليته عن اسقاط طائرة الركاب الروسية فوق شبة جزيرة سيناء منذ أيام التساؤلات بشأن قوة التنظيم ومدى تهديدهم  لقوات حفظ السلام.

ورغم نفي كل من موسكو والقاهرة وجود صلة للإرهابيين بسقوط الطائرة، مدّعّيتان أن طائرة الركاب واجهت مشاكل في البداية على علو 30,000  قدم، وهو ارتفاع يتجاوز قدرات أنظمة الأسلحة أرض-جو التي تملكها "محافظة سيناء."

 

وفي حين أن هذا التقييم عن الترسانة المحلية لفرع تنظيم داعش في سيناء قد يكون صحيحاً، إلا أنّه ليس هناك ما يدعو إلى التفاؤل. فحالياً، تنشر "محافظة سيناء" "أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف" فضلاً عن الأسلحة المتطورة المضادة للدبابات، التي تشكل تحدياً فتاكاً على نحو متزايد لأمن مصر في شبه الجزيرة.

 

ويؤكد ديفيد شينكر مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن أن التهديد الذي يشكّله تنظيم داعش في سيناء يتجاوز أهداف الحكومة والمناطق السياحية المصرية فالهجمات المتكررة للتنظيم والبيئة الأمنية الخطيرة على نحو متزايد في سيناء في السنوات الأخيرة، دفع إدارة أوباما إلى إعادة النظر في نشر «القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون» بهدف سحب الوحدات الأمريكية منها حيث بدأ القلق يساورها على سلامة القوات الأمريكية المتمركزة في سيناء.

 

وأضاف "في الآونة الأخيرة وجدت قوات «القوة المتعددة الجنسيات» على نحو متزايد بأنها معرضة للخطر ففي اغسطس الماضي أصيب عن جرح 6 جنود - أربعة أمريكيين واثنين من فيجي - تابعين لـقوات حفظ السلام، إثر انفجار عبوة ناسفة يدوية زرعها التنظيم في شبه جزيرة سيناء.

 

وفي يونيو الماضي ، تم قصف مطار «القوة المتعددة الجنسيات» المجاور لـ "المعسكر الشمالي"، وفي أغسطس 2014، تم إطلاق النار على أحد أفراد الوحدة الأمريكية وإصابته بجراح من قبل مسلح مجهول بالقرب من المعسكر.

 

وقبل عامين قامت مجموعة من البدو بمهاجمة "المعسكر الشمالي" لـ «القوة المتعددة الجنسيات» واختراقه واجتياحه، بإطلاقها نيران أسلحة آلية وقذفها قنابل يدوية، مما أسفر عن إصابة أربعة من قوات حفظ السلام قبل أن يتم التفاوض على انسحابها.

 

ويقول شينكر : حتى قبل تدهور الوضع الأمني الحالي، شهدت «القوة المتعددة الجنسيات» وقوع إصابات في صفوفها. ففي عام 2007، على سبيل المثال، تحطمت طائرة تابعة لوحدة ثابتة الجناح في «القوة المتعددة الجنسيات» في سيناء، وأسفر الحادث عن مقتل ثمانية فرنسيين وجندياً كندياً. إلا أنه خلال ثلاثة وثلاثين عاماً، لم تقع «القوة المتعددة الجنسيات» تحت وطأة النيران إلا على نحو دوري فقط.

 

وأشار مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن  إلى فشل الجكومة المصرية في احتواء العنف، على الرغم من أن القاهرة قد نشرت الآلاف من القوات الإضافية والمعدات الثقيلة - بما فيها مقاتلات من طراز " F-16" ومروحيات هجومية من طراز "أباتشي" - في سيناء، فقد قُتل حتى الآن أكثر من 1000 جندي وشرطي مصري في شبه الجزيرة، من بينهم أربعة وستين جندياً قتلوا في يوم واحد فقط في الصيف الماضي. وفي العام الماضي، أسقط متشددون إسلاميون مروحية عسكرية مصرية فوق صحراء سيناء. وفي يوليو الماضي، أغرقوا سفينة دورية تابعة للبحرية قبالة الساحل المصري. وفي أغسطس 2013، استهدف هؤلاء الإرهابيين سفينة كانت تعبر قناة السويس بقذيفة صاروخية.

 

ويوضح شينكر أنه في الوقت نفسه، وحيث ينمو التمرد الذي يقوده تنظيم «داعش» في سيناء، فإن الأمر سيان بالنسبة إلى التهديد الذي تشكله هذه الجماعة لـ «القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون» ومهمتها. وحالياً، ترافق أرتال مدرعة مصرية دوريات «القوة المتعددة الجنسيات»، وقد قلصت «القوة» من عملياتها الجوية، كما تحد من نشرالمراقبين في المناطق النائية.

 

وتابع على الرغم من هذه القيود، لا تزال القوات الأمريكية تشكل عاملاً حاسماً، فرحيل الوحدة الأمريكية سوف لا يؤدي حتماً إلى انهيار «القوة المتعددة الجنسيات» فحسب، بل سيؤكد تقليص التزام واشنطن لحلفائها في المنطقة الأمر الذي سيوفر نصراً معنوياً وعملياتياً كبيراً لـ تنظيم داعش في الوقت غير المناسب تماماً. وستعارض مصر وإسرائيل هذا القرار أيضاً، وستتعاونان على الأرجح لوضع حد له.

 

ودعا شينكر الإدارة الأميركية إلى التراجع عن محاولة تقليص جنودها واستبدال ذلك بتوفير ما يسمى بـ المركبات المدرعة "المقاومة للألغام المحمية من الكمائن" للوحدات الأمريكية التابعة لـحفط السلام ، والنظر في تعديل إجراءات الرصد الحالي لـ «القوة المتعددة الجنسيات» لتشمل نشر المزيد من الأدوات المستترة وأدوات المواجهة مثل طائرات الاستطلاع بدون طيار.

 

وأضاف "ينبغي على واشنطن الضغط أيضاً على مصر لقبول التدريب التي توفره الولايات المتحدة لمكافحة التمرد واعتماد تكتيكات مكافحة التمرد الحديثة للمساعدة في دحر مكاسب تنظيم داعش في سيناء"

 

وأوضح أنه "في الوقت الذي يُحرز تنظيم داعش تقدماً ثابتاً، تُعتبر معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية واحدة من آخر ما تبقى من إنجازات سياسة واشنطن الإقليمية، قائلا: ونظراً لهشاشة هذا السلام، فإن التزام الولايات المتحدة المستمر عبر وجود «القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون» لضمان استمرار "اتفاقيات كامب ديفيد" هو الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى.

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه